يدعو ديننا الحنيف إلى التحلي بفضائل الأخلاق وأكرمها، والقيم النبيلة وبدعوة الإسلام تمت مكارم الأخلاق، وكمل الدين، وتحققت نعمته كاملة، وقبل أن يرسي الإسلام مبادئه وأركانه وقيمه وفضائله، حرص في بادئ الأمر علي تنقية مناخ الحياة من كل رذيلة، لأن التخلي عن الرذائل مقدم علي التحلي بالفضائل، ومن بينها الثأر أو الانتقام الذي يعد من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تهدد الأمن والسلم المجتمعي، حيث كانت تطبق وقت الجاهلية، ولكن عندما أشرق الإسلام نهى عن سفك الدماء والقتل، ولكن العصبية قد تعمى الأبصار والقلوب فيحمل السلاح ليقتل أخاه وقد يكون جاره وقد تكون بداية المشكلة أتفه مما يكون، فهذه الآفة الاجتماعية الخطيرة - المسماة بالثأر - تلحق أشد الضرر بحياة الفرد والأسرة والمجتمع من خلال ما ينتج عنها من آثار ومآس وآلام تؤثر على السلم الاجتماعي والأمن والاستقرار والسكينة العامة للناس.. كثيرا ما سمعنا عن مشكلات بسيطة بين الشباب تتحول إلى جرائم قتل بشعة والسبب فيها هو الانتقام وعدم التحلي بالعفو والصفح عدم القدرة على كظم الغيظ عدم التحلي بالصبر وعدم الانتصاف للمظلوم، ورد الحقوق لأصحابها وهناك أسباب أخرى جد متعددة لا يسعنا ذكرها في موضوع لأن الحديث عن الانتقام لا يمكن وصفه أو تحديده من خلال كلمات وجمل، فالثأر خطر قادم يهدد حياة المجتمع حيث بدأت ملامحه تظهر في المجتمع الجزائري، ضحاياه من ذوي العلاقة بالثأر، وحتى من الأبرياء، شيوخا وشبابا ونساء وأطفال- الذين يلقون حتفهم بسبب حوادث الثأر التي يأبى مرتكبوها إلا أن يشفوا غليلهم مما أصاب قريب لهم أو حتى صديق.. فيذهب ضحيتها أناس أبرياء لا ناقة لهم ولا جمل في تلك الثارات، وهو من أبشع الجرائم وأشنعها، ومن أسوأ الظواهر وأخطرها، إذا تفشت في مجتمع أو انتشرت في بيئة أوردت أهلها موارد الهلاك، إنها تفتح أبواب الشر، وتحول حياة الناس إلى صراعات لا تنتهي إلا بترميل النساء، ويتم الأبناء، والقضاء على الروابط الإنسانية.. الجاني يفرغ كل ما بداخله من حقد وكراهية ضد من أساء إليه سيناريوهات رعب نسمعها بين الحين والآخر ورغم عدم تفشيها كباقي الآفات إلا أننا بدأنا نسمع أصواتها من هنا وهناك وبخصوص الموضوع يقول ع.ب شرطي أن الكثير من الجرائم تحدث انتقاما فالجاني يفرغ كل ما بداخله من حقد وكراهية ضد الشخص الذي سبب له الأذية وجعلهم يفكر بهذا التفكير السلبي كطريقة لتحقيق العدالة التي يراها مناسبة في نضره وردة الفعل المعاكسة، أو الأخذ بالحق المسلوب. فعندما يتعرض أي شخص لظلم ما فهو يقول لا بد أن آخذ بثأري أو بحقي، وهذه الظاهرة تزيد وتنقص من مجتمع إلى آخر، ومن فترة زمنية إلى أخرى بحسب العوامل المؤثرة في ذلك.. المنتقم فاقد للحوار و لا يتقن سوى لغة الانتقام وسفك الدماء وحول الظاهرة يقول الأخصائي الاجتماعي والدكتور النفسي بهلول أعمر أنه لا شك أن ظاهرة الثأر لها نتائج كارثية ومأساوية على المجتمع والأسر خصوصا وعلى المجتمع عموما، فكم من نساء رملن وكم من أطفال يتموا، وانقلبت حياتهم رأسا على عقب، بسبب هذه الظاهرة السيئة والمنتقم لا يتقن سوى لغة الانتقام وسفك الدماء، وفقدان لغة الحوار والسلام والنظام والقانون. وأضاف أنه كلما ضاعت العدالة من أي مجتمع من المجتمعات كلما تزايدت ظاهرة الانتقام.. لذا نسمع ونقرأ العديد من المقالات قي الجزائر عن فلان اختطف بنت فلان وقتلها لأن بينه وبين والدها مشاحنة.. أو أن شقيق المغدور به انتقم لمقتل أخيه بعد أن برأته العدالة..و..و.. جرائم رهيبة.. ومن حالات الانتقام التي شهدها مجتمعنا الجزائري لعلنا لازلنا نستذكر قضية كل من الطفل عبد الرحيم ببلدية اليشير ببرج بوعريريج الذي ألقي داخل بئر، حيث كانت دوافع الجريمة هي الانتقام من عائلة الطفل، وكذا الشاب الذي طعنه جاره بسكين لمجرد أنه نظر إليه بنظرة استفزازية بعدها تطور الشجار إلى تبادل والإهانات والشتم والسب، وعندما شعر المتهم بأن جاره مس كرامته قام بالانتقام منه و حكم عليه بالسجن لمدة 20 عاما... دون أن ننسى جريمة مقتل الشاب صهيب البجاوي على يد جاره الذي انتقم منه بسبب مناوشات كلامية... خوفