لقد أصبح للخيمة الصحراوية مفهوم جديد، وأصبحت وسيلة لجلب المواطنين بجميع فئاتهم، بعدما كانت رمزا للعزلة وبساطة العيش. فقد كان لوقع المهرجانات والمواسم المقامة في الجزائر العاصمة التأثير الكبير على الزائرين والوافدين بحيث أعيد لها الاعتبار كرمز حضاري وموروث ثقافي. وبالنظر للإقبال الكبير الذي شهدته، فقد عمد الكثير إلى نصب خيام بكافة التجهيزات داخل المطاعم وقاعات الشاي والمقاهي لاستقطاب أكبر فئة من الناس. أصبحت الخيمة الصحراوية المقامة حاليا في المدن الكبرى، أكثر تطورا وتجهيزا ولا تشبه الخيمة الأصلية إلا في الشكل لما تحتويه من ديكور تقليدي وعصري في آن واحد. سكان العاصمة يفضلون الخيمة الصحراوية لم تكن الخيمة الصحراوية موجودة إلا في بعض المناطق السياحية كسيدي فرج، تيبازة، وزرالدة في إطار سياحي. كما كان وجودها في العاصمة مرتبطا في الغالب بموسم الاصطياف أما اليوم فقد انتشرت وبصفة كبيرة في المطاعم والفنادق الفخمة كالهيلتون. وعن سبب تفضيل الناس الخيم الصحراوية، قصدنا أحد المطاعم الموجودة بالأبيار والذي جعل الطابق الثاني منه عبارة عن خيمة فوجدنا عدة عائلات وأزواج جالسين في جو مريح، وهنا سألنا سفيان عن سبب تفضيله الجلوس في الخيمة الصحراوية فقال: ''إن الخيمة تتميز بجلسات عائلية كما لديه رغبة هو وعائلته في التخلص من ضجيج المطاعم إضافة إلى الديكور المذهل الذي تتميز به الخيمة من زرابى تقليدية، أوانى نحاسية، وجلود الخرفان وكذلك الجلوس على المقاعد الجلدية التقليدية عوض الكراسي.. كل شيء يعطيك الانطباع كأنك وسط هدوء الصحراء''. أما خديجة فتفضل الخيمة الصحراوية لأنها تضمن قعدة عائلية مئة بالمئة.. ديكور صحراوي موسيقى هادئة.. وخاصة وأكثر ما يجذبها الشاي الصحراوي ذو النكهة المميزة جدا إلى جانب المكسرات، الخفاف، المقروط وبعض الحلويات الشرقية.. فجو الخيمة بالنسبة لها لا يضاهيه أي مكان. الهدوء والديكور الصحراوي بعيدا عن الضوضاء وبانتقالنا إلى مطعم آخر في حيدرة حول جناح منه إلى خيمة، وجدنا نفس الأجواء السائدة. اقتربنا من جمال وهو نادل بالمطعم، سألناه عن مدى إقبال الناس على المطعم وبالخصوص الخيمة الصحراوية، فأجاب أن فكرة تخصيص جناح خاص وتزيينه بديكور صحراوي لاقى ترحيبا كبيرا من الناس، فأضحت العائلات تتوافد بكثرة على المكان. فمع ازدحام المطاعم، وكثرة محلات الأكل الخفيف لا شيء يضاهي لحظة هدوء وتأمل داخل خيمة تشعر من يجلس بداخلها كأنه وسط الصحراء ولو للحظات، إضافة إلى الخدمة الراقية التي نقدمها للزبون. فمثلا الشاي نقدمه على الطريقة الصحراوية، فنحن نعتمد على المواقد الصغيرة المستقلة التي تستخدم في طهي الشاي في حين أن الأباريق النحاسية تمكنه من البقاء على درجة حرارة معقولة لأطول فترة ممكنة. كما ونشعل تحته قطعا من الفحم من حين إلى آخر حتى تنبعث رائحة الشاي بالنعناع لتدغدغ حاسة الشم لدى الزبائن فلا يقاومون بعدها كؤوس الشاي الأخضر الساخن على الطريقة الصحراوية التي لا يختلف عليها اثنان. من جهة أخرى نقدم أطباقا من الحلويات التقليدية والشرقية والمكسرات بجميع أنواعها.. أما عن الأثمان فهي في متناول الجميع فالعديد ممن ارتادوا هذا المكان مرة ولاحظوا الأجواء السائدة وحفاوة الترحيب عاودوا الزيارة لعدة مرات. اقتربنا من إحدى العائلات التي كانت تحتسي أكواب الشاي وتستمتع على وقع الموسيقى الهادئة، فأجابت نعيمة أنا لكثرة عشقها للصحراء وأجوائها الحميمة كانت تتمنى زيارتها وحتى العيش فيها، وقد استحسنت كثيرا هذه الفكرة كون إعداد الخيمة الصحراوية بمثابة قدوم الصحراء إلينا بدل ذهابنا إليها، إضافة إلى عشقها الكبير للشاي الصحراوي. فتقول إنها سابقا كانت تشتري الشاي من عند الباعة المتجولين الوافدين من الصحراء الذين يجولون الشوارع والأسواق ومحطات الحافلات ومواقف السيارات بالعاصمة، حاملين أباريق الشاي الصحراوي الساخن وحزم النعناع الطازج، ''أما الآن فأنا أستمتع بالشاي والأجواء الصحراوية في آن واحد''. قعدة الخيمة ممزوجة بالأرجيلة إلى جانب نعيمة وجدنا ياسين الذي يفضل ارتياد هذا المكان لاحتساء الشاي وأخذ نفس ''أرجيلة''، حيث عبر قائلا إنه يجد متعة كبيرة في عيش الأجواء الصحراوية بكل معانيها، فالمعروف عن الخيمة أنها رمز من رموز الكرم والجود الخاصة بأهل الصحراء، فهي تنصب عاليا في الصحراء حتى يراها الضيف من بعيد وتقوده إلى المكان الذي يجد فيه الطعام والمأوى والحماية.. فجميل أن تكون مثل هذه المبادرات للتعريف بالسياحة الصحراوية وجذب الزبائن الذين يحنون إلى القعدة الصحراوية. يمكن اعتبار نصب الخيم الصحراوية داخل المطاعم والفنادق ظاهرة إيجابية نظرا لمزجها بين معالم الأصالة التي يحن إليها المواطن الساكن في المدن الساحلية خاصة والمعاصرة، وهذا ما يخلق انطباعا جيدا لدى الزبائن باعتبارها إحياء لمجد الخيمة التقليدية وثقافة الصحراء التي ترتكز على ثلاثة أمور: الشاي، الخيمة والأرجيلة، بالإضافة لكونها حافزا لتشجيع السياحة الصحراوية وعيش الأجواء بكل معانيها عن كثب.