قدّم روائيون من الجزائروإيطاليا، أمس بالجزائر العاصمة، تجاربهم الشخصية في كتابة الرواية التاريخية، وأساليبهم السردية في المزج بين وقائع التاريخ والخيال، في ندوة أدبية في إطار صالون الجزائر الدولي ال25 للكتاب. وعادت الروائية الإيطالية ستيفانيا أوتشي إلى عملها الروائي الأشهر "أسود صقلية ..ملحمة عائلة فلوريو" الذي نُشر جزؤه الأول في 2019 وحقق نجاحا كبيرا في بلادها، حيث يروي هذا العمل تاريخ إيطاليا في القرن التاسع عشر من خلال قصة "آل فلوريو"، العائلة الأكثر قوة ونفوذا وأهمية في جزيرة صقلية آنذاك، وسيرة أجيالها على مدار أكثر من قرن من الزمان. وقالت أوتشي، المولودة في صقلية، أن قصة "آل فلوريو" في الجزيرة "لم تكن مشهورة لدى عامة الناس ولم يتم تداولها حتى في صقلية نفسها"، مضيفة أنها استعانت في مؤلفها بالعديد من الوثائق التاريخية ك "الأرشيف المتواجد في كنائس الجزيرة وهو أرشيف هام جدا وكذا المصادر الجامعية والجرائد والمجلات القديمة وغيرها". واعتبرت المتحدثة أن "المصادر والوثائق التاريخية لا تكفي لوحدها لكتابة الرواية التاريخية وإنما يجب توظيف الخيال .."، مشيرة في سياق كلامها إلى أنها "اختلفت العديد من الأمور وخصوصا ما يتعلق بوصف الأحاسيس والمشاعر التي جمعت أفراد هذه العائلة على مر أجيالها وهذا للتأثير في القارئ"، غير أنها تؤكد على أن "سرد قصة هذه العائلة بقي دائما في اتجاهه الحقيقي". وقدم من جهته لزهاري لبتر روايته الصادرة في 2018 "الأغواط، المدينة المغتالة ..أو وجهة نظر فرومنتان" التي تحكي عن الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي بحق ساكنة الأغواط، مدينته الأصلية، عام 1852 بقيادة الجنرال بيليسيي ومقاومة السكان المحليين. وقال لبتر أنه سلط الضوء في روايته على "جريمة ضد الإنسانية لا تزال غير معروفة .."، وهذا بالاعتماد على عدة مصادر بينها الأرشيف الذي اعتبر أنه "شكل مشكلة بالنسبة له حيث أنه لا يوجد غير الأرشيف الفرنسي الذي يؤرخ ويوثق لهذه المجزرة"، كما اعتمد على كتاب التشكيلي الاستشراقي والكاتب الفرنسي الرحالة أوجين فرومونتان "صيف في الصحراء" الذي ألفه في 1857 والذي يؤرخ لإقامته بالأغواط صيف 1853. وأوضح أن "السؤال الذي ظل يتبادر إلى ذهنه هو في كيفية نقل هذا التاريخ المؤلم والتراجيدي إلى الأجيال اللاحقة"، لافتا إلى أن "كل الوقائع التاريخية في الرواية حقيقية، ولكنه اعتمد على الخيال لأن العمل روائي ولأن الخيال يغطي على الأمور المغيبة في التاريخ الحقيقي ..". الكاتب الإيطالي ريكاردو نيكولاي عاد من جهته إلى عمله الروائي "علي بتشين ..في حب أميرة" (2015) والذي يروي قصة البحار الإيطالي ألدينو بيتشيني (علي بتشين) الذي وقع أسيرا في يد البحرية العثمانية في النصف الثاني من القرن السادس عشر واقتيد إلى مدينة الجزائر ليصبح فيما بعد "رايس" بحرية معروف حيث اعتنق الإسلام وتزوج بجزائرية وبنى مسجدا باسمه بقصبة الجزائر لازال قائما إلى اليوم. وقال نيكولاي أنه تعرف على قصة بتشين لأول مرة في 2007 بمدينة "ماسا" بإقليم توسكانيا بوسط إيطاليا وهي المنطقة التي "ينحدر منها وينحدر منها بتشين أيضا" وهذا من خلال رسائل أرسلها أمير المدينة إلى بتشين لما استعبد بمدينة الجزائر، موضحا أنه "تأثر بها كثيرا لدرجة أنه بدأ رحلة البحث عن مسار بتشين من خلا ل الوثائق والدراسات التي تؤرخ للجزائر العثمانية ومن خلال أيضا السفر إلى مدينة الجزائر وإلى القصبة بالذات". ولفت الروائي إلى أن قصة بتشين تروي "واقعة تاريخية حقيقية في قالب خيالي"، فهي تعكس "قصة البحر الأبيض المتوسط ككل، فمدينة الجزائر (القصبة) آنذاك كانت مدينة كبيرة وذات مجتمع متفتح، حيث كان يسكنها حوالي المائة ألف نسمة، 20 ألف منهم أجانب من مختلف الأعراق والثقافات والمهن، من تجار ومسجونين وعبيد وعمال وبحارة وغيرهم، إنها أيضا قصة العديد من الإيطاليين الذين كان لبعضهم نفس مصير بتشين ". وتستمر فعاليات صالون الجزائر الدولي ال 25 للكتاب، الذي يقام تحت شعار "الكتاب جسر الذاكرة"، إلى غاية 1 أفريل المقبل بمشاركة 1250 دار نشر، منها 266 جزائرية، تقترح أزيد من 300.000 عنوان في شتى المجالات.