فيما يقدر عدد المشردين في الجزائر ب 31 ألف شخص حسب ما كشفت عنه مؤخرا مصادر حكومية رسمية، لازال مسلسل من يلجون عالم التشرد متواصلا يوميا وفي جميع ولايات الوطن، مواطنون عاديون وبسطاء يجدون أنفسهم بين عشية وضحاها ضمن القائمة الطويلة لمن سبقوهم إلى عالم الضياع، كما هو حال زوجين من ولاية قالمة أصبحا مؤخرا يتنقلان من ولاية لأخرى بحثا عن مأوى بعد المعاناة التي واجهتهما في مركز العجزة. مرّ شهران على وجود السيدة ''ك.ل'' الكفيفة وزوجها ''م.ل'' في شوارع الشرق الجزائري بعدما كانا معززين مكرمين في منزلهما الذي كانا يستأجرانه مند أزيد من 30 سنة ووجدا نفسيهما مضطرين إلى مغادرته عنوة لما فشلا في دفع الإيجار لصاحبه، فلم تتملكه الشفقة على حالة السيدة الكفيفة وطردهما إلى الشارع رافعا بذلك عدد المشردين الذين يستقبلهم هذا الأخير في أزقته وحدائقه العمومية دونما إجبارهم على دفع مقابل مادي لأنه لن يتمكن من توفير لهم الحماية والأمان. اكتظاظ وسوء المعاملة في دار العجزة فجأة وبعد 30 سنة كاملة من الحياة الطبيعية الهانئة التي عاشها الزوجان عصفت رياح الفقر بهما فلم يتمكنا من دفع الإيجار الشهري لصاحب المنزل الذي رمى بهما خارجا دون رحمة ولا شفقة على حال السيدة ''ك. ل'' الكفيفة فلا أولاد للزوجين ولا معيل لهما. فكما قالت هذه السيدة ''منذ أن أصبحنا في الشارع صار زوجي عصاي التي أتكئ عليها وسندي الوحيد، رفض أن تكون نهايتنا في الشارع فطرقنا باب دار العجزة والمسنين بمنطقة ''حمام الدباغ'' في ولاية قالمة علنا نجد هناك الرعاية ومكانا يحفظ كرامتنا من سؤال الناس بحثا عن لقمة العيش، إلا أننا وبعد مضي أسبوع فقط على تواجدنا بالمركز الذي كان يضيق بالمسنين وكأن كل الولاية قد رمت بمسنيها فيه، فالاكتظاظ يجعل من عمال الدار يعاملون المقيمين فيها بطريقة جد قاسية دون رحمة ولا شفقة ودون اعتبار للحالة الصحية لغالبيتهم المصابين بالأمراض المزمنة وبعاهات وإعاقات تتطلب أن يلقوا عناية خاصة نوعا ما، فقررنا أن نسعى بأنفسنا إلى تدبر مأوى آخر فغادرنا المكان. مساعي طبيب لمساعدتهم باءت بالفشل تنقل الزوجان في شوارع مدينة قالمة يقضون يوما هنا وآخر هناك في أزقتها الضيقة وشوارعها العريضة وحدائقها العمومية، فأينما وجدا مكانا شاغرا في نهاية النهار بعد يوم كامل من التسول للحصول على لقمة العيش أمضيا فيه الليلة. لكن الشارع لا يرحم ولا يفرق بين الكبير والصغير والبقاء للأقوى، فشل الزوجان في المقاومة بمدينة قالمة دفعت بهما إلى التنقل نحو مدينة سكيكدة التي مرّ على تواجدهما فيها شهر متخذين من مدخل البلدية مكانا قارا لهما، فأثارا عطف وشفقة السيد ''محمد سقان'' طبيب أسنان فتدخل من باب الإنسانية وقام بمراسلة مديرية الشؤون الاجتماعية ولاية سكيكدة للتدخل وإيجاد حل لهذين الزوجين الطاعنين في السن، إلا أن نداءه هذا لم يجد الآذان الصاغية، حيث تنقلت فرقة للتحقيق الاجتماعي إلى عين المكان لمعاينة حالتهما لهدف كتابة التقرير الذي من شانه أن يوفر لهما مكانا لأحد مراكز العجزة إلا أنهما لازالا إلى غاية اليوم أمام مدخل البلدية، قبل أن يغادره إلى ولاية أخرى قد يجدان فيها ما لم يجداه من رعاية من قبل سلطات ولايتي قالمةوسكيكدة. ويطلق اليوم كل من السيد ''م.ل'' وزوجته نداء استغاثة إلى وزير التضامن الوطني للحصول على مأوى خاصة وأن فصل الشتاء على الأبواب.