تعد العصابات الإفريقية شبكات إجرامية تنشط عبر دول العالم تحترف كل أنواع الجرائم من متاجرة بالأعضاء والمخدرات إلى السرقة، تزوير النقود والدعارة، حيث تعمل هذه العصابات بذكاء لاستقطاب أكبر عدد من الذين تستعملهم كجسر للوصول إلى مبتغاها، فتخلفهم في نهاية المطاف ضحايا، وحكاياتهم مع الجزائريين ترويها لنا المحاكم التي تعرض يوميا قضايا لهذه العصابات التي تنشط باحترافية وتتوصل للإطاحة بالذين يتعطشون لتخطي المراحل وجمع ثروة بين عشية وضحاها، لكن سرعان ما ينكشف المستور ليتحول الحلم إلى كابوس، فيمثل هؤلاء كضحايا أمام المحكمة ويتفاجأوا بأن من ادعوا أنهم سيحملونهم إلى عالم المال والأعمال ماهم إلا شبكات دولية تحترف النصب والاحتيال. تزايد خلال السنوات الأخيرة تواجد الأفارقة بالجزائر ومن خلال عدد القضايا التي تعرضها المحاكم الجزائرية يتضح لنا جليا أن هذه الفئة في تزايد مستمر، فحسب ما كشفت عنه مصادر مطلعة مؤخرا فإن هناك حوالي 5 آلاف مهاجر إفريقي غير شرعي بالجزائر. ------------------------------------------------------------------------ الجزائر... منطقة عبور ------------------------------------------------------------------------ يوضح المختصون في ملفات الهجرة السرية، أن معظم الشباب الأفارقة يفضلون الهجرة سراً إلى الجزائر لاتخاذها محطة عبور يتجهون بعدها نحو دول أوروبا، وتقول بيانات رسمية إنّ 30 ألف مهاجر سري إفريقي دخلوا الجزائر في الفترة ما بين عامي 1995 و,2008 ويواجه ترحيل هؤلاء مشكلات إدارية وتقنية، كما يكلف إبعادهم مبالغ ضخمة، مع الإشارة إلى أنّ الجزائر زادت من مخصصاتها المالية الخاصة بمكافحة الهجرة غير الشرعية، فما تكشف عنه قضايا الأفارقة الذين يمثلون أمام المحكمة بتهم متعددة منها تزوير الأوراق النقدية والوثائق، النصب، الاحتيال والمتاجرة بالمخدرات الذين يتواجد أغلبهم في الجزائر بصفة غير شرعية يستخدمون الجزائر كمنطقة عبور للهجرة إلى أوروبا بعد تلاعبهم بعقول الجزائريين السذج والحصول على غنيمة تمكنهم من الوصول إلى أوروبا موطن الأحلام، لكن تضييق الخناق على هذه العصابات جعلها تستقر بالجزائر، ومن ثمة التخطيط للعيش برفاهية باتباع الطرق غير المشروعة خاصة وأن هذه الأخيرة ترى المقابل المادي في سوق العمل قليلا، وهو الأمر الذي يدفعها إلى استعمال الطرق الملتوية، وبالاحتكاك الدائم بالجزائريين تمكن هؤلاء من الإطلاع على خبايا المجتمع فاتضحت لهم معالم الجزائري الذي يتميز بالطمع وحب الثروة ووجدوا الأرضية الخصبة لتجسيد ذكائهم الذي ينتصر دائما على طمع الجزائري الذي ليس له حدود. ------------------------------------------------------------------------ حصيلة ثقيلة أبطالها أفارقة ------------------------------------------------------------------------ فككت مصالح الدرك الوطني لولاية تيزي وزو مؤخرا شبكة مختصة في تزوير الأوراق المالية من فئة 100 أورو بعد أن امتد نشاط هذه الأخيرة من المدن الجنوبية والحدودية ليشمل المدن الساحلية