أجمع اعلاميون، ومهنيون بقطاع الصحافة والاعلام، أن هذه المهنة لم تتطور بل تراجعت كثيرا خاصة في ظل الظروف السياسية التي تشهدها البلاد من قمع حرية التعبير و سياسة تكميم الأفواه ، كما أكدوا في حديثهم مع “الاتحاد”، غياب قوانين تضبط القطاع و تنظمه، أن “السلطة الرابعة” تعيش واقعا مريرا وتعلق كل آمالها على المرحلة القادمة. مدير مكتب العربية بالجزائر، رؤوف حرز الله: قطاع الاعلام تراجع كثيرا.. قال الصحفي رؤوف حرز الله، مدير مكاتب قناة العربية بالجزائر، ومدير وكالة اوراس، في تصريح ل”الاتحاد”، أمس، أن قطاع الصحافة والاعلام في البلاد تراجع كثيرا خاصة في الآونة الأخيرة. وأكد محدثنا أن هذا القطاع فقد عدة مكتسبات حققها الصحفيون الجزائريون في عهد الاصلاحات وبعد تحرير قطاع الصحافة في بداية تسعينيات القرن الماضي. وتابع حرز الله بالقول: “هذا القطاع تراجع كثيرا برغم الوفرة الكبيرة للعناوين الصحفية وكذا تعدد القنوات الخاصة التي لازالت اجنبية”، موضحا أن هذا المجال بحاجة الى الكثير من العمل والجهود بالإضافة الى توفر الإرادة للدفع بهذا القطاع خاصة أنه “شريك كبير في الحكم وتسيير البلاد”، يضيف المتحدث ذاته. وعبر حرز الله عن أمله في أن يقوم الرئيس القادم او السلطة القادمة بإصلاحات جذرية على مستوى قطاع الصحافة والاعلام، ومنح مساحة أكبر لحرية الصحافة. وعن اليوم الوطني للصحافة، قال ان هذا التاريخ لا يعنيه، كونه يرتبط بفترة الرئيس “المخلوع” على حد وصفه.
الاعلامي جمال معافة: “القطاع لم يتطور ابدا ولا بد من اعادة تأهيله” أكد الاعلامي جمال معافة، ان قطاع الصحافة والاعلام في الجزائر لم يتطور ابدا، مضيفا ان الجزائر بحاجة ماسة الى قطاع اعلامي مهني يرقى الى المستوى المطلوب، موضحا ان مهنة الصحافة والاعلام بحاجة الى اعادة تأهيل لتنظيم وضبط القطاع.
وأشار معافة، في تصريح ل”الاتحاد”، أمس، لأهم المشاكل العالقة والملفات الشائكة على مستوى القطاع، لافتا الى هيئة ضبط السمعي البصري التي لا تؤدي مهامها على أكمل وجه، وصوتها غير مسموع حسب محدثنا، مشيرا في الاطار، الى غياب هيئة ضبط الصحافة المكتوبة، متسائلا عن سبب التماطل في تنصيب هذه الهيئة اضافة الى مجلس اخلاقيات المهنة، الذي هو الآخر غائب تماما عن هذا المجال الى غاية اليوم. في الاطار، اعتبر معافة ان الاشكال الكبير الذي يجدر التطرق اليه، هو عدم اتضاح الرؤية في مجال السمعي البصري، فرغم تعدد القنوات الخاصة الا انها تنشط دون اعتمادات، ناهيك عن مشكل الاجور الذي يؤرق الصحفيين والمنتمين لهذا القطاع. رئيس جمعية صحفيي الجزائر العاصمة، سليمان عبدوش: الدخلاء على المهنة شوهوا صورة الصحفي الحقيقية اعتبر سليمان عبدوش، رئيس جمعية صحفيي الجزائر العاصمة، أن الصحافة الجزائرية لم تعد قادرة بشكل عام على ترجمة ما يصبو إليه الرأي العام الوطني، من نقل معاناته وتطلعاته اليومية. وأضاف محدثنا في تصريح ل”الاتحاد”، أمس، أن الكثير من و سائل الإعلام الوطنية اكتفت بالجري وراء مصالحها والتخندق مع السلطة بدل كشف الواقع الحقيقي الذي تشهده البلاد. وتأسف عبدوش، عن حال الصحافة في الوقت الراهن، قائلا أن القطاع يشهد تراجعا كبيرا خاصة قبل بداية الحراك الشعبي السلمي المطالب بالتغيير وبعده، حيث تراجعت الحريات بشكل مخيف لم يسجل حتى خلال فترة العشرية السوداء، يضيف المتحدث ذاته. وحمل جزء كبير من المسؤولية للدخلاء على هذا المجال، متابعا بالقول ” لقد شوه هؤلاء صورة الصحفي الحقيقية في نقل الحقيقة وتنوير الرأي العام الوطني، وللأسف نسجل غياب المسؤولية الاجتماعية وحتى الأخلاقية في التعاطي الإعلامي مع كثير من القضايا”.
