التحقت الساحة الثقافية و الفنية بتسونامي الحراك الشعبي الذي حررها من جميع القيود ، بعد ان كانت بعيدة كل البعد عن ما يعرف بالحياة السياسية ، بسبب سياسة تكميم الأفواه التي انتهجها النظام الجزائري ضد كل من ينتقد سياسته . ”شكون سبابنا و شكون سبابنا… الدولة هي لي سبابنا ” ، شعار دخل الحراك الشعبي به جمعته التاسعة وسط تحديات جديدة فرضتها التطورات في الساحة السياسية ، اصبحت أغاني الملاعب من المحركات الأساسية للمسيرات الشعبية التي تشهدها البلاد، بشعاراتها التي تردد وتكتب من طرف الشباب ، لتؤكد الوعي الكبير الذي تتمتع به هذه الفئة. روبورتاج : رتيبة – عبديش الحراك الشعبي يرفع هتافات الملاعب الرياضية «خليني نروح في بابور اللوح» و» ساعات لفجر أو مجاني نوم » وغيرهما، هي أهازيج أصبحنا نسمعها تُردد في كل مسيرة سلمية للمطالبة بالتغيير، بعد أن كانت الملاعب هي المنبر الوحيد للهتاف بهذه الأغاني الرياضية التي تحمل دلالات و رسائل اجتماعية وسياسية قوية ، وأظهرت تقدما واسعا في وعي الشباب ، لكن عدواها و أثرها انتقلت بشكل ملفت، إلى نخبة المجتمع خلال الحراك الشعبي الذي بدأ يوم 22 فيفري الماضي ، في ظاهرة يرجعها المختصون إلى ما شكلته الملاعب على مدار عقود طويلة، من فضاء أمثل للتعبير عن الظروف المعيشية والتنفيس على ما يعيشونه من مشاكل اجتماعية ، و نقل رسائل مباشرة للسلطة .
المسيرات الشعبية محطة إلهام المغنيين ….
شكلت المظاهرات الشعبية محطة إلهام المغنيين الجزائريين ،فأطلقوا أغنيات تدعم الحراك للمطالبة بتغيير النظام الحالي ورحيل كل رموزه . حيث تفاعل مجموعة من الفنانين المقيمين داخل وخارج البلاد مع الحراك الشعبي بإصدار أغان تعبر عن مطالبه وتشيد بالمظاهرات وسلميتها، وهي الأغاني التي لقيت رواجا كبيرا. أطلق مغني الراب الجزائري المقيم في فرنسا سولكنيغ واسمه الحقيقي عبد الرؤوف دراجي، عبر قناته الرسمية على يوتيوب، أغنية مصورة بعنوان “الحرية” وحققت الأغنية التي شارك فيها فرقة أولاد البهجة الموسيقية إلى غاية اليوم 65 مليون مشاهدة في موقع يوتيوب. وتفاعل الجزائريون معها بقوة واتخذوها شعارا لهم في المظاهرات و حتى المنشورات الفيسبوكية .و سبق سولكينغ مجموعة من الفنانين (أمل زن ، مصطفى لعريبي، كمال عبدات ، مينة لطرش و آخرون ) بالعربية والفرنسية والأمازيغية أغنية “يوم الشعب” يدعمون فيها الحراك الشعبي. وعبرت المطربة الجزائرية المقيمة بالتشيك رجاء مزيان عن رفضها للأوضاع و دعمها للحراك وترجمت ذلك في أغنية عنوانها “ألو.. سيستام” (ألو النظام) . وحصدت الأغنية منذ إطلاقها أكثر من 21 مليون مشاهدة.وتحتوي الأغنية على عبارات ترفض الوضع المعاش “نريدها شعبية وليست ملكية ألو.. أيّها النظام هل تسمعني أم أنك أغلقت أذنك”.و تزامنا مع يوم المرأة أطلقت المغنية الجزائرية أمال زان هي الأخرى أغنية بعنوان “حرّة” تكريما للمرأة الجزائرية التي سجلت حضورها بقوة في الحراك.
مؤثرو مواقع التواصل يغردون خارج السرب
أصدر “اليوتوبر” أنس تينا فيديو جديد لخص فيه مطالب الحراك الشعبي و الاسباب التي أدت الى تحرك الشعب، كما قصف الموالاة ومن يؤيد السلطة و كل من له علاقة بالنظام القديم ، في ذات السياق أطلق اليوتوبر ديزاد جوكر DZjoker، فيديو جديد ، داعيا الى إحداث التغيير ”التغيير بطريقة سلمية "دون تخريب بيتنا"، وهو الفيديو الذي لقي نسبة كبيرة من المشاهدة في ظرف وجيز من قبل كل فئات المجتمع ، و معروف عن كليهما مواكبة الأحداث التي يعيشها المجتمع الجزائري على جميع الأصعدة . في حين غاب العديد من ”اليوتيورز” المؤثرين ، عبر فيديوهاتهم عن التطرق إلى ما تعيشه الجزائر من حركة سياسية ، كذلك هو الحال بالنسبة لبعض الصحفيين الذين أصبحوا يغردون خارج السرب .
المثقف يخرج عن عزوفه السياسي
أثار الحِراك الشّعبي الّذي تعيشه الجزائر ، الكثير من الأسئلة حول مكانة ومكان ودور المثقف في الحياة السياسية، وحول التحاقه مؤخرا بالشارع والمسيرات. فالمثقف الّذي كان يكتفي بالكتابة والتنظير من وراء مكتبه أو من وراء شاشة الحاسوب. وأحيانا من وراء ميكروفونات الإذاعات أو استوديوهات التلفزيونات، فجأة انخرط وانغمس واندمج في الشارع. ترك أريكته ومكتبه ونزل إلى الشارع. يمشي جنبًا إلى جنب مع الجماهير من مختلف الشرائح والفئات. المثقف ابن كتاباته ومقالاته وتنظيراته، وجد نفسه ابن الشارع، رفيق وزميل الجماهير، يُساهم في الحِراك بالمسيرات والوقفات ، حيث لمسنا منذ بداية الحراك خروج العديد من الوجوه الفنية و الثقافية على غرار ( أمين زاوي ، توفيق ومان، ياسمينة خضرة ، و كذلك ابناء الدراما و السينما الجزائرية ( صالح اوقروت ، سميرة صحراوي ، نضال جزائري ، و العديد من الوجوه الشبانية ) .
برامج رمضان أكثر جرأة
بدأت ملامح الشبكة البرامجية لمختلف القنوات الجزائرية الخاصة بالظهور ، خاصة و نحن على أبواب شهر رمضان المبارك ، و حسب الومضات الاشهارية لبعض المسلسلات الدرامية و الكوميدية ، التي تحمل طابعا سياسيا محض، يحكي الواقع الجزائري بجرأة أكثر مما اعتاد عليه المشاهد الجزائري ، تطرقت بعض البرامج الى انتفاضة الشعب الجزائري ضد ما يعيشه في حياته اليومية، و يتوقع برمجة المسلسل الفكاهي ” الرايس قورصو” خلال الشهر الفضيل ، بعد أن تم منعه السنة الفارطة لاحتوائه على نقد لاذع للسلطة وتمرير رسائل مشفرة للمشاهد الجزائري .
الحراك يحررعمال القطاع الثقافي…
نظم العشرات من العمال و الإطارات في وزارة الثقافة وقفتهم الاحتجاجية ضد حكومة نور الدين بدوي ووزيرة الثقافة مريم مرداسي. وعبّر عمال قطاع الثقافة عن مساندتهم للحراك الشعبي الرافض لتولي عبد القادر بن صالح مهام رئيسة الدولة في مرحلتها الانتقالية. وعاد المحتجّون أمام الإدارة المركزية في مقر إلى رفع شعارات التنديد باستمرار النظام الفاسد، ورفضهم المطلق للحكومة الفاقدة للشرعية ورئيس الدولة المرفوض شعبيا. مطالبين بفتح ملفات الفساد الذي طال قطاع الثقافة برعاية رموز السلطة الحاكمة خلال العشرين سنة الماضية. وحسب منشور لموظف في وزارة الثقافة "حمزة جاب الله" على صفحته الخاصة في الفايسبوك، فقد تعرّض المحتجّون لضغوط في محاولة لثنيهم عن حراكهم، حيث كتب قائلا : "رغم تهديد المسؤولين ومحاولة ترهيب الموظفين المشاركين في الوقفة الاحتجاجية إلا" أننا صامدون..". ودعا المحتجّين في مبنى العناصر موظفي قطاع الثقافة في كل الولايات إلى الانضمام إلى الاحتجاجات .