تستمر ظاهرة بيع الشاي الصحراوي في الشوارع العاصمية، فبالرغم من قساوة الطقس وانخفاض درجة الحرارة ورداءة الأحوال الجوية إلا أن هؤلاء الباعة القادمين من الجنوب الجزائري لم يستسلموا لها وهم يتحدون البطالة وجبروتها في ظل غياب البديل عنها. لا تكاد تخلو شوارع العاصمة الكبرى كساحة أول ماي، بلكور، محطة تافورة والبريد المركزي ومدن أخرى عاصمية من هؤلاء الشباب الذين يمتازون عن سكان العاصمة بلون بشرتهم الداكنة والسمراء، حاملين أباريق صفراء اللون وقفة بها أكواب بلاستيكية ونعناع وفي بعض الأحيان مكسرات من لوز وكاوكاو. يلقى هؤلاء الباعة الجوالون إقبالا كبيرا من طرف المارة وحتى العمال الذين يتوافدون في ساعات الغداء لاقتناء أكواب من الشاي لهم ولزملائهم، منجذبين بنكهة الشاي الصحراوي المميز من جهة ومن جهة أخرى لحسن معاملة الباعة للزبائن، وهذه المعاملة الطيبة تعكس جود وكرم سكان الصحراء الجزائرية. ليس من السهل أن تحمل إبريقا من الشاي وتجوب به الشوارع خصوصا في البرد القارس كالبرد الذي يجتاح العاصمة هذه الأيام. وفي جولة ل''الحوار'' بإحدى المدن العاصمية حيث يتواجد باعة الشاي مستفسرين حول ظروف عملهم في هذا الفصل وبالضبط ببوزيعة بجانب الجامعة، علمنا أن هناك شابا يأتي كل يوم ويجول بين الطلبة ليبيع لهم الشاي وبالفعل ترقبناه وقصدناه لمحاورته، فأخبرنا أنه يقطن في ولاية بشار وأنه يمتهن هذه المهنة منذ سنة بالضبط وأنه اختار هذا المكان لكثرة الطلبة الذين يقتنون منه الشاي في كل الأوقات. وقد أضاف محدثنا أنه إذا لم يأت يبحث عنه الطلبة قلقا عليه بحكم أنهم اعتادوا عليه، وهو سعيد جدا فهي مهمة شريفة وتعتمد على قوة وإرادة جبارة، ورغم البرد الذي تعرفه منطقة بوزيعة إلا أنه يتحدى من أجل لقمة عيشه حسب ما قاله، وعند هطول الأمطار يحتمي تحت سقف إحدى قاعات الأكل السريع. أما محمد في السابعة عشر عاما وهو من عمق مدينة أدرار فإنه يجول كل شوارع العاصمة وهو معروف أكثر بمقام الشهيد حيث تتوافد العائلات والسياح فيبيع لهم الشاي، فرغم البرد لم يتخل عن إبريقه الذي هو مصدر رزقه الوحيد. وأضاف محدثنا أنه عند سقوط الأمطار يجوب الشوارع وعند استقرار حالة الطقس يجول في مقام الشهيد هذا لقلة التوافد على المكان عند سقوط الأمطار. كما أخبرنا أنه يطمح لعمل أفضل من هذا لأنه يرهقه جدا وفي بعض الأحيان يجد نفسه محل سخرية من طرف الأطفال ورغم هذا هو صابر ويعمل بكل جد ليسترزق أفضل من أن يمد يده للتسول، فكما قال ''اليد العليا أفضل من اليد السفلى واللّه هو مفرج الكروب والحمد لله''.