هذه الآية الربانية تؤكد أن اليهود هم أعداء الله فوق الأرض ويعتبرون من أشد خلائق الرحمن عداوة للعرب ولأمة الإسلام عامة، من صفاتهم القذرة الظلم، سفك الدماء، انتهاك الأعراض، وكل هذه الصفات وصفات أخرى تعتبر مبادئ أساسية لبني إسرائيل لممارسة الإرهاب الهمجي ضد العالم العربي والإسلامي، وكل هذا مجسد في بروتوكولات حكام الصهيون التي اعتبرت بني إسرائيل شعب الله المختار. بين سنة 1897 و1951 عقد زعماء اليهود ثلاثة وعشرون مؤتمرا غايتها دراسة الخطط التي تؤدي إلى تأسيس "مملكة صهيونية عالمية" برئاسة هرتزل مؤسس الصهيونية العالمية، ومن أهم عناصر هذه المؤامرة القذرة حسب فكر مؤسسي خطط بروتوكولات الصهيون هي "أن حكم الناس صناعة مقدسة لا يتقنها إلا اليهود لذا من الواجب أن تكون وسائل الطبع والصحافة والمدارس والجامعات والمسارح والبرصات وغيرها تحت أيديهم. فقد أقيم المشروع الصهيوني على الأرض العربية الإسلامية منذ مائة عام عملت الصهيونية العالمية قصار جهدها لكسر شوكة العرب وأقامت دولة إسرائيل عام 1948 حيث سلكت هذه الأخيرة استراتيجية لتأمين نفسها من رد الفعل العربي الإسلامي فحاصرت السلاح العربي بتحديد حجمه مما يجعله عاجزا عن القيام بأي دور فعّال ضد استمرار قيام الدولة الإسرائيلية على أرض فلسطين العربية، فسياسة الحد من تطوير السلاح العربي هي سياسة استراتيجية قديمة منذ درب جيش محمد علي حيث تضمنت المعاهدات المفروضة آنذاك تخفيض أفراد القوات المسلحة إلى عدد لا يستطيع أن يغير من الأوضاع القائمة، ولكن المعركة الفاصلة لم تبدأ بعد بين العرب وبني صهيون حيث قال الرئيس الراحل هواري بومدين يوم 20 أكتوبر 1969 "لقد انتصرت إسرائيل فكوّنت دولة أساسها العنصرية البغيضة والتعصب الديني الذي لم تشهده البشرية إلا أثناء القرون الوسطى، انتصرت الدولة الصهيونية في معركة لكنها لم تستطع بأي حال من الأحوال أن تنتصر على الأمة العربية كلها وعلى الشعب العربي إذ يستحيل عليها أن تبتلع أكثر من 100 مليون عربي ويستحيل عليها سواء أيدها الأمريكيون أو غير الأمريكيون بكل الأسلحة الجهنمية ويستحيل على دولة الصهاينة أن تبتلع كل الوطن العربي فهناك عاملان أساسيان لا تستطيع دولة الصهاينة قهرهما أبدا هما العامل البشري والعامل الجغرافي". قضية فلسطين هي قضية العرب الكبرى في التاريخ الحديث والمعاصر، وقد أطل القرن العشرون على العالم العربي والحركة الصهيونية يشتد ساعدها بما توافر لها من قيادات سياسية على أعلى المستويات العلمية، ووسائل الدعاية والإعلام والتنظيم الدقيق والتمويل وما إلى ذلك من عناصر القوة. وهذا ما جعل الصهيونية تضع في مخططها كمرحلة أولى إنشاء دولة تجمع شتات اليهود المبعثرين في أنحاء العالم واشرأبت أعناق الصهيونيين إلى فلسطين ابتغاء اتخاذ مهدا لهذه الدولة المدعوة ولتحقيق هذا الهدف حدث التقارب بين الصهيونية والاستعمار ممثلا في بريطانيا التي وعدت الصهيونيين بإنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين عملا بوعد بلفور فازداد النشاط الصهيوني المحروم واتخذ خطوات عملية لوضع هذا الوعد موضع التنفيذ بإقامة دولة إسرائيل في قلب الوطن العربي الكبير. كلمة الصهيونية مشتقة من كلمة صهيون، وهو جبل يقع على المشارف الجنوبية لمدينة القدس وقد وردت لفظة صهيون لأول مرة في التوراة عندما تعرض هذا السفر الديني للملك داود الذي أسس مملكة إسرائيل واستولى على عرضها أربعين سنة (من سنة 1000 إلى