تعيش مئات العائلات حياة اللاأمن خلال هذا الفصل بفعل تهديد الأودية لهم خصوصا أمام تزايد التساقطات المطرية التي أحيت الأودية الجافة من جديد بعد أكثر من 10 سنوات من الجفاف. ولعل ما عاشته منطقتا صوة وحمام بوغرارة خلال اليومين الماضيين وكذا منطقة أوزيدان خلال الشهر الماضي، حيث خلفت سيول وادي أوزيدان مقتل شخص وتشريد 13 آخرين، هذا ولاتزال مصالح الحماية المدنية تراقب مئات الأحياء التي أغلبها فوضوي حديث النشأة جدير بدق ناقوس الخطر. العشرية السوداء وراء زحف السكان والإقامة بالأودية أجمعت جل المصالح الادارية للبلديات المعنية بفيضانات الأودية أن أغلب العائلات المهددة بها هي عائلات مستقرة بأحياء قصديرية وسكنات فوضوية أرغمتهم الظروف الاجتماعية والساسية للبلاد على الاستقرار بهذه المناطق الخطرة، خصوصا في الفترة الممتدة ما بين 1991 إلى 1998 حيث أرغم الإرهاب مئات العائلات على هجرة بيوتهم والاستقرار بالمناطق الفارغة بالمدن والتي غالبا ما تكون مجاري مائية جافة بفعل موجة الجفاف التي تزامنت مع الوضعية السياسية للبلاد، كما أن الإدارات بما فيها مديريات البناء والبلديات ومصالح الدوائر والولاية لم تكن مهتمة بمراقبة توسع البناء وإقامة أحياء في مناطق خطرة بقدر ما كانت مهتمة بالوضع الأمني والطرق المثلى لحماية الممتلكات الوطنية ومحاولة جلب السكان وحمايتهم من أجل كسر شوكة الارهاب ومنع المؤن عليه. لكن رغم تخصيص البلديات ''كوطات'' سكنية للقضاء على هذه السكنات لكن البزنسة وعدم اتباع طرق مثلى في التوزيع جعل الظاهرة تتفاقم عوض التقلص، الأمر الذي عاد بالسلب على كل الأطراف بعد التقلبات الجوية وعودة الأمطار خلال مواسم 2007 / .2008 وادي الناموس بالرمشي مهدد بالفيضان إن الزائر لدائرة الرمشي 25 كلم شمال مدينة تلمسان ليسمع الكثير عن حي وادي الناموس القصديري الذي يتوسط الواجهة الشمالية لمدخل المدينة، سمي بهذا الاسم نسبة إلى كثرة الباعوض به لكون المنطقة مصبا للمياه القذرة المستعملة من طرف السكان الذين يزيد عددهم عن 30 ألف نسمة، جعل سكان هذا الحي القصديري الذي يزيد عدد سكانه عن 500 كوخ أغلبهم أقيم ما بين 1991 و1995 مهددين بالموت سواء بفيضانات هذا الوادي الذي هو مجرى مائي ومفرغ للمياه القذرة أو بالموت بالأوبئة خصوصا في فصل الصيف، حيث تصبح المنطقة خطرا حقيقيا، وما زاد من الخطورة ضعفين هو استعمال سكان الحي للمياه القذرة لسقي منتوجات فلاحية موجهة للاستهلاك. يحدث هذا أمام صمت السلطات البلدية ومكتب مراقبة النظافة للبلدية، هذا وقد رفعت مصالح الحماية المدنية عشرات التقارير إلى السلطات العليا بغية إيجاد حل لسكان حي وادي الناموس قبل أن يتحول إلى مقبرة جماعية خصوصا إذا ما ارتفعت نسبة التساقط بالمنطقة. وادي سبدو يقطع المدينة إلى شقين و1000 عائلة تحت رحمته وفي المنطقة الجنوبية لولاية تلمسان تعيش مئات العائلات تحت رحمة الأودية خلال فصل الشتاء، خصوصا وأنها تعرف نسبة تساقط كبيرة، ولعل وادي زيج الذي يفصل مدينة سبدو يعد أكبر الأخطار، حيث نجد أن نسبة التساقط الأخيرة أرهقت كاهل السلطات المحلية بفعل فيضانات الوادي، مما أجبر مصالح البلدية على ترحيل 40 عائلة منكوبة إلى حي الدالية الجديد، فيما تم إحصاء 1000 عائلة متضررة بفيضان وادي زيج الذي اجتاحت مياهه المساكن والمحلات التجارية، مخلفة خسائر مالية معتبرة، كما قطعت الطرق والمررات. وما زاد من خطورة هذا الوادي هو إقدام السلطات المحلية على تلبيس قعر الوادي وجوانبه بالاسمنت المسلح لتفادي توسعه وبالتالي يرتفع منسوب مياهه نحو الأعلى محدثا كوارث طبيعية التي غالبا ما تكون خطيرة جدا بالمناطق الجنوبية، حيث تكثر فيه المياه الصحراوية النائمة على غرار وادي العريشة الذي خلف كوارث طبيعية كبيرة خلال التساقطات المطربة الأخيرة، مما ألزم السلطات تصنيف 80 عائلة من الحي كمنطقة منكوبة، كما أسفرت فيضانات الأودية