خصص الفريق أحمد ڤايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي اليوم الثاني من زيارته إلى الناحية العسكرية الثانية، بإشرافه على تنفيذ تمرين رمايات بالصواريخ، انطلاقا من الغواصتين "الونشريس" و"الهقار"، ضد أهداف سطحية. السيد الفريق ورفقة اللواء مفتاح صواب قائد الناحية العسكرية الثانية، واللواء محمد العربي حولي قائد القوات البحرية، استمع في البداية إلى عرض حول مراحل وسير التمرين المنفذ على مستوى مضلع الرمي للقوات البحرية بالواجهة البحرية الغربية بوهران، ليتابع بعدها مجريات التمرين الذي تم تنفيذه من قبل أطقم الغواصتين. ويندرج هذا التمرين التجريبي في إطار التأكد من مدى الفعالية العملياتية للغواصتين وقد تم تنفيذ الرمي بنجاح حيث تم تدمير الأهداف البحرية بدقة عالية، وهو ما يعد نجاحا آخر وثمرة من ثمار التحكم الجيد للأطقم في مختلف الأسلحة والمعدات، ما يؤكد أيضا التطور والجاهزية العملياتية التي بلغتها وحدات القوات البحرية الجزائرية خلال السنوات الأخيرة. وبالقاعدة البحرية الرئيسية مرسى الكبير التقى السيد الفريق بإطارات وأفراد الواجهة البحرية الغربية، أين ألقى كلمة توجيهية تابعها أفراد الوحدات البحرية عبر التراب الوطني، جدد فيها التذكير بالمواقف الثابتة للجيش الوطني الشعبي بخصوص الوضع الذي تعيشه بلادنا، خاصة ما تعلق منها بضرورة التمسك بالخيار الدستوري، وضرورة تركيز الجهود على تنظيم الانتخابات الرئاسية في أقرب الآجال، مشيدا بالجهود الوطنية المخلصة التي تبذلها الهيئة الوطنية للوساطة والحوار، ومنوها بالنتائج المشجعة المحققة في وقت قصير، داعيا كل الخيرين والشرفاء من أبناء الجزائر، إلى تلبية نداء الوطن، والمساهمة في إثراء الحوار الوطني: "إن المرحلة المفصلية التي تمر بها بلادنا، تتطلب التحلي بالحكمة والروية والتبصر، مرحلةٌ تعهد فيها الجيش الوطني الشعبي بمرافقة الشعب ومؤسسات الدولة ومسار الحوار، وفقا لمقاربة مدروسة بعناية، مؤكدا في كل مرة ثبات مواقفه حيال الوطن والشعب، ومحذرا من المساس بالمصالح العليا للوطن التي لا تقبل المساومة بأي حال من الأحوال. هذه المقاربة ترتكز على ترجيح الشرعية الدستورية، من خلال تنظيم انتخابات رئاسية شفافة في أقرب الآجال، تجنبنا كل المراحل الانتقالية الوخيمة العواقب، التي تروج لها بعض الأطراف التي لا غاية لها سوى تحقيق مصالحها الضيقة ومصالح أسيادها، هذه الأطراف التي بدأت تنكشف على حقيقتها، ولدينا معلومات مؤكدة حول تورطها، سنكشف عنها في الوقت المناسب، قلت، هذه المقاربة التي تدعو إلى تبني الحوار العقلاني النزيه والجاد، قد حظيت بدعم أغلبية مكونات الشعب الجزائري، لأنه السبيل الأمثل الكفيل بالحفاظ على المصالح العليا للوطن، وهو ما أكد عليه السيد رئيس الدولة، في رسالته الموجهة إلى الشعب الجزائري بمناسبة يوم المجاهد. وفي هذا الصدد بالذات، أود أن أشيد بالجهود الوطنية المخلصة التي تبذلها الهيئة الوطنية للوساطة والحوار، وأنوه بالنتائج المشجعة المحققة في وقت قصير، كما نجزي جزيل الشكر لكل الذين لبوا نداء الوطن، انطلاقا من إخلاصهم الصادق، وإيمانهم الثابت بأن الجزائر التي