تملك الجزائر جميع الإمكانات الضرورية لتجسيد برنامج تجديد الاقتصاد الفلاحي والريفي -حسب وزير الفلاحة والتنمية الريفية رشيد بن عيسى-، واتخذت من خلال هذه السياسة إجراءات لمواجهة الأزمة العالمية التي تعتبر بمثابة إنذار يتطلب تفطن وتجنيد جميع القائمين على القطاع الفلاحي من إطارات وفلاحين ومربين وكذا مصنعين لتحسين الإنتاج الوطني. وبالإضافة إلى الخطوة المتخذة، فقد تدخلت الدولة خلال أزمة الغذاء العالمية بأموال كبيرة بلغت 200 مليار دينار -ما يقارب 3 ملايير دولار- حتى تبقي على أسعار المواد الغذائية في وضع مقبول، لان الأزمة أطلقت إنذارا قويا لضرورة القيام بتعبئة شاملة لكافة الموارد الطبيعة والبشرية والمالية. والتجند الجماعي من اجل الرفع من أداء القطاع الفلاحي وتحسين مستوى الأمن الغذائي للبلاد. ولمواجهة مثل هذه الأزمات أكد المسؤول الأول عن القطاع انه من الضروري تقليص الاستيراد، واستغلال المنتوج الوطني أحسن استغلال مؤكدا على ضرورة ''تقييم الآداءات وتحليل الإمكانات الجديدة والمشاكل البارزة والعراقيل التي يواجهها قطاع الفلاحة على المستوى الوطني وتحديد رؤية مستقبلية للقطاع. ------------------------------------------------------------------------ الخطوط التوجيهية لتجديد الاقتصاد الفلاحي والريفي ------------------------------------------------------------------------ سطرت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية مؤخرا برنامجا مكثفا لتطوير الإنتاج الفلاحي والزراعي، في خطوة منها لتعزيز الأمن الغذائي الذي يعد من أولويات الحكومة، وتسعى الوزارة من خلال المخطط الخماسي لتجديد الاقتصاد الفلاحي والريفي 2009- 2013 إلى وضع مبادئ أساسية لترسيخ بعض النشاطات بإجماع وطني وبإشراك جميع الفاعلين في المجال وذلك من اجل تحقيق الأمن الغذائي لتعزيز التماسك الاجتماعي الذي يمثل أحد أهم عناصر السيادة الوطنية والأمن القومي. وحسب الوثيقة التي تحصلت عليها ''الحوار'' فإن الإستراتيجية المسطرة تتضمن عدة نقاط أهمها إقامة عقدين مرتبطين بتحقيق النتائج لكل ولاية خلال الفترة المبرمجة، ووضع خطوات خاصة بتكثيف إنتاج المواد الغذائية الأساسية من حبوب وحليب ولحوم، فضلا عن حماية مداخيل الفلاحين والحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلك. ويهدف البرنامج إلى تامين كل الفاعلين في المجال توضع رؤية جديدة تتم من خلالها تحرير المبادرات وبناء ثقة بالمستقبل، بالإضافة إلى تعزيز الاستشارة والتشاور مع كل الفاعلين المسؤولين في المجال الفلاحي والزراعات الصناعية، مما يؤدي إلى حماية وتثمين الموارد الطبيعية التي تعني الجميع. من جهة أخرى، أكد البرنامج الجديد على أهمية ايلاء العناية الخاصة للاستعمال العقلاني للمياه باستخدام تقنيات الري التقني، كما يمنح البرنامج الجديد نمط وحيد لاستغلال الأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة عن طريق الامتياز بعلاقة تعاقدية على المدى الطويل. ووضع البرنامج المسطر من طرف وزارة الفلاحة والتنمية الريفية الممتد من 2009 إلى 2013 مرسوما جديدا يقضي بتوقيع عقدين مرتبطين بتحقيق النتائج لكل ولاية، قسم من خلالها المعطيات الأساسية المتوفرة إلى قسمين ليتم التقييم على أساس المعايير التابعة لتجديد الاقتصاد الفلاحي أو التجديد الريفي حسب ما تتوفر عليه كل منطقة، وتم بذلك تقييم القسم الأول -تجديد الاقتصاد الفلاحي- حسب تطور نسبة نمو الإنتاج وتطور قيمته فضلا