تعول وزارة التربية والتعليم على السير قدما نحو عصرنة المدرسة الجزائرية بما يخدم الأسرة التربوية، وسيشرع قبل نهاية الأسبوع الجاري في وضع الكتاب الرقمي المدرسي حيز التنفيذ، ليتم منحه مجانا لكل التلاميذ في مرحلة التعليم الابتدائي، والذين يتجاوز عددهم 5 ملايين و600 ألف تلميذا. وتهدف الوزارة من خلال تفعيل العصرنة على غرار إطلاق " الكتاب الرقمي" إلى تخفيف ثقل المحفظة المدرسية، وعليه فقد أبدى نقابيون ونشطاء تربويون ل "الاتحاد" تفاؤلهم بهذا الإجراء إلا أنهم تساءلوا حول آليات تجسيده على أرض الواقع نظرا للصعوبات المالية والفوارق المادية الموجودة بين مختلف البلديات خاصة في المناطق النائية حيث يبدو من الصعب على التلاميذ هناك تحميله والاستفادة منه. وخلال الدخول المدرسي الفارط في شهر سبتمبر، تم الإعلان عن بدء تجهيز أكثر من 1600 مدرسة ابتدائية في مناطق مختلفة بألواح رقمية، وتم اختيار في مرحلة أولى 1629 مدرسة ومؤسسة تعليمية مسرحا للتجارب النموذجية الخاصة باعتماد التعليم الرقمي، في حين تضم الجزائر 39 ألف مدرسة تتوزّع في أرجائها، ما استدعى ذلك، بحسب وزارة التربية والتعليم، إلى اتخاذ تدابير تهدف إلى توفير الظروف الأمنية المثالية في المدارس الابتدائية التي ستشهد استخدام تلاميذها الألواح الإلكترونية، من خلال تعزيز حراستها، ووضع شبابيك حديدية على نوافذ حجرات الصفوف، مع إمكان تزويدها كاميرات مراقبة لمنع السطو عليها. وبالمناسبة، ثمن وزير التربية والتعليم عبد الحكيم بلعابد، في تصريح سابق تخلص ما يربو عن 3 ملايين تلميذ يدرسون في السنوات الثالثة والرابعة والخامسة ابتدائي من ثقل المحفظة، وهذا بفضل الإجراءات التي أقرها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون. * بوديبة ل"الاتحاد": "الكتاب الرقمي وسيلة مساعدة ولن يحل وحده مشكلة ثقل المحفظة" قال الناطق الرسمي للمجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية، "كناباست"،مسعود بوديبة في تصريح ل " الاتحاد"، أن الهدف من الكتاب الرقمي هو تخفيف ثقل المحفظة بالدرجة الأولى، لكن أبدى تساؤله حول إمكانية تعميمه وتوفيره لجميع التلاميذ على مستوى القطر الوطني في ظل غياب الدعم المالي لبعض العائلات والتي لا تتوفر على خدمة الانترنيت، مضيفا أنه وكما هو معلوم فإنه ليس كل المدارس تتوفر على التجهيزات التي تتيح للتلاميذ الاستفادة من الكتاب الرقمي، هذا الأخير يعد وسيلة مساعدة ولن يحل وحده إشكالية ثقل الحقيبة المدرسية خاصة بالنسبة لتلاميذ الابتدائي. واستطرد بوديبة بالقول أن توفير الكتاب الرقمي ممكن أن يحل جزءا من مشكلة ثقل المحفظة وليس كلها، خاصة وأنه كما هو معلوم فالتلميذ في الطور الابتدائي مرتبط أكثر بالكتاب المدرسي التقليدي أكثر من الرقمي، ولذلك فإنه يمكن مؤقتا استغلال الكتاب الرقمي من أجل المساعدة في التخفيف من ثقل المحفظة ولكن الحل النهائي لهذا الإشكال – يضيف المتحدث- يكمن في إعادة هيكلة المنظومة التعليمية في الطور الابتدائي، بالإضافة إلى ضرورة التوجه نحو تشخيص وتقييم حقيقي لهذا الطور ووضع منظومة تعليمية تتوافق معه وتسمح بحل مشكلة ثقل المحفظة المدرسية عبر تخفيف المضامين العلمية وتوسيع دائرة النشاطات "اللاصفّية" هذه الأخيرة التي تعد مهمة في الطور الأول، وأضاف المتحدث أن هناك بلديات فقيرة وعائلات محدودة الدخل من الصعب بالنسبة لها توفير الكتاب الرقمي للتلميذ في الظرف الحالي. * زوقار ل"الاتحاد": "التحول للكتاب الرقمي ضرورة تمليها الثورة الرقمية" أوضح عبد الوهاب العمري زوقار، الأمين الوطني المكلف بالإعلام والاتصال بنقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، في تصريح ل " الاتحاد"، أن الخطوة التي قامت بها وزارة التربية والتعليم بإصدار الكتاب الرقمي تعد مهمة جدا لتخفيف ثقل المحفظة المدرسية وستساهم بعصرنة التعليم في القطاع ، مضيفا بأن الكتاب الرقمي يأتي ليواكب متطلبات الثورة الرقمية، علما أن استخدام الكتاب الرقمي في المدارس سيحصل تدريجا، بعد أن تم تحويل الكتب التقليدية المطبوعة إلى إلكترونية بنظامي "وورد" و"بي دي أف"، مع منح القارئ خيارات استخدام كافة التطبيقات المطوّرة كي يستطيع حفظ أجزاء معيّنة أو كتابة ملاحظات، أو تعديل أي جزء من الكتب، كما يمكن أن يحفظ المعلم والتلميذ على حدّ سواء آخر صفحة قرأها والعودة إليها. لكن وفي المقابل تساءل زوقار حول ما إذا كان بالإمكان توفير العدد الهائل لهذا النوع من الكتب والقدر عددها بحوالي 5 ملايين كتاب لجميع التلاميذ عبر كامل التراب الوطني بمناطقه النائية والبعيدة، لكن أكد المتحدث أن التوجه نحو الكتاب الرقمي قرار تمليه المتطلبات التكنولوجية عبر العالم، غير أنه اعتبر أن الكتاب الرقمي لن يعوض في كل الحالات الكتاب الورقي، مشيرا أن استخدام الكتاب المدرسي الرقمي في الجزائر يواكب التغيّر الاجتماعي الذي تسارعت وتيرته بفعل الثورة التكنولوجية التي ألقت بظلالها على المنظومة التربوية، وأحدثت فوارق ملموسة بين الدراسة داخل أسوار المدارس وخارجها، في حين ما زالت مناهج التعليم ووسائله مُصممة على أسس قديمة لا تنسجم مع التطور الحاصل.