سنة 960 قبل الميلاد)وكان داود قد استولى على مدينة أورشليم (القدس) آخر معقل للكنعانيين وجعلها عاصمة ملكه واستطاع توحيد بني إسرائيل وقد جاء في التوراة. " وذهب الملك ورجاله إلى أورشليم إلى اليبوسين مكان الأرض وأخذ الملك حصن المدينة، حسن صهيون وأقام داود في الحصن وسماه مدينة داود." وقد ارتبطت كلمة صهيون بداود ومملكته وعاصمته فغذت في نظر اليهود رمزا لمدهم ويلاحظ أن الملك سليمان الذي تربع على العرش بعد وفاة والده داود أقام في القدس الهيكل المعروف باسمه وسرعان ما أصبح هذا الهيكل أكبر مركز روحي لليهود مما أضفى على المدينة مزيدا من الأهمية الدينية في نظر اليهود. كما أنهم كانوا ولا يزالون ينظرون بتقدير بالغ إلى مملكة داود ويعتبرون حكم وابنه سليمان بمثابة العصر الذهبي لتاريخ اليهود فكلما ساءت أوضاعهم بعد زوال ملكهم يتذكرون ذلك العهد الذهبي ويتطلعون إلى عودته. ولتحيق هذا المبتغى عمد اليهود إلى تحريف شريعة موسى عليه السلام وعوضوا التوراة بالتلمود وهو كتاب وضعه حاخامات اليهود وهو عبارة عن مبادئ غير خلقية اتخذها اليهود أسلوبا ومنهاجا في الحياة سواء في علاقاتهم ببعضهم البعض أو في علاقتهم مع غير اليهود، وقد أطلقوا لفظة (الجوييم) على غير اليهود ويقصدون بها (الكفار) أو (الأجانب) أو (الأميون) ويعد التلمود كتاب السياسة الإرهابية الصهيونية بما جاء فيه من توجيهات سياسية ونزاعات استعلانية ابتغاء السيطرة على العالم كله في المدى البعيد. وقد غرس التلمود في اليهود آمالا كبرى في السيطرة على العالم وطلب منهم اتخاذ كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة وصولا إلى الهدف النهائي وهو التسلط على العالم. وقد ورد في التلمود على لسان خاخامات اليهود وهم يرسمون سياسة المستقبل، ويجب على كل إسرائيلي أن يبذل جهوده لمنع تملك باقي الأمم في الأرض حتى تبقى السلطة لإسرائيل لأنه يجب أن تكون لهم السلطة أينما حلوا فإذا لم ستيسر لهم ذلك اعتبروا منفيين وأسرى وإذا تسلط غير الإسرائيليين على أوطان إسرائيل حق لهؤلاء أن يندبوا عليها ويقولونا بالعار وبالخراب ويستمر ضرب الذلة والمسكنة على بني إسرائيل حتى ينتهي حكم الأجانب وقبل أن تحكم إسرائيل نهائيا على باقي الأمم يلزم أن تكون الحرب على قدم وساق ويهلك ثلث العالم. واعتبر اليهود كتب التلمود كتابا منزلا وأفضل من التوراة وأجدر بالاحترام حتى أن اللخاخامات أدخلوا في ورع اليهود أن من يخالف التوراة يغفر له أما من يخالف التلمود فلن يغفر الله له، وقد رد القرآن الكريم على هذا المسلك غير الأخلاقي الذي لجأ إليه اليهود في قوله تعالى، ) فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون.(. بقيت الصهيونية كمفهوم في أفئدة اليهود مرتبطة بمملكة داود ولذلك يطلق عليها الصهيونية الدينية، وهي تهدف إلى المحافظة على الثقافة واللغة اليهودية والاستمرار في أداء الطقوس الدينية والتمسك بالعادات والتقاليد اليهودية منذ العصور القديمة من نوع ثان وهو الصهيونية الحديثة الضالعة مع الاستعمار الغربي في خططه وأهدافه. الصهيونية الحديثة حركة سياسية قامت في أوروبا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وعاصرتن عهود الاستعمار والاستغلال الحديثة وتأثرت بهما وأثرت فيهما وتهدف إلى تجميع اليهود المشتتين في أنحاء العالم في إقليم يكون لهم وطنا قوميا يقيهم صنوف الاضطهاد الديني والعنصري ومع مرور الوقت تصبح القومية اليهودية حقيقة مجسدة