سقيت أرضها الطاهرة بدماء الملايين من الشهداء ستعرف كيف تخرج بحول الله تعالى وقوته، من أزمتها وكيف تنتصر كما عهدناها دوما. في هذا الإطار بالذات، وإذ أنوه بالمساعي الحميدة المبذولة للدفع بعجلة الحوار قدما، نحو إيجاد مخارج عقلانية وموضوعية للأزمة الحالية، فإننا نجدد، مرة أخرى، دعوتنا لكل الخيرين والشرفاء، الذين تحدوهم النوايا الطيبة والغيرة على الجزائر، إلى الوقوف وقفة رجل واحد وتلبية نداء الوطن وعدم التخلف عن الركب، للمساهمة في إثراء هذا الحوار الوطني، بما يضمن تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال، في كنف الشفافية والنزاهة واحترام الإرادة الشعبية في اختيار رئيس للجمهورية يعمل على خدمة بلده وشعبه بكل إخلاص وتفاني، وتكون له كامل الصلاحيات لتجسيد التطلعات المشروعة للشعب، والسير ببلادنا نحو المستقبل المنشود". السيد الفريق حذر من بعض الأصوات المعروفة بنواياها الخبيثة، والتي باعت ضمائرها لتخدم مصالح العصابة ومصالح أسيادها، والتي تعمل بكل الوسائل المتاحة على عرقلة عمل الهيئة الوطنية للوساطة والحوار، لاسيما من خلال محاولة فرض شروط تعجيزية وإملاءات مرفوضة جملة وتفصيلا، على غرار الترويج لفكرة التفاوض بدل الحوار والتعيين بدل الانتخاب: "هذه الانتخابات ستكون فرصة حقيقية لتجسيد الإرادة الشعبية وترجمتها على أرض الواقع من خلال انتخاب رئيس يحظى بالشرعية اللازمة وبثقة الشعب، المصر على هذا المطلب الملح وعلى موقفه الثابت بخصوص تحضير وإجراء الانتخابات الرئاسية، في أقرب الآجال، بل أن المنطق يفرض الشروع في التحضير لها خلال الأسابيع القليلة القادمة، ولأن الوقت ليس في صالحنا كما أكدنا على ذلك مرارا، ولأن كل ما نقوله مبني على معلومات مؤكدة ومعطيات موثوقة تؤكد كلها أن هذا هو الخيار الأسلم والأنجع للخروج من الأزمة الحالية، وعليه، أجدد الدعوة مرة أخرى إلى ضرورة التعجيل بتنصيب الهيئة الوطنية المستقلة لتحضير وتنظيم ومراقبة الانتخابات الرئاسية، التي تعد ضمانا أساسيا لتجاوز الوضع الراهن. لكن وللأسف الشديد، وفي الوقت الذي ظل فيه المخلصون الصادقون من أبناء الوطن، يدعون باستمرار إلى تعزيز اللحمة الوطنية وتكاتف الجهود وتغليب المصلحة العليا للوطن، لا تزال بعض الأصوات الناعقة المعروفة بنواياها الخبيثة، والتي باعت ضمائرها لتخدم مصالح العصابة ومصالح أسيادها، تعمل بكل الوسائل المتاحة على عرقلة عمل الهيئة الوطنية للوساطة والحوار، لاسيما من خلال محاولة فرض شروط تعجيزية وإملاءات مرفوضة جملة وتفصيلا، على غرار الترويج لفكرة التفاوض بدل الحوار والتعيين بدل الانتخاب وممارسة الألاعيب المفضوحة عبر التركيز على قضايا هامشية لا فائدة ترجى منها، إضافة إلى محاولة بث أفكار مسمومة ترهن الرئيس القادم وتفرض عليه تطبيق أجندات معدة مسبقا، وهو إجراء غير مقبول لكونه يتناقض تماما مع أحكام الدستور الواضحة في هذا المجال، ويحد من صلاحيات الرئيس المنتخب، رغم أنه بعد انتخابه سيكون قد حاز على شرعية الصندوق وحظي بثقة الشعب الذي اختاره على أساس برنامج محدد، كل هذه الألاعيب تهدف إلى التشويش على مسار الحوار وتوجيهه إلى ما