"من يشتري موطو يشتري موتو" تشهد قسنطينة هذا الموسم أوج إقبال فئات الشباب والمراهقين على سياقة الدراجات النارية دون الاهتمام بقواعد الأمن والسلامة وفي مقدمتها استعمال الخوذات الواقية. فتراهم يجوبون الشوارع والأحياء ليلا ونهارا على شكل ثنائيات أو مواكب صاخبة، مستعرضين مهاراتهم السباقية وحركاتهم البهلوانية وهم يتسللون بين السيارات والحافلات والمارة وكأنهم يجسدون مشاهد مطاردة مجموعة في فيلم من نوع ال "أكشن" مما يعرض العديد منهم لحوادث خطيرة قد تصل الى الشلل والاعاقة أو الموت الفوري، الظاهرة ازدادت حدة نظرا للجوء الكثير من أصحاب الدراجات النارية ومعظمها قديمة يعرضونها للكراء مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 200 و800دج لجيرانهم وأصدقائهم من الشباب والمراهقين المتعطشين لتقليد أبطال الأفلام والكليبات الغنائية ومهرجي السيرك أحيانا؟ في حين يتنافس أبناء العائلات الميسورة على اقتناء آخر صيحات الدراجات النارية الغالية الثمن بهدف التفاخر وجذب الفتيات والتفنن في إبراز المواهب الاستعراضية والعامل المشترك بين الجميع هو عدم التفكير والاهتمام بقواعد السلامة وقوانين المرور والاستغناء عن الخوذات الواقية. كما أنهم ينظرون الى هذه الدراجات على أنها موضة وأداة للعب والترفيه والتسلية أكثر من كونها وسيلة نقل. والملاحظ أن ولاية قسنطينة لا تخصص لسائقي الدراجات النارية ممرات خاصة على جوانب الطرقات العمومية أو حظائر لركنها، مما يساهم في استفحال الفوضى والضوضاء وارتفاع نسبة الحوادث والمؤسف أن تعليم سياقة الدراجات النارية لا توفره كافة مدارس السياقة، ربما لأنها تعتبره نشاطا ثانويا.. في حين تشير بعض الاحصائيات الى وجود 10978 دراجة نارية في الحظيرة الوطنية. ورغم أن سائقي الدراجات النارية أكثر عرضة للحوادث الا أن الكثير منهم يتهاونون في تأمينها علما بأن المخالفين يعرضون أنفسهم للحبس لمدة تتراوح بين 8 أيام و3 أشهر وغرامة مالية. والأخطر أن العديد منهم لا يملكون أصلا رخصا لسياقتها. أداة للتباهي والتسلية والترفيه قال أحمد 27 عاما: "لا أملك رخصة لكنني أسوق أحيانا دراجة أخي الذي يملك رخصة ووثيقة تأمين.. انها رائعة، تجعلني أستغني عن الحافلات، وأصل الى الشركة التي أعمل بها دون تأخير.. وبعد أوقات العمل، استمتع أنا وصديقي بالتجول على متنها، لكن بحذر. لقد اشتراها أخي ب10 ملايين سنتيم وأبذل قصارى جهدي للمحافظة عليها وعلى نفسي.. فبعض من "يشتري موطو يشتري موتو" لقد توفي جاري البالغ من العمر 20 عاما اثر اصطدام دراجته النارية الجديدة التي لم يمض على اقتنائه لها شهر واحد، بسيارة مسرعة". وشرح فادي فيصل 18 عاما: "الدراجة النارية صديقتي ورفيقتي لأنها توفر لي المتعة والحرية، ومشاعر كثيرة قوية...عندما أكون على متنها أنسى كل شيء وأنطلق بعيدا، لدي مجموعة من الأصدقاء يملكون دراجات مثلها نلتقي أحيانا ونقوم بجولات خارج المدينة...لحد الآن لم أتعرض لأي حادث، لكنني أتمنى أن أدخر المال الكافي لشراء خوذة ولباس جلدي وقفازات خاصة بسياقة الدراجات والوقاية من الصدمات". وأسر إلينا رياض، 22 عاما: "لقد عادت موضة ركوب الدراجات النارية بقوة هذا الموسم، لقد قضيت شهورا في إقناع أبي بشراء واحدة لي، ولولا عمي لما تحقق حلمي، لقد دفع لي نصف ثمنها وتكفل أبي و أمي بالباقي، لقد عوضتني عن سيارة أبي التي لم يكن يوافق على إعارتها لي إلا بشق الأنفس أذهب على متنها للمعهد لأدرس وأقضي مختلف احتياجاتي بشكل أسرع من السيارة لأنها صغيرة وبإمكانها التسلل بين السيارات والحافلات كما أنها وسيلة تجول وتنزه ممتعة مع الرفاق في أوقات الفراغ". في حين قالت والدته بأنها تضع يدها على قلبها وتمزقها المخاوف، كلما أخرج إبنها الدراجة من المرآب فهي تعلم بأن حوادث الدراجات قاتلة أو تؤدي إلى إعاقات مدى الحياة. وقالت أم أسامة: "إبني عندما يركب الدراجة النارية التي قضى عطلته الصيفية الماضية في العمل من أجل جمع ثمنها، يعني أنه ركب صهوة المغامرة والخطر..فهو يقودها بسرعة جنونية في معظم الأحيان ويستعرض قدراته على مسابقة السيارات ودراجات أصدقائه...لقد شاهدته بنفسي، فأصبت بالرعب لقد جردته من المفاتيح عدة مرات لكن دون جدوى ففي كل مرة يعود إليها كما يعود الطفل للعبة المسلية، لو بقي والده على قيد الحياة لتغيرت الأمور...أسامة في ال 19 من عمره، لا يدرس ولا يعمل ومتفرغ تماما لدراجته. وشدد صلاح، طالب جامعي في ربيعه ال 21 بأن ركوب الدراجات النارية في المدينة يثير الشبهات لأن بعض الشبان المنحرفين يستخدمونها لسرقة حقائب السيدات والهواتف النقالة، في الطرقات أو من داخل السيارات ثم يلوذ بالفرار، ودرءا للشبهات لا يسوق دراجته إلا في العطل على شاطئ البحر أو في الغابات وأماكن التنزه.