للبلاد، حيث ألقي القبض على رعيتين نيجيريتين مقيمتين بصفة شرعية وشخص آخر من جنسية إفريقية دون وثائق ومقيم بصفة غير شرعية على متن سيارة من نوع ''بيجو'' وبحوزتهم مجموعة كبيرة من الأوراق طبع عليها شكل أوراق مالية من فئة 100 أورو وكذا مستحضرات ومواد كيماوية التي تستعملها عصابة الأفارقة الذين يحتالون على المواطنين بتزوير العملات الصعبة باستعمال الماسح الضوئي ومستحضرات كيماوية يدعون أنها مواد ''سحرية عجيبة'' من جهة أخرى، تمكنت الكتيبة الإقليمية لسوق أهراس من حجز 400 غرام من الكيف و33 قرص دواء مهلوس، في حين ألقت مصالح الدرك الوطني بسطيف القبض على شخص كان بحوزته 50 ورقة مالية من فئة 1000 دينار جزائري وهي أوراق مالية مزوّرة، وهذه حصيلة الدرك لبعض الولايات فقط وخلال الفترة الأخيرة فقط وهي نفس الحصيلة التي اعتادت مصالح الدرك على تقديمها أسبوعيا أبطالها دائما أفارقة عاثوا فسادا وأقحموا معهم جزائريين بمختلف الأعمار وعبر ولايات الوطن. ------------------------------------------------------------------------ الأنترنت.. جسر التواصل وبداية الإطاحة ------------------------------------------------------------------------ كثيرا ما يسعى جزائريون إلى بناء وربط علاقات بأشخاص من مختلف بقاع العالم وما أكثر القصص التي تنتهي بتورطهم ودخولهم في دوامة النصب والاحتيال، حيث غالبا ما يجدون أنفسهم بسبب هذه العلاقات الوهمية وراء قفص الاتهام خاصة وأن الرعايا الأفارقة يتصدرون قائمة المتسببين في ذلك بالجزائر، وهو الأمر الذي يتجلى للوهلة الأولى لمن يدخل قاعات المحاكم التي تكاد لا تخلو جلساتها من قضايا التزوير، النصب والاحتيال أطرافها حاملون لجنسيات مختلفة. تكون البداية عادة الفضول والشغف لفتح مجالات الدردشة للتعرف عن قرب على الشخص الآخر صاحب العادات والتقاليد المختلفة لتبدأ بعدها مرحلة العروض المغرية ولكم يحسن الأفارقة الإقناع والإغراء، وهو الحال بالنسبة لأحد الضحايا الجزائريين الذي وقع ضحية إفريقيين نيجيريين، وذلك لتعرضه للنصب والاحتيال من قبلهما باستيلائهما على مبلغ 700 أورو وكذا 4 ملايين سنتيم بعدما أوهماه بأنهما سيستثمران بالجزائر ويدخلانه كشريك في مشاريعهما حيث وخلال الإدلاء بأقواله خلال المحاكمة التي جرت بمحكمة بئر مراد رايس أكد أنه تعرف عليهما عن طريق الأنترنت، ونشأت بينهما علاقة صداقة أدت إلى اقتراح أحدهما مشاركته في الاستثمار في الجزائر حيث وحسبه اكتشف التلاعب إثر تقدمه لمقر منظمة الأممالمتحدة ليتأكد من صحة الوثيقة التي تسلمها منهما والتي تأكد أنها مزورة وغير مستخرجة من مصالحهم. الأفارقة بالجزائر خاصة المقيمون بطرقة غير شرعية لم يتوانوا بدورهم عن اللعب بعقول أبناء الوطن وما أكثر منهم فئة الشباب الذين يقعون ضحية لهم خاصة فيما يتعلق بتزوير الأوراق النقدية سواء بالعملة الوطنية أو الصعبة، حيث يعملون على إيهامهم أنه يتفننون فن نسخ الملاين باستعمالهم معدات وأدوات غالبا ما تكون وهمية وهذا حسب شهادات المختصين في