أصبحت الدراجات النارية في الجزائر من وسيلة نقل إلى وسيلة تقود صاحبها، وربما من حوله، إلى موت محتوم، هذا الأمر الذي أثار حفيظة المجتمع الجزائري الذي يرفض المغامرة بحياته، كل هذا يحدث وسط ارتفاع معدلات حوادث المرور في مقابل تراخي السلطات في ضبط مثل هؤلاء المغامرين. ق.م عبر بعض الشباب عن سعادتهم بامتلاكهم دراجة نارية، حيث أوضح "اسماعيل" أن إقبال كثير من الشباب على شراء الدراجة النارية مرده الرغبة في المغامرة، وليس أفضل سبيل لذلك من دراجة نارية. أما المراهق "سعيد" فحلمه شراء دراجة نارية، وقد رسم طريقه لتحقيقه عن طريق التفوق في الدراسة فهو سبيل جيد لإقناع الوالد باقتناء دراجة نارية. لكن في انتظار نهاية السنة وظهور نتيجة الامتحانات يخصص "سعيد" جزءا من وقته لتذوق هذه "المتعة"، من خلال مشاركة صديقه "رفيق" ركوب دراجته، خاصة عند الخروج من المدرسة. أما "فيصل، وهو أحد هواة هذا النوع من المراكب، فبالنسبة بالنسبة امتطاء الدراجة النارية هو تنفيس وشعور بالتفرد والاستقلالية، خاصة عندما يتمكن من تجاوز كل الحواجز التي لا يمكن للسيارة تجاوزها. لكن "فيصل" يبدو أكثر تعقلا من غيره، بقوله "لا شك في خطورة هذه الدراجات النارية، سواء على قائدها أو على سائقي السيارات، لأنها تخلو من وسائل السلامة والأمان، وأنا شخصيا أفضل قيادة دراجتي النارية في المناطق النائية، حيث أستمتع كثيراً وكلي يقين بأنني لا أسبب الأذى للآخرين تجربة مؤثرة لكن "منير " كانت تجربته الخاصة قاسية للغاية، حيث يروي: "كنت أقود دراجتي النارية رفقة أخي سنة 2004، وكان معنا جماعة من الأصدقاء فمنهم من يقوم بتصويري وأنا أؤدي بعض الاستعراضات، والآخرون يشجعونني. في هذا اليوم لم نتخذ، أنا وأخي، الاحتياطات اللازمة لقيادة الدراجة، حيث لم نكن نرتدي الخوذة الواقية، نظراً لثقتي في مهارتي، ولكن شاء القدر أن يسقط كلانا من على الدراجة. أنا أصبت إصابات خطيرة ونقلت إلى المستشفى وبقيت أسابيع أتعافى، بينما تلقى أخي ضربة في رأسه حسبناها بسيطة بادئ الأمر، ولذا رفض عرض نفسه على الطبيب، لكن بعد أشهر عدة أصبح يشعر بآلام شديدة في رأسه، ليغمى عليه ذات يوم، لنقف جميعا على حجم الفاجعة بمجرد عرضه على طبيب مختص، حيث اكتشفنا أن لديه إصابة بالغة في رأسه جراء الحادثة إياها، وعند إجراء العملية الاستعجالية، لاحظ الأطباء أن جزءا من دماغه متعفن لعدم معالجة الإصابة في وقتها، فكانت الصدمة الكبرى بفقدانه إلى الأبد بعد أيام قليلة من هذه العملية". تذكر "فيصل" هذه الحادثة بأسى شديد: "لقد فقدت أخي بسبب تهوري.. والآن أعاني من فوبيا قيادة الدراجات النارية". قصة "منير" كانت مؤثرة، ومثلها قصص كثيرة تدل على أن قيادة الدراجات النارية تعني الموت السريع. الأولياء شركاء أصليون في "الجريمة" وترى الخبيرة في الشأن الاجتماعي الأستاذة أمينة .س أن تنامي ظاهرة ركوب الشباب الجزائري للدراجات النارية ليست بنت اليوم، فمنذ السبعينيات ظلت الدراجة النارية أو موضة " الموطو " كما تسمى باللسان العامي الجزائري فعلا " استقلاليا " بامتياز، و " مظهرا افتخاريا " بل و " ممارسة فحولية " أيضا "، وتقول أن الشاب الذي يمتلك " موطو " يمتلك حريته فهو لا يحتاج لوسائل النقل الأخرى.و تؤكد أمينة .س " أن الدراجات النارية تحوّلت إلى كابوس، إلى درجة صارت خطورته مثلا شعبيا معاصرا تتداوله الألسنة " اللي شرا موطو شرا موتو ". و تحمل المختصة الإجتماعية أمينة .س العائلات والوالدين مسؤولية تنامي الظاهرة التي تشتري الدراجات النارية لأبنائها للتباهي والتفاخر في ظل تباطؤ جهود السلطات العمومية في تهيئة ممرات لمستعملي الدراجات تماما مثلما تهيئ ممرات للراجلين ومثلما هو معمول به في دول كثير.