عن تقييم الإنتاجية والنشاطات المرتبطة بالديمومة. أما برنامج التجديد الريفي فيعتمد على عدة مؤشرات أهمها عدد المشاريع الجوارية المندمجة للتنمية الريفية، المسطرة والمنجزة، ورفع القدرات الإنتاجية وحماية الموارد الطبيعية بما في ذلك عدد الهكتارات التي تم استصلاحها وحمايتها، بالإضافة إلى عدد المناصب التي تم استحداثها. ويضاف إلى مؤشرات تقييم برنامج التجديد الريفي إلى تعزيز نشاطاته لاسيما تثمين المنتجات ذات الخصوصية المحلية وتنويع النشاطات الاقتصادية في الوسط السهبي وفي الواحات والجبال، وقياس نسبة استقرار السكان وتحسين ظروفهم المعيشية باستعمال مؤشرات الجهاز الوطني للمساعدة على اتخاذ القرار من اجل التنمية المستدامة. أما فيما يتعلق بتعزيز الجهاز الإنتاجي للمواد الفلاحية الواسعة الاستهلاك، فقد حدد ذات البرنامج خطوات ثابتة خاص بتكثيف زراعة الحبوب والحبوب الجافة، الحليب وإنتاج اللحوم والزيوت وغيرها، يرمي إلى رفع المردودية باستخدام تقنيات الري التكميلي واقتصاد المياه، وتوفير البذور والشتلات. ووضعت الإستراتيجية الجديدة نشاطا استعجاليا لفائدة المربين وأصحاب المستثمرات الصغار يمكن من اتخاذ تدابير جديدة بشأنهم من خلال التحكم في النظام المطبق بكل شفافية والرد السريع والمكيف لطلباتهم، وبالتالي تحميل المسؤولية لكل فاعل بعد إعادة تركيز وعقلنة منظومة دعم المستثمرات الفلاحية. وحسب ذات المصدر، فقد أولت الوزارة أهمية كبيرة للمحافظة على مداخيل الفلاحين والحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلك من خلال وضع منظومة لضبط الأسعار بالتدخل السريع على مستوى السوق للرد السريع في الوقت المناسب بغرض تحقيق الهدف المرجو من هذه الخطوة، وعملت من في إطار تحقيق هذا المسعى على المطالبة بتعزيز قدرات المخازن وتطبيق الشفافية التامة بترقية المنظمات الولائية لكل شعبة ما بين المهن. ------------------------------------------------------------------------ الفجوة الغذائية والسعي نحو تحقيق الأمن الغذائي ------------------------------------------------------------------------ تعد الجزائر من بين الدول العربية التي تعاني من مشكلة الفجوة الغذائية التي نشأت نتيجة نمو الإنتاج الغذائي بنسبة تفوق 5ر1 بالمئة سنويا، في حين ينمو الاستهلاك الغذائي بمعدل يفوق 4 بالمئة سنويا، وانعكس ارتفاع الطلب على المواد الغذائية والزراعية على قيمة الواردات من هذه المواد التي بلغت خلال الشهر الثمانية الأولى من السنة الجارية 5 مليار دولار. ويعد ضعف الآلة الإنتاجية وعدم وصوله إلى مواكبة الاستهلاك في مجال الغذاء السبب الرئيسي للفجوة التي تنشا نتيجة للطلب المتزايد والناشئ جراء الزيادة السكانية التي يشهدها الوطن وهو الأمر الذي يؤدي إلى صرف مبالغ هائلة في استيراد المواد الغذائية وخلق تبعية خارجية تهدد الأمن الغذائي الداخلي، فالوضع الحالي لهذا الأخير سيئ، حيث تزيد الفجوة الغذائية إلى أكثر من 70 بالمئة في الحبوب وغبرة الحليب، فضلا عن العجز المسجل في إنتاج اللحوم والألبان، ما يحول الجزائر إلى قوة شرائية هائلة تستنزف مواردها المالية تظهر نتائجها في عجز ميزانها التجاري. ومن بين أسباب ظهور هذه الفجوة هي ارتفاع معدلات النمو السكاني، وانخفاض متوسط دخل الفرد وتباين توزيعه، بالإضافة إلى سيادة النمط الاستهلاكي الذي يرتكز فيه الغذاء على المادة الاستهلاكية الرئيسة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى توجيه