يشعر بها العالم ويستند إليه اليهود في تحرير هذا الوطن القومي إلى دولة يهودية تمارس سيادتها كاملة واستندت الحركة الصهيونية إلى أن اليهود مشتتون في أنحاء العالم ويخضعون لدول عديدة ويتعرضون لألوان شتى من الاضطهاد العنصري والديني والسياسي والاجتماعي، الأمر الذي خلق المشكلة اليهودية وأن المشكلة هي نتاج النزعة المعادية السامية وانتهى أقطاب الحركة الصهيونية إلى أن الحل الوحيد لخلاص اليهود من هذا الاضطهاد هو إنشاء وطن قومي خاص بهم. وتطور التفكير الصهيوني فغدا أكثر تحديدا وأصبحت اليهودية تعني تهجير اليهود المشتتين إلى فلسطين لتأسيس الدولة اليهودية التي تدين بالدين اليهودي وتتميز بالعنصرية اليهودية والثقافة اليهودية وتعمل على بث مجد مملكة داود وإعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى ثم اتخاذ فلسطين مركز انطلاق إلى السيطرة على المناطق المتاحة لها والتي تمتد من نهر النيل إلى الفرات. وتعد فلسطين هي نقطة البداية في سياسة التوسع الإقليمي المرحلي التي أرسى قواعدها الصهيونية فلسطين هي أرض الميعاد حسب وزعمهم التي وعد بها إبراهيم وذريته لتكون لهم ملكا ووطنا كما تعتبر أرض الخلاص التي تخلصهم من صنوف الاضطهاد الذي ستعرضون له في الدول التي يعيشون فيها والصهيونية السياسية تعتبر اليهود عنصرا متميزا عن سائر شعوب العالم بجنسه وتاريخه وثقافته ولغته الموحدة ودينه الواحد ووفقا لهذه الخصائص فاليهود شعب واحد توافرت له في زعم الصهيونية عناصر القومية اليهودية لإنشاء دولة يهودية واستطاعت الصهيونية أن تشتغل الناحية العقائدية بإحياء المفاهيم الدينية التي استقرت في أذهان اليهود أحقابا وعصرا فاليهود هم شهب الله المختار الذي فضله على سائر العالمين واستخلفهم على الأرض وجعلها ملكا لهم. كما ألهبت الصهيونية الروح العنصرية في نفوس اليهود وآمنوا إيمانا عميقا بما أسموه نظرية (التفوق اليهودي). يحاول الصهيونيون إرجاع الحركة الصهيونية بمفهومها السياسي إلى عصور تاريخية قديمة ويذكرون أنها مرت بأطوار عديدة فيرى فريق منهم أنها ترجع إلى ما قبل المسيح عليه السلام بستة قرون، حيث نجح "نبوخذ نصر" ملك بابل في الاستيلاء على بيت المقدس سنة 567ق.م ودمرها تدميرا مع عدد من المعاقل اليهودية ويقرر فريق آخر من الصهيونيين أن الحركة الصهيونية ترجع إلى القرن الأول الميلادي، حيث قام الرومان سنة 70م باحتلال بيت المقدس وهدم هيكلها وطرد اليهود من فلسكين وتشتيتهم، وفي حين يرى فريق ثالث أن الحركة الصهيونية ترجع إلى القرن الخامس عشر الميلاد، حيث سيطرت على(فرديناند) و(إيلزابيلا) ملكي إسبانيا روح صليبية لطرد المسلمين واليهود من إسبانيا ولجأ اليهود إلى الولايات الإسلامية الخاضعة للدولة العثمانية. ومن هنا اتخذ الصهاينة من هذه الأحداث التاريخية نقط ارتكاز للتضليل وإظهار الحركة الصهيونية بمظهر الحركة القومية العميقة الجذور والبعيدة كل البعد عن علاقتها بالاستعمار الأوروبي الحديث. ومما أضفى على الحركة الصهيونية نوعا من القوة هو أن النصف الثاني من القرن التاسع عشر كان حافلا بحركات التحرر القومي في أوروبا من ناحية وازدياد وحدة الاستعمار الأوروبي في آسيا وإفريقيا وغيرهما من ناحية أخرى وعمل الصهاينة على إدماج الحركة الصهيونية في نطاق الحركات القومية للاستفادة من التيار القومي الذي عمر شعوب أوروبا وفي الوقت نفسه فإن الحركة الصهيونية تهدف إلى السيطرة على القيم خارج أوروبا واستقلاله