سيناريو الكوارث التي تخلفها الفيضانات مرشح يتكرر بالمدن النائمة على وديان أخرى بالجزائر، وقد حصل من قبل مع مدن شمال البلاد كفيضانات باب الوادي بالعاصمة سنة ,2001 ليحدث اليوم بغرداية بوادي ميزاب وهو مرشح بمناطق أخرى من الوطن باعتبارها مشيدة على ضفاف الأودية النائمة حيث تشكل بمجاريها كوارث مؤكدة ستحصل متى كانت الأمطار غزيرة، فالعاصمة مثلا ما زالت بوديانها التسعة النائمة في قلبها وعلى حوافها تجعل منها منطقة فيضية لتبقي البنايات وسكانها في حالة خطر كبير في حال سيول الفيضانات حيث يتمركز الخطر أكثر بكل من وادي الحميز والحراش، باب الوادى خاصة مع ما يعرفه العالم حاليا من تغيرات مناخية مخيفة تجعلها تعيش تحديات خطيرة. حقيقة أكدها لنا الخبير آيت عمارة أحسن مدير التطهير والبيئة بوزارة الموارد المائية ل'' الشعب ''، حيث قال ''توجد العديد من المناطق في الجزائر ترقد فوق أراضي فيضية مياهها الجوفية قريبة من السطح وآخرون بالقرب من الوادي مشكلة خطرا كبيرا عليهم ومثل المدن المهددة بكوارث الفيضانات يوجد في كل جهات الجزائر، شمالها وجنوبها وصحرائها، حيث يؤكد السيدآيت عمارة أيضا أن كل الوديان التي ترقد في الجزائر مرشحة بأن تتحرك في حال الأمطار الغزيرة ويمكن ذكر كل الوديان النائمة في العاصمة مثل وادي بني مسوس، الحراش، واد كنيس، واد أوشايح والحميز، وادي حيدرة، باب الوادي وغيرها ويوجد مثلها في كل مناطق الوطن بما فيها منطقة الصحراء، التي يبحث سكانها فيها على الجو المعتدل والرطوبة وسط الحر في الجنوب، وبالتالي نجد التجمعات السكانية تنشأ في الواحات وعلى ضفاف الأودية حتى وإن كانت هذه جافة بفعل الجفاف وانعدام التساقط، لكن ما يتناساه الجميع هو أن الوادي يعود إلى مجراه بمجرد اشتداد التساقط'' ما يعني حسبه أن ''تلك المدن مهددة بالاندثار مثلها مثل تلك المحاذية للبراكين. فإذا كانت العشريات الثلاثة الماضية قد عرفت جفافا اثر دورة مناخية جافة، فالتغير الذي يشهده العالم حاليا هو دورة ممطرة شملت مختلف مناطق العالم ولم تخص الجزائر لوحدها، لذلك يؤكد الخبير على ضرورة حساب كل هذه المتغيرات عند البناء والتشييد، قبل أن تتدخل المصالح المختصة للإنقاذ وحساب الخسائر، واستنادا إلى الفيضانات التي وقعت من قبل على مستوى الجزائر تم تحديد الولايات الأكثر عرضة للفيضانات وهي كل من الشلف،الاغواط، بجاية، بسكرة، النعامة، سكيكدة، مستغانم، معسكر، عنابة، تبسة، بشار والجزائر العاصمة. أما عن فيضانات غرداية فيقول إن المنطقة التي تضررت في غرداية هي المنطقة القديمة المشيدة منذ قرن أو قرنين، وهي التي أدخل السكان على نسيجها العمراني الأصلي تعديلات أضحت مضرّة بالعمران، أما توسيع المدينةالجديدة نحو الأعالي فاتضح أنه مدروس ويخضع للمقاييس والمخططات العمرانية التي تأخذ بعين الاعتبار الارتفاع عن مستوى سطح المياه، حتى وإن كانت المنطقة جافة، حيث اعتمد ارتفاع 100م وهذا لا يمكن أن تبلغه المياه المندفعة مهما بلغت سرعتها، وفي ذلك يجب أن يحسب عامل التغير المناخي الذي يشهد دورات مختلفة عبر الزمن، كما أكد أن الكارثة كانت ستكون أكبر والخسائر أعظم بغرداية لولا التهيئة التي أجريت على وادي ميزاب، لأنه لا يمكن لأي بناية أن تصمد في وجه السيول التي تندفع بسرعة 900 م3 في الثانية مثلما حدث خلال فيضانات غرداية. أما فيضانات باب الوادي قال أن العوامل التي زادت من حدة الكارثة بهذه الخطورة هي الموقع الحضري لهذه المنطقة اي ساهم في وقوع الكارثة بشكل كبير