يخدم المصالح الخاصة للعصابة. كما أود بهذه المناسبة أن أتوجه إلى رجال العدالة، بأسمى آيات التقدير والتشجيع، على الجهود التي يبذلونها في مكافحة آفة الفساد، مجددين تعهدنا في الجيش الوطني الشعبي، على مرافقتهم وتقديم لهم الضمانات الكافية لأداء مهامهم النبيلة، بعيدا عن أي شكل من أشكال الضغوطات، لأن العدالة التي تعد أساس دولة القانون، قد استرجعت والحمد لله صلاحياتها وحريتها ودورها الحقيقي، ورجالها مصممون ومصرون على تطبيق القانون بحذافيره ضد العابثين، من خلال معالجة كافة الملفات دون استثناء، بما فيها تلك التي بقيت حبيسة الأدراج وفي طي النسيان، كما أشرت إليه في مناسبات سابقة". السيد الفريق حرص في الأخير على تهنئة طاقم الغواصتين على تحكمهم الجيد في الأسلحة والمعدات ذات التكنولوجيات العالية، مشيدا بالجهود الكبرى التي بُذلت من أجل تطوير قدرات القوات البحرية كمكون أساسي من مكونات قواتنا المسلحة: "إن إجراء التمارين الاختبارية، هي من أنجع الطرق التي يتم من خلالها معاينة والحكم على مدى استيعاب برامج التحضير القتالي، ناهيك عن مدى متانة التكوين الملقن على أكثر من مستوى، ومدى تكيفه مع المهام الموكلة، وهنا لا بد من الإشارة، بل التنبيه إلى أن من أنجع السبل الموصلة إلى استيعاب متطلبات الاستغلال الأمثل للعتاد والتجهيزات العصرية الموجودة في الحوزة، هي سبل المداومة على تنفيذ برامج التحضير القتالي. وعليه، وبعد دخول هاتين الغواصتين في الخدمة مع مطلع السنة الجارية، يأتي هذا التمرين تتويجا لمرحلة التكوين النظري والتطبيقي الذي تابعه الأطقم، والذي مكنهم من استيعاب التكنولوجيات العصرية، وهضم متطلبات الاستغلال الأمثل لوسائل بحرية في غاية الإتقان والفعالية، من حيث دقة الأداء وجودته، ومن حيث التحكم في التكنولوجيا المستعملة، وتلكم لبنة أخرى قوية من اللبنات الكثيرة، التي ندعم بها اليوم أسطولنا البحري، وستسهم في إعلاء صرح قواتنا البحرية، التي تمثل مكونا أساسيا من مكونات قوام المعركة لدينا، وأيضا ستسهم في إبراز الرؤية السديدة المتبناة في هذا الاتجاه الاستراتيجي والحيوي، هذه الرؤية التي بدأت تجود بثمارها، ما فتئت القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي تغرس بذورها في عقول وقلوب الأفراد العسكريين. فاتباعا لهذه الوتيرة العازمة ومخلصة النية والقصد، تمكن أسطولنا البحري في خلال سنوات قليلة، على غرار بقية القوات الأخرى، من حيازة كل عوامل القوة والعصرنة، وامتلاك ناصية التكنولوجيات المتطورة، بل والمعقدة، وأضحى بذلك مثالا يقتدى به في مجال العمل المهني المحترف الجاد والمسؤول، وهو ما كفل ويكفل له التحكم الكامل والاستغلال الأمثل والعقلاني لمثل هذا السلاح البحري الإستراتيجي وغيره من الوسائل والتجهيزات المتطورة التي لها، كما تعلمون جميعا، أهميتها القصوى والمؤكدة في مجال تعزيز القوة البحرية، وترسيخ حضور قواتنا البحرية في حوض البحر الأبيض المتوسط". وفي ختام اللقاء استمع السيد الفريق إلى تدخلات إطارات وأفراد الواجهة البحرية الغربية، الذين عبروا عن فخرهم بهذه المكاسب المعتبرة التي يحوز عليها أسطول قواتنا البحرية.