أي زيادة في الدخل إلى الطلب على الغذاء أكثر من أي سلعة أخرى، فضلا إلى عوامل أخرى تتمثل في سوء استغلال الموارد الزراعية المتاحة، وضعف الاستثمار في مجال البحوث الزراعية وعدم استقرار السياسات الزراعية، وهو الأمر الذي يؤدي إلى ضعف الاستثمارات الموجهة للقطاع. ------------------------------------------------------------------------ تحقيق الأمن الغذائي يستدعي إشراك العديد من القطاعات الوزارية ------------------------------------------------------------------------ شدد وزير الفلاحة و التنمية الريفية رشيد بن عيسى أن الوصول إلى تحقيق الأمن الغذائي للجزائر ليس من مسؤولية وزارة الفلاحة لوحدها بل يتطلب إشراك العديد من القطاعات الوزارية. وأوضح الوزير أنه يتعين بالدرجة الأولى إشراك مختلف الهيئات والأفراد من قطاع التعليم العالي والبحث العلمي للمساهمة في تعزيز ودفع القطاع من خلال التفكير وتوفير الحلول المدروسة للوصول الى قطاع زراعي احترافي. فالسياسة الجديدة لتطوير الاقتصاد الفلاحي في الجزائر تولي أهمية خاصة للتكفل بالقدرات البشرية للقطاع وترقيتها من خلال برنامج تكوين متكامل بالإضافة إلى التطوير التقني لجعل القطاع يتماشى مع المستجدات كالتغيرات المناخية وتزايد الطلب على المنتجات الفلاحية ذات الاستهلاك الوا سع. ------------------------------------------------------------------------ تخصيص 5ر2 مليار دولار لدعمها فاتورة الغذاء 8 مليار دولار مع نهاية 2008 ------------------------------------------------------------------------ أكدت معطيات المركز الوطني للإحصاء والإعلام التابع للجمارك الجزائرية، أن الفاتورة الغذائية قد تصل سقف 8 مليار دولار مع نهاية السنة، ما دامت الجزائر استوردت خلال الشهور الثمانية من سنة 2008 ما قيمته 5 مليار دولار، مما يعني أن واردتها الغذائية سجلت نموا ب 90 بالمئة مقارنة بالسنة التي سبقتها، الفاتورة التي تعكس أن الجزائر تزداد تبعية أكثر فأكثر نحو الخارج. فالإحصائيات المقدمة خلال الفترة المذكورة تبرز أن الجزائر أنفقت أكثر من 5 ملايير دولار إضافية إلى حد الآن مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، بما ان الفاتورة الغذائية لم تكن تتجاوز منذ سنتين فقط حجم 3 مليار دولار، مما دفع إلى تعالي الأصوات للمطالبة بإعطاء المزيد من الاهتمام للقطاع الفلاحي الذي يشكل السيادة الوطنية، وهذا لتجنب البلاد المزيد من التبعية وتعريض الأمن الغذائي للخطر، وقد تزامن هذا مع النمو المتسارع للفاتورة الغذائية مقابل مستوى من الصادرات الفلاحية لم يتجاوز في 89 مليون دولار الأمر الذي لا يغطي 2 بالمئة من صادرات الجزائر الغذائية. وأسهم في هذا الإطار العديد من الخبراء من خلال تنظيم العديد من الملتقيات الخاصة بهذا الموضوع، في إبراز أهمية وخطورة الأمن الغذائي، حيث أجمعوا على أن الجزائر بدون المداخيل البترولية لن تتمكن حتى من توفير لقمة العيش لمواطنيها، وهذه مسألة بالغة الخطورة لأنها مادة معرضة للنضوب وسعره خاضعة للتقلبات الدولية. وفي خطوة للمحافظة على القدرة الشرائية للمستهلك مع الارتفاع المستمر لأسعار المواد الغذائية، أعلنت الحكومة عن تخصيص 160 مليار دينار أي 5ر2 مليار دولار لدعم أسعار المواد الأساسية خاصة منها الحليب والقمح اللين والصلب خلال العام الجاري .2008 وقررت الحكومة دعم الأسعار وتشجيع الإنتاج المحلي لمواجهة الضغط العالمي على المواد الاستهلاكية الأساسية.