ناهيك عن حدة الانحدار التي أدت إلى سرعة السيول المائية حيث أكد ذات المسؤول أن سبب كارث باب الوادي لاتكمن فقط في امتلاء قنوات صرف المياه وكمية الامطار الكبيرة بل راجع أيضا إلى بنايات عشوائية مشيدة وغير قانونية والتي كانت تتمركز على المنحدرات، مغيرة بذالك المجرى الطبيعي للمياه إضافة إلى الكثافة السكنية المرتفعة والأزقة الضيقة، دون أن ننسى أهم عامل المتمثل في كونها بنايات مشيدة في وسط وادى جفت مياهه، ناهيك على أنها تتميز بطابع معماري غير موجود، الذي من شأنه تشويه الفضاء البنائي كما أدى تشييدها أيضا إلى قطع الأشجار في الكثير من المرات من جذورها مما تسبب في كارثة أكبر تتمثل في انجراف التربة بالمنطقة إلا أن هذه العوامل لاتفسر كل الضرر الذي قد يتسبب فيه هذا النوع من البناء غير المتحكم فيه والذي تعرفه معظم ولايات الوطن فالخطر مايزال أكبر ان لم نوقف البناء على مستوى هذه المواقع . 15 ألف عائلة بالعاصمة فقط وتضاعفت في الفترة الأخيرة تخوفات المواطنين حول الظاهرة التي طفت مؤخرا على السطح والخاصة بظاهرة الفيضانات التي تجتاح مناطق مختلفة من الوطن وماتخلفه على الكثير من العائلات التي تتمركز بناياتها على حافة شريط ساحل الاودية وببناء حضري غير متحكم فيه نظر لنقص الدراسات الجيوتقنية في البناء فالعديد من العائلات الجزائرية تتساءل اليوم عن مصيرها أمام الخطر المحدق بحياتهم، نتيجة تواجد سكناتها فوق أرضية فيضية مياهها الجوفية قريبة من السطح وآخرون بالقرب من الوادى، مما تشكل خطرا كبيرا على صحتهم، فحسب مصادر مطلعة من الحماية المدنية أكثر من 15 ألف عائلة بالعاصمة تشهد الأزمة ولعل أخطر هذه الحالات هي تلك العائلات التي تتمركز سكناتها بالقرب من وادي الحراش وباب الوادي وواد الحميز . وتعيش أكثر من 80 ألف عائلة في خطر عبر القطر الوطني نتيجة تواجد سكناتها فوق أراضي فيضية مياهها الجوفية قريبة من السطح تشكل خطرا كبيرا على حياتها اليومية خاصة في فصل الشتاء فالبعض منها مبنية بطريقة غير شرعية ودون إمتلاك رخص بناء فيما نجد سكنات أخرى منها مشيدة بوثائق رسمية وبرخص بناء قانونية موقع عليها من طرف مسؤولي السلطات المحلية تتمركز خاصة بالقرب من الوديان وهذا في ظل تجاهل هؤلاء السكان لأخطار محدقة مهددة لأرواحهم في حالة تساقط كمية معتبرة من الأمطار، والتي قد تتسبب في هلاك العديد من الأرواح وهذا ما لمسناه من خلال فيضانات باب الوادي التي خلفت الآلاف من القتلى وإتلاف العديد من الممتلكات، وحسب ذات المصدر يشهد الوطن حالة كبيرة من انتشار مثل هذه المدن وأخرى متواجدة على طول شريط ساحل الأودية مثلما هو الحال بسيدي بلعباس وبرج بوعريريج، وتسجل ولاية تبسة أكثر هذه المنازل الفيضية بحوالي 17236 منزل و16261 بباتنة و7772 بعين الدفلى و4929 بالنعامة و2710 بتيبازة و3075 بالمدية و999 بأم البواقي و3083 بالاغواط و2248 بالشلف و1438ب البويرة و1159 بتمنراست و06 بولاية وهران و766 بالوادي و1340 بتسمسيلت و2370 بالطارف و1633 بمستغانم و04 أحياء متمركزة وسط المدينة أما ولاية جيجل في بدورها تشهد ذات المشكل حيث سجل على مستواها حوالي 47 بيتا و05 مناطق تشهد خطرا كبيرا فيما سجلت عين تموشنت 14 منطقة فيضية متمركزة عبر مختلف أرجاء الولاية. سعيدة تعرف بدورها الخطر من خلال تمركز 09 أحياء على ضفاف الأودية كما تعرف معظم بلديات ولاية سوق أهراس ووهران 06 أحياء وعنابة ب 30 موقع والمدية 3075 والوادي 766 بيت وميلة ب 1663 بيت عين تموشنت ب14 