بنقل القوى البشرية والمادية إلى هذا الإقليم الذي يصبح ركيزة للاستعمار ومنطقة الشرق العربي وكان إدماج الحركة الصهيونية في دائرة الحركات القومية من التضليل السياسي لجأ إليه الصهاينة افتراء وكذبا لأن الحركات القومية تهدف إلى إجلاء محتل أجنبي مستعمر وصولا إلى الحرية والاستقلال، في حين الصهيونية تهدف إلى الاستيلاء على إقليم عربي هو فلسطين وإنشاء دولة يهودية دينية عنصرية. قامت الحركة الصهيونية في وقت مبكر بنشاط واسع كثيف متعدد الألوان والأنواع في شتى المجالات التنظيمية والاقتصادية والثقافية والسياسية فأنشأت عدد من الأجهزة تتولى تنظيم الجماعات الصهيونية وربطها بعضها ببعض ونشر التوعية الصهيونية بين يهود العالم وجمع اشتراكات سنوية منهم لتمويل الحركة الصهيونية ومساعدتها على تحقيق أهدافها، أما نشاطها السياسي فكان منصبا على الصعيد الدولي وكان مسرحه العواصم العالمية الكبرى تعمل فيه على حمل مستويات السلطة والنفوذ وتتصل بمراكز القوة سواء في الأستانة عاصمة الخلافة العثمانية آنذاك و برلين و باريس وروما و الفتيكان وواشنطن ونيويورك معقل يهود أمريكا واستهدف هذا النشاط ضمان تأييد مختلف الدول الصهيونية في تحقيق أهدافها. عملت الصهيونية على استغلال الناحية العقائدية في نفوس اليهود في الظفر بتأييدهم وشحذا لعزائمهم والهابا لعواطفهم وكسبا لمزيد من الأنصار كما استغلت أيضا الاضطهاد الديني والاجتماعي والعنصري الذي تعرض له اليهود فالاضطهاد كان بمثابة ورقة رابحة اتخذها الصهيونية للترويج لحركتها كما حاربت فكرة إدماج اليهود في المجتمعات الأوروبية التي يعيشون فيها وزعمت الحركة الصهيونية أن هذا الإدماج ينطوي على أخطار شديدة ليس بمستقبلهم السياسي فحسب بل أن هذا الإدماج سوف يقضي في المدى البعيد على الوجود اليهودي في العالم كله لأن اليهود المشتتين على وجه الأرض هم أقلية ضئيلة بالنسبة للمجتمعات التي يعيشون فيها وأن اندماجهم يؤدي إلى ذوبانهم في الشعوب المسيحية الأمر الذي يؤدي إلى ضياع الشخصية الذاتية للشعب اليهودي. وذهب زعماء الصهيونية إلى أن الروح المعادية لليهود لا تزال كامنة في نفوس الأوروبيين باستغلال حركة الاضطهاد التي تعرض لها اليهود في أوروبا الغربية في الفترة ما بين 1815 حتى سنة 1830. ثم استمرارها بعد ذلك كما استغلوا أيضا موجات الاضطهاد العنيف التي عمت روسيا عقب اغتيال القيصر إسكندر الثاني في عام 1881 فقد اتخذت السلطات الروسية الحاكمة في روسيا من اليهود كبش الفداء في هذا الحادث كما استغل زعماء الصهيونية امتداد الاضطهاد إلى بولندا وألمانيا وغيرها وسنحت فرصة ذهبية للحركة الصهيونية حيث وجهت السلطات الفرنسية إلى الضابط اليهودي الفرنسي الجنسية (ألفريد ديغوس) تهمة تزويد الملحق العسكري في السفارة الألمانية بباريس بمعلومات سرية عن القوات المسلحة الفرنسية، حيث حكمت عليه المحكمة العسكرية بثبوت الخيانة العظمى عليه وتجريده من رتبته ونفيه مدى الحياة في إحدى المستعمرات الفرنسية، فقد ركزت أجهزة الدعاية الصهيونية نشاطها على هذه القضية وصورت الضابط بمظهر اليهودي البريء وأنه ضحية الاضطهاد والتعصب ولم يهدا للحركة الصهيونية البال حتى خضعت الحكومة الفرنسية للضغط الصهيوني وأمرت بإعادة الضابط اليهودي إلى فرنسا وأعادت محاكمته وصدر الحكم ببراءته وأعيد إلى الخدمة في الجيش وتقررت ترقيته ومنحه وسام الشرف. قد خلصت الحركة الصهيونية من ذلك كل، إلى أن الروح المعادية