الميدان خاصة تلك المحاليل المستعملة على أساس أنها كفيلة بتحويل أوراق عادية إلى أوراق نقدية بالعملتين الوطنية والأجنبية مقابل مبالغ خيالية مثل محلول ''الديكابون'' هذا الأخير الذي يتراوح ثمن قارورة ذات سعة 5 ملل بين 100 و200 أورو كذلك محلول ''التالك'' الفعال حيث ثمنه يفوق بكثير ثمن الديكابون إذ تتصدر هذه القضايا القائمة في المحاكم الجزائرية. ------------------------------------------------------------------------ الماسح الضوئي .. ساحر الجزائريين ------------------------------------------------------------------------ فالتزوير حيلة يتفنن فيها الأفارقة ولايفوقهم فيها أحد، فلهم القدرة على المساس بهيئات نظامية عليا، والغرض الحصول على غنيمة من الوزن الثقيل، فقد تناولت محكمة الحراش مؤخرا قضية خطيرة، حيث كشفت في جلسة علنية عن شبكة أفارقة تتكون من 7 أفراد أين كان يقوم هؤلاء بالتهريب والتزوير في أختام رسمية وأوراق نقدية من العملة الصعبة باستعمال ورق من النوع الرفيع ويحوزون على أختام منظمة اللاجئين والأممالمتحدة، كما يقوم هؤلاء وهم من جنسية مالية ونيجيرية بالنصب والاحتيال على الناس عبر الأنترنت، وقد كشفت هذه القضية مدى قدرة الأفارقة على التزوير وهو الأمر الذي جعلهم يطيحون في كثير من الأحيان بالجزائريين ويسلبونهم مايملكون ليخلفونهم في الأخير ضحايا في المحاكم، ليس لهم الحق حتى في التعويض، فلا تمر محاكمة إفريقي أطاح بجزائري دون أن يشن فيها رئيس الجلسة حملة غضب وسخط على الضحية خاصة وأن مثل هذه القضايا تتكرر دون أن يستفيد الضحية من أخطائه السابقة ويتفطن لحيلة الإفريقي الذي لا يريد منه سوى أن يكون جسر عبور لا غير، فقد حدث وأن مثل أحد الضحايا بمجلس قضاء الجزائر أين اتهم نيجيري بسلبه مبلغ 80 مليونا وصرح أن هذا الأخير وعده بمضاعفة المبلغ وأن له سائلا سحريا يحول الأوراق العادية إلى أموال بالعملة الصعبة لكن شرط أن يمنحه مبلغا بقيمة 80 مليونا لإتمام إجراءات نقل المحلول من نيجريا، وذكر أنه تنقل معه ذات مرة إلى سفارة نيجيريا بالجزائر وأكد له أن أحد موظفي السفارة قريبه وسيساعده، وفعلا شاهد المبلغ المالي بعدها ليكتشف بعد عودته إلى البيت أنه عبارة عن أوراق لا غير، وعندما حاول الاتصال به امتنع عن الرد إلى أن تقدم بشكوى ضده. غير بعيد عن هذه الحالة مثل ضحية آخر والغريب في الحكاية أن هذا الأخير كان ملتحيا، لكن إغراءات الأفارقة أنسته عواقب التزوير، حيث شارك في هذه العملية لكنه خرج من العملية فارغ اليدين، ولدى مثوله أمام المحكمة كان يبكي طيلة محاكمة الإفريقي خاصة بعد التأنيب الذي تلقاه من قبل رئيس الجلسة، وغير هاتين الحالتين كثير تعرض يوميا بقاعات المحاكم والمنتصر فيها دائما الإفريقي رغم متابعته من قبل المحكمة، والخاسر الجزائري الساذج الذي يغريه مبدأ الحصول على المال في فترة وجيزة فيدفع في الأخير ثمن طمعه وجشعه وسذاجته. ------------------------------------------------------------------------ الفراغ القانوني شجع الظاهرة ------------------------------------------------------------------------ لمعرفة الجانب القانوني في الظاهرة كان لنا لقاء مع الأستاذ لعبدي رابح وهو أستاذ بكلية الحقوق ببن عكنون الذي أكد أن ظاهرة احتراف الأفارقة الإجرام بمختلف أشكاله في الجزائر حديثة نسبيا خاصة بعد الاستقرار الذي تعرفه البلاد، وهو الأمر الذي شجعهم على الإقبال عليها، إذ تعددت صور الاحتيال والنصب بعد تعرفهم عن قرب على انشغالات المواطن الجزائري حيث أصبحو ينتحلون صفة الغير أمامهم على أساس أنهم شخصيات تحتل مراكز حساسة مشكلين تجمعات وعصابات. كما أن هناك جاليات أخرى سواء من العالم العربي أو الغربي تنشط معهم في السوق الموازية مما ولد تنظيما متعدد الجنسيات يمارس كل أشكال الاحتيال والخداع، مستغلين في ذلك قصور القوانين الجزائرية في التعامل مع هذه الظاهرة، حيث كان الأجدر أن يكون التنسيق على صعيد واسع بين مختلف المصالح، وهو الأمر الذي حتم على المشرع الجزائري اتخاذ مجموعة من التدابير وفي مقدمتها تكثيف الرقابة على الحدود سواء كان ذلك من أجل التصدي للتهريب أو لتنقل الأشخاص بالطرق غير الشرعية، وذلك بفرض طوق أمني، كذلك تخصيص فرق أمنية لمكافحة الهجرة السرية ومحاكمتهم وفقا للقانون، كما أضاف ذات المتحدث أنه من الناحية القانونية فإن المشرع الجزائري واضح في ذلك، حيث يسري عليهم القانون الوضعي (قانون العقوبات الجزائري)، فهناك نصوص خاصة تقضي بالإبعاد مع ضمان محاكمة عادلة من خلالها تثبت التهم المنسوبة إليهم وبموجبها يتم تأسيس الحكم بالترحيل الذي يكون في حالة عدم امتلاكهم للوثائق الرسمية التي تثبت إقامتهم الشرعية بعد تنفيذ العقوبة المسلطة في حقهم، وكذلك بالنسبة للذين انتهت صلاحية مدة إقامتهم. أما في حالة تورطهم في قضايا تمس بأمن الدولة يتم معاقبتهم وفقا للقانون، ثم يتم تسليمهم للسفارة المعنية أين يتم أيضا معاقبتهم بأشد العقوبات باعتبار أن ما يقومون به تشويه لصورة بلدانهم. ------------------------------------------------------------------------ هل ينجح مخطط ترحيل الأفارقة؟ ------------------------------------------------------------------------ حسب ماورد من معلومات فإن السلطات الجزائرية تؤكد رصدها لغلاف مالي فاق الثلاثمائة مليون دولار لإنجاح مخطط ترحيل رعايا 28 دولة إفريقية، بعدما سبق لها إبعاد 20 ألف إفريقي على مدار التسع سنوات الماضية، علما أنّ الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري شهدت إيقاف 3485 مهاجر سري أكثرهم من النيجر، نيجيريا، مالي، السنغال، زامبيا، الكونغو الديمقراطية، غانا، سيراليون، رواندا، الصومال، كوت ديفوار، ليبيريا، السودان، تشاد، وبوركينا فاسو، هذا المخطط الذي يعلق عليه الكثير الآمال الواعدة نظرا للأضرار التي ألحقها هؤلاء الدخلاء بالمجتمع ككل وعلى كل الأصعدة، فإلى جانب إطاحتهم بالجزائريين من خلال النصب والاحتيال والتزوير والمتاجرة بالسموم أصبحوا مصدر للأوبئة والأمراض المميتة وعلى رأسها داء العصر ''السيدا''.