فريدة شراد، صحفية بموقع الكتروني: صحفيو المواقع الالكترونية يعانون أكثر من غيرهم بدورها، ترى فريدة شراد، صحفية بالموقع الالكتروني “اوراس”، أن الإعلام في الجزائر يمر بمرحلة حساسة كثيرا بسبب الوضع الذي دخلت فيه البلاد منذ 22 فيفري -الحراك الشعبي المبارك- الذي أصبح يفرض على الصحافيين تغيير طريقة تعاملهم مع المعلومة وتصحيح المعلومات المغلوطة التي انتشرت بشكل كبير بسبب وسائل التواصل الاجتماعي. وفي السياق، أوضحت فريدة في تصريح “للاتحاد”، أن صحفي المواقع الالكترونية في الجزائر يعانون أكثر من غيرهم في باقي الوسائل الاعلامية، بسبب عدم وجود قانون يؤطر هذا النوع الإعلامي الذي اكتفت الحكومة حسبها بإشارة له في قانون الإعلام الصادر سنة 2012. تضيف ذات المتحدثة أن الوصول إلى مصدر المعلومة الدقيقة والموثوقة في الوقت الراهن تحدّ كبير للصحفي في ظل تنامي الإشاعات عبر وسائط التواصل الاجتماعي. ومن جهة أخرى أكدت الصحفية أن معاناة الصحفي في هذه الفترة لا تقتصر على الوصول إلى المعلومة بل تعدت ذلك لتصل إلى اعتداءات كثيرة تعرض لها الإعلاميين من قبل .
أمين شيخي، مصور بجريدة وقت الجزائر: هناك وسائل اعلامية تحولت الى دكاكين تجارية ربحية من جهة اخرى، علق المصور امين شيخي على واقع الاعلامي في بلادنا بالقول ان الاعلام لم ولن يرتقي الى مصاف الامم التي تحترم نفسها، متابعا:” من معايشتي لهذه المهنة طيلة سنوات لا ارى في العناوين التي تسمي نفسها منابر اعلامية انا اسميها بصريح العبارة دكاكين تجارية ربحية على جثث الصحفيين الاموات وهم احياء او بعبارة اخرى”. وأضاف شيخي في تصريح ل”الاتحاد”، أن هذه المهنة تم اهمالها من الوصاية اي وزارة الاعلام وقبلها الحكومات المتعاقبة على الجزائر التي “حولت السلطة الرابعة او هكذا تسمى عندنا الى سلطة خاضعة لا الصحفي يستطيع ان يعمل فيها بأريحية من خلال تذليل العقبات حتى يصل الى المعلومة من دون الحاجة الى استعمال طرق اخرى في احايين كثيرة تفرض على الاعلامي فرضا فهو بالتالي مسير وليس مخير”، يضيف محدثنا. وفيما يتعلق بجانب حفظ كرامة الصحفي، قال شيخي:” الصحفي من حقه الاستفادة من تحفيزات مادية دون الحاجة الى تملق المسؤولين او مديري المؤسسات الاعلامية التي كما سميتها انفا عبارة عن دكاكين تجارة همها الاشهار لا غير”.
أنيس الهيشر، صحفي ونائب رئيس تحرير بقناة خاصة: 22 اكتوبر لا يذكرنا الا بواقع مرير نعيشه.. من جانبه، قال الصحفي أنيس الهيشر، أنه لا يمكن الحديث عن واقع الاعلام في البلاد، وتقييم الاداء الاعلامي للوضع الراهن، أو الحديث عن السلطة الرابعة، دون استحضار واسقاط متغيرات المشهد السياسي الحالي على واقع هذه المهنة، مؤكدا أن إنقاذ هذه الأخيرة بات واجبا وحتمية مسؤوليته تقع على الجميع. وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح ل”الاتحاد”، أمس، أنه “إذا كان الحراك الشعبي قد خلص الساحة من بعض الممارسات البائدة السابقة فإن المعركة الحالية التي تقع مسؤولية نجاحها على الشعب أولا والنخبة ثانيا وممارسي المهنة ثالثا هي تحرير الصحافة من التسلط الممارس عليها”، متابعا بالقول: “لا يمكن تصور جزائر ما بعد الحراك او الجمهورية الثانية المنشودة بمشهد إعلامي ووضع صحفي مماثل لنظيره السابق”. وفي سياق الموضوع، أكد الصحفي انيس الهيشر، أن القضية قضية تحرر من حيث المبدأ العام، أما من الناحية المهنية الميدانية فتعود المناسبة ككل عام ومنذ استحداثها من قبل الرئيس “المخلوع”-حسبه- لتذكر الصحفيين بواقع مرير يعيشونه، “كيف لا وصاحب مهنة المتاعب لا يجد لنفسه قانونا خاصا يحتمي به وكل ما هو موجود يعد سوى هيئات جوفاء تم اللجوء الى إقرارها بناء على ظروف وخلفيات سياسية مرحلية فحسب”، يضيف محدثنا.
ضاوية خليفة، صحفية بالإذاعة الثقافية: نتمنى ان تضمن المرحلة القادمة حقوق الصحفي و كرامته ترى ضاوية خليفة، صحفية بالإذاعة الثقافية ان مهنة الصحافة هي مهنة شاقة جدا، مضيفة أن هذه المهنة تمر بأكبر مرحلة عاشتها من حيث التضييق وقمع لحرية التعبير، بالرغم من ان الدستور والقانون يكفل حق التعبير و حرية الصحفي في ممارسة مهامه الاعلامية بكل حرية، -حسب محدثتنا-. وفي تصريح ”للاتحاد” ، قالت الصحفية ضاوية خليفة، أن الحراك الشعبي في بدايته افاد الاعلام كثيرا وحاول تحرير الاقلام و لو قليلا، غير ان فائدته لم تدم طويلا، متابعة بالقول: “نتمنى ان تضمن المرحلة القادمة حقوق الصحفي و كرامته “، مؤكدة على ضرورة حماية الصحفيين، قائلة:” الصحافة مهنة نبيلة وليست جريمة، يجب احترامها و العمل بمبادئها و اخلاقياتها”.