لليهود لن تخبو ولن تهدأ وان اليهود معرضون في أي زمان ومكان للاضطهاد ولذلك فإن إدماج اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها ليس حلا جذريا. ووجد زعماء الصهيونية ذريعة أخرى ترويجا للحركة، فادعوا أن قطاعات كثيفة العدد من اليهود المقيمين في شرق أوروبا يعيشون في ظروف اقتصادية قاسية وأن تهجيرهم إلى فلسطين حلا لمشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية واعتمدت الصهيونيون في الترويج لحركتها على المؤسسات بالتعاون مع الصهيونية بدافع المصلحة المشتركة وتم بينهما تنسيق مثمر لإنشاء وتدعيم تضامن يهودي، ثم توجب هذا التضامن نحو الهدف السياسي القومي المتصل بإنشاء دولة يهودية في فلسطين وهكذا لم تترك الصهيونية أية وسيلة لنشر حركتها وتدعيمها إلا واستغلتها. ولم يقتصر دور الحركة الصهيونية عند هذا الحد بل واصلت نشر التوعية الصهيونية في أوساط اليهود فكونت جمعيات يهودية في أنحاء العالم هيأت أذهان اليهود لتقبل أفكار الحركة ومهدت الطريق لظهورها وقد ضمنت هذه الجمعيات صفوة مفكري اليهود الذين وضعوا مؤلفات وكتبوا نداءات واصطنعوا شعارات ليهود العالم يذكرونهم بالحالة للنهوض إلى مستوى الشعوب الراقية ومن هذه الجمعيات (جماعة محبي صهيون) و(جماعة بني موسى) و(حركة الهاسكلاه) و(جماعة البيلو). بدأ التفكير جديا في مسألة الوطن القومي لليهود بظهور اليهودي، تيودور هرتزل، على مسرح الأحداث حيث تصفه دائرة المعارف اليهودية بأنه زعيم الصهيونية السياسية وضع هرتزل في سنة 1895 كتابا باللغة الألمانية تحت عنوان (الدولة اليهودية) وسرعان ما ظهرت لهذا الكتاب طبعات باللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية واللغة العربية مما ساعد على انتشار الكتاب طولا وعرضا في الأواسط اليهودية في أنحاء العالم طالب هرتزل في هذا الكتاب بإنشاء دولة يهودية وأشار في كتابه إلى فلسطين كمكان للدولة المرتقبة ونظر إليها على أنها الوطن القومي الذي لا ينسى. دعا هرتزل إلى عقد مؤتمر عالمي خاص باليهود لبحث مشكلتهم ولقيت دعوته ترحيبا جارا من فريق كبير من اليهود وفي أوت عام 1897 عقد هذا المؤتمر في مدينة (بال) بسويسرا حينما أعلن تيودور هرتزل صيحته بقوله. "نحن اليهود شأننا في ذلك شأن أية أمة أخرى لنا الحق في تقرير مصيرنا وفي المكان الذي يريده الجنس اليهودي حتى يحكم نفسه ويعيد إلى الحياة استقلاله القويم الذي كان قائما في وقت من الأوقات". ولم يعلن (هرتزل) حرية المقدسة هذه إلا بعد أن نسق أفكاره ونظم مخططاته في مشروع كامل راح يعرضه على أثرياء اليهود وزعمائهم أمثال: البارون هيرش، وأسرة روتشليد، وما لبث هذا المشروع الاستعماري أن خطى أول خطواته العلمية بتكوين (المنظمة الصهيونية العالمية) التي تبلورت عقيدتها في برنامج (بال) حيث تحددت الغاية واتفق على الوسيلة. كانت الغاية التي أعلنها المؤتمر الأول في (بال) هي (خلق وطن اليهودي في فلسطين) أما الوسيلة فتلخصت في النقاط الآتية : 1- العمل على استعمار فلسطين بواسطة العمال الزراعيين والصناعيين اليهود. 2- تنظيم القوى اليهودية العالمية وربطها بواسطة منظمات محلية ودولية، بحيث تتلاءم مع القوانين المتبعة في كل دولة. 3- تدعيم المشاعر ليهودية وتقوية الوعي القومي اليهودي. 4- اتخاذ الخطوات التمهيدية للحصول على التأييد الضروري لتحقيق غاية الصهيونية، وانطلقت الحركة الصهيونية لتنفيذ برنامج (بال) تحت زعامة هرتزل من خلال أنشطة أربعة: .