منطقة تعرف مختلف المجاري المائية أما غليزان خطر الفيضانات يحاصر حوالي 350 بيت والجلفة 784 بيتا وولاية سطيف 1261 وقالمة 360 بيتا وسعيدة 976 و09 أحياء تعيش كلها مع خطر الفيضانات، فيما تبقى تسجل باقي ولايات الوطن الخطر ذاته، حسبما جاء في وثيقة للحماية المدنية تحصلت'' الشعب'' على نسخة منها . ودعت الحماية المدنية المواطنين إلى ''توخي الحيطة والحذر'' من الفيضانات الموسمية للأودية والمجاري المائية الذي يؤدي ارتفاع منسوبها إلى ''سيول جارفة ومباغتة تترتب عنها خسائر بشرية ومادية''، وأوضحت المديرية العامة للحماية المدنية انه ينبغي على المواطنين تفادي أي مخاطر بسبب هذه الفيضانات ''الابتعاد عن مجاري الوديان وعدم اللجوء للإحتماء تحت الجسور وعدم المغامرة بقطع المجاري المائية مشيا أو على متن السيارات وذلك لعدم تعريض حياتهم للخطر'' . سكان حي الدهاليز والحميز متخوفون وفي رصدنا لبعض آراء المواطنين بحي الدهاليز01 ودهاليز 02 ودهاليز 03 ووادي الحميز الذي يحدق الخطر بهم أكدوا لنا أن قطعة الأرض التي شيدوا عليها سكناتهم المبنية بطريقة عصرية هي ملك للبلدية التي رخصت لهم البناء عليها سنة 1987رغم ادراكها أنها غير صالحة للبناء نظر لقرب المياه الجوفية من السطح مما يؤدي تعرضها للفيضانات في حال تساقط أدنى قدر من الأمطار التي تغزو المنطقة من حين إلى آخر، وهذا يعود حسبهم الى القانون البلدي، الذي يخول لرئيس المجلس الشعبي البلدي في تلك العهدة الى منح ترخيص بناء دون الرجوع إلى المصالح التقنية، وعلى رأسها مديرية السكن التي تعاين المنطقة وتصرح بالبناء بعد تأكدها أنها تراعي كل شروط البناء وسلامة الموطن . وأضاف السكان قائلين بأنه أصبح اهتمامنا اليوم منصب في مجال رصد الأحوال الجوية خوفا وتأهبا لكارثة تضاهي وقد تفوق تلك التي ذهبت بغرداية وأبنائها وهذا لا لشيء لكن لأننا قاطنون ومستقرون على ضفاف أنهار مختلفة، ساكنة وهادئة منذ سنين لكنها قد ترقد لسنوات عديدة وتستيقظ، هذه التخوفات ليست حديثة بل دفينة لأن مشاغل الدنيا تلهينا، فالمواطن بطبعه ينسى ولكن كيف ينسى اليوم بعد أن رأى ما حل بغرداية، وكيف سننام وناقوس الخطر يدق ويدق الآلاف المرات . هي تساؤلات تجول في أذهان المواطنين الذي كان ذنبهم الوحيد هو الموافقة على الارضية التى منحتها إياهم مصالح البلدية لبناء سكناتهم فماذا سيحل بهذه المواقع إذا صحت وديانها بعد هذا الركود ؟ ولكن هذه التساؤلات تحيلنل للتسائل عن ماسيكون عليه مصير سكانها في حالة استيقاظ هذه الأودية النائمة ؟ قد نجيب بسؤال أكثر جدي لماذا إستوطن هؤلاء على ضفاف الوديان رغم علمهم بما قد ينجم من أخطار عنها ؟ كيف ترك المسؤولون وسمح لهم بالبناء في هذه المواقع؟ فتجاهل مصالح البلدية لهذا الامر قد يفسر تلك الأخطار المحدقة بهذه العائلات التي تعيش تحديات أمنية خطيرة مما يستدعي وجوب إعادة النظر في القانون البلدي لتفادى انتشار الظاهرة أكثر مما هي عليه، ولعل أخطر من ذلك هي بناء مدرسة ابتدائية على حافة وادي الحراش بحي الدهاليز 03 التي ترشح المنطقة الى تسجيل كارثة كبيرة في حال وقع فيضانات بهذا الحي وفي الفترة الدراسية . كما طرح المواطنين مشكل نظافة هذه الاودية التي باتت تنبعث منها روائح جد كريهة مشكلة خطرا على صحة المواطنين خاصة وأن الكثير من المؤسسات ترمي فضلاتها بالوادى مما يزيد من حدة الروائح مؤكدين أنها لم تعرف عملية تنظيف، كما أنها لم تعرف يوم عملية تهيئة من شأنها أن تجعل المنطقة في مأمن عن الفيضانات.