أكد الباحث ديدة بادي ضمن الدراسة التي قدمها مؤخرا بدار الثقافة داسين تحت عنوان ''تزنغارات بلوز.. منطقة الأهڤار''، أن أصل موسيقى ''البلوز'' الأمريكي صحراوي إفريقي كان متركزة أساسا بمنطقة ''تزنغارات'' بالأهڤار، حيث أخذ هذا الطابع فيما بعد بعدا عالميا دون الإشارة إلى الاصل. وقد أرجع الباحث ديدة بادي وهو أستاذ بالمركز الوطني لبحوث ما قبل التاريخ والانترولوجيا. هذا التنكر لأصل موسيقى البلوز الذي يعتبر موروثا غير مادي إلى خصوصيته من حيث أنه شفوي غير مدون ترك للذاكرة الجماعية مهمة حفظه، وهو الامر الذي يصعب على الباحث مهمة جمع المادة ويرغمه على دخول سباق مع الزمن في تحدٍ لخطر النسيان الذي يعتبر عدو التراث. وخلال المحاضرة التي ألقاها أول أمس على هامش المهرجان الوطني الاول للاغنية الأمازيغية بالأهڤار، استعرض بادي أهم مراحل دراسته الميدانية حول رقصة تزنغارات التي تعد استمرارا لبحثه الاول حول الة الامزاد بمنطقة الطاسيلي، حيث يوضح أن تزنغارات هي رقصة كوريغرافية يؤديها رجال القبيلة فيما تؤدي النساء أهازيج عبر مراحل مدروسة وليست عشوائية، لها دلالاتها وعمقها الذي يسمح للمزارعين ب''أبلسة'' في التنفيس عن همومهم ومعاناة العمل ضمن مقاطع موسيقية ونصوص خاصة، بحيث تركب النساء لحنا لكل شعر وهو ما تبنيه الدراسة الميدانية للباحث لمنطقة أبلسة والتي هدف من خلالها إلى جمع المادة والتثبت منها قبل وصولها إلى القارئ، وحدد المحاضر 11 نسقا غنائيا يواكب الاشعار المختارة. من جهة أخرى أظهر ذات المتحدث علاقة تلك المعطيات بمستوى اللغة والتنظيم الاجتماعي، مؤكدا أن هذه الرقصة تعد مدخلا مهما لفهم الاستقرار البشري في المنطقة. في سياق آخر بين الباحث في عرضه أهمية الموروث غير المادي في الحفاظ على الذاكرة الجماعية والهوية الصحراوية، مشيرا إلى جهود الدولة ومنظومة النصوص القانونية المحلية والدولية في حفظ وصيانة الموروث، موضحا أن حماية التراث ليست مسؤولية الدولة وحدها بل كل الفاعلين والجمعيات الثقافية من خلال تحسيس العامة بأهمية التراث. من جهته تناول الباحث الجامعي زندي عبد النبي من المركز الجامعي بتمنراست ضمن المحاضرة التي ألقاها في اليوم الثاني للبرنامج الثقافي الذي سطرته محافظة المهرجان الوطني للموسيقى الأمازيغية بتمنراست، موضوع تحولات الاغنية التارڤية وانعكاساتها على المجتمع، موضحا في دراسة تحليلية التغييرات الطارئة التي حصلت على الأغنية التارڤية وانعكاساتها على المجتمع من خلال الانتقال من الفن الشعبي إلى العصري، وبين الدور المفصلي للفن الشعبي في الحياة الاجتماعية للتوارڤ، حيث حدد الباحث 3 مستويات لهذا الدور وهي البعد العقائدي والاجتماعي والسياسي الحربي، واستشهد المحاضر بحفل السبيبة السنوي المرتبط بذكرى فرعون يوم 10 محرم الذي استمرت ممارسته لمراحل تاريخية مختلفة لارتباطه بالاعتقاد الديني.