صدر حديثا عن دار العين بالقاهرة كتاب ''اليهود في عقل هؤلاء'' للمفكر الدكتور عبد الوهاب المسيري. يؤكد المسيري أن اليهود إشكالية أساسية في العقل الغربي، ويعود هذا إلى طبيعة المجتمع الغربي ذاته، خصوصا في العصور الوسطي موضحا أن المسألة اليهودية ظهرت في أوائل القرن التاسع عشر، وتعامل معها كثير من الكتاب اليهود غير الصهانية. ويشير د. المسيري إلى أن الصهيونية طرحت حلا لتلك المسألة، وهو لا يختلف كثيرا عن الحل الاستعماري الغربي لتلك القضية، ويتلخص في محو اليهودية عن طريق إحلال الصهيونية محلها، وفي التخلص من اليهود عن طريق نقلهم إلى فلسطين ليؤسسوا الدولة الصهيونية التي تقوم على خدمة الاستعمار مقابل رعايتها ودعمها. يفند المؤلف، في هذه الدراسة، الأسباب التي أدت إلى بروز هذه المعضلة، كما يعرض تصورات بعض الأدباء اليهود عن اليهودية والصهيونية، إضافة إلى تصورات الصهاينة عن هؤلاء الأدباء. من بين هؤلاء، هاينريش هايني، أحد أشهر الشعراء الألمان الرومانسيين. كان معادياً لليهود حتى إنه كان يعتبرهم أحد أمراض ثلاثة شريرة الى جانب الفقر والألم. أما فرانز كافكا، فهناك من اعتبره صهيونياً، وثمة من رآه معادياً للصهيونية. وينتهي المؤلف إلى الاعتقاد بأن عمق أثر كافكا في الحضارة الغربية يظهر مدى تجذره في التشكيل الحضاري الغربي، الأمر الذي يشير الى هامشية خصوصية اليهوية. ويتطرق المؤلف إلى موقف المفكر المصري الشهير جمال حمدان الذي يذهب إلى القول بأن موقع مصر سيبقى مهدداً على الدوام طالما بقيت إسرائيل. كما يثير موقف المفكر الفرنسي روجيه جارودي، من زاوية أن هذا الأخير حطم عدداً من الأساطير المغلقة التي تستند إليها الصهيونية.