والشعاب جنوب أولاد ميمون على إحصاء عشرات العائلات بمنطقة مرباح عائلات منكوبة بسبب اجتياح المياه منازلهم. وادي تافنة أكبر الأخطار وعدة مساكن على حوافه مهددة بالانهيار يعتير وادي تافنة أحد أكبر الأودية على المستوى الوطني، إذ يمتد على مسافة 170 كلم، منها 150 بتراب ولاية تلمسان، مما جعله يمر عبر عدة تجمعات سكانية خصوصا بعد أن دفعت مرحلة اللاأمن خلال فترة التسعينيات بعض العائلات إلى البناء على حوافه، حيث أصبحت فيضانات الوادي تجر معها المآسي لمئات العائلات، حيث تسببت الأمطار الأخيرة في فصل منطقة البويهي عن سيدي الجيلالي عازلة عشرات الرعاة ممن نجوا، وقضوا عدة أيام يصارعون الموت جوعا وعطشا، كما خلف الفيضان نفوق مئات الرؤوس من الحيوانات الأليفة خصوصا الأغنام والماعز والأبقار. وبمنطقة مفنية اجتاح الوادي بلدية حمام بوغرارة حيث خلف هذه المرة قتيلا وعشرات العائلات المصنفة منكوبة، كما زاد وجود السد بمرتفع عن التجمع السكني من الخطورة، خصوصا وأن احتمالات الانفجار للسد تضاعفت بعفل تفجيرات الشركة الصينية التي تشرف على إنجاز الطريق السيار ''شرق - غرب''. وغير بعيد عن حمام بوغرارة نجد قرية الإخوة مقلش التابعة لبلدية عين فتاح التي بدورها تبقى غير بعيدة عن خطر هذا الوادي. وبمنطقة الرمشي تعتبر قرشي القواسير وبورواحة عبد السلام الأكثر تضررا من فيضانات هذا الوادي والتي أضحت خلال هذه الأيام تهدد بفصل المناطق الحدودية عن باقي المناطق بفعل اجتياح الوادي الطرق الوطنية رقم 07 و22 و35 و,98 زيادة عن عدد هام من الطرق الولائية والبلدية والمسالك خصوصا وأن هذا الوادي مدعم بعدد هام من الروافد من الشعاب والأودية. روافد تافنة تهدد سكان القرى والمداشر يحوز وادي تفانة على عشرات الروافد على غرار وادي دحمان الذي يصب في واد تافنة وينبع من جبال تاجرة وبني وارسوس الحجرية، وفي طريقه يهدد هذا الوادي مئات العائلات بقريتي دحمان وسيدي بونوار، هذه الأخيرة التي تحولت في السنين الماضية مهجرا للعائلات الفارة من جماعات الموت من بلديات هنين وبني وارسوس، فاستغلت هذه العائلات سنين القحط والجفاف وغياب الدولة التي كانت في منأى عن هذا الوضع لتشيد مئات البيوت على ضفاف الوادي، غير مبالية بالأخطار التي أضحت تهدد حياتهم بعد ارتفاع مياه الوادي. أما وادي بوكيو بدوره فأضحى يهدد حياة سكان قرية بوكيو وساهم في تهديد حياة سكان القواسير. ومن جهته وادي سكاك وسير، فهما يهددان اوزيدان من مصبهما، حيث سبق وأن خلف فيضان هذا الوادي قتيلا و13 جريحا. أما بهنين فنجد أن الوادي التاريخي العابر للمدينة أصبح أكثر خطورة خصوصا بعد إقدام السلطات المحلية على تلبيسه دون مراعاة توسيعه، خصوصا وأنه يحوي انحدارا يزيد عن 80٪ من جبال تاجرة، مما ضاعف الخطر على المباني المجاورة للوادي. وبغرب الولاية وخصوصا مغنية نجد وادي واردفو ووادي جورجي أكبر خطرا على المدينة نظرا لحملهما مياها من جيراننا المغاربة، حيث أدت فيضانات الوادي الفاصل لمغنية إلى مقتل أحد الأشخاص وتشريد العشرات بمناطق البطيم، مغنية، ولقفاف التي يمر بها الوادي الذي إضافة إلى خطره شتاء فهو يشكل خطورة صيفا بفعل المياه القذرة وفضلات المصانع السامة وذات الرائحة الكريهة التي أصبحت تؤرق سكان الأحياء المجاورة. وادي العباس خطر مغربي يجتاح الجزائر إن الزائر للمناطق الحدودية في المناطق الفاصلة ما بين قريتي أمغاغة والبطيم يفاجئه ذلك السد العرمرم المقام على الحدود لتصفية مياه وادي العباس الذي يأتي محملا بقناطير من السموم المغربية، لكن الأكثرمن ذلك أن هذا الوادي الذي رغم الحاجز الموجود على الحدود، صار يشكل خطرا كلما ارتفع منسوب مياهه سواء على الأراضي الفلاحية بفعل المواد السامة الموجودة به والتي تقضي على المنتوجات الزراعية وتمنع أي أرض اجتاحها وادي العباس من الإنبات مجددا أو من حيث تهديد حياة سكان مغنية وقرية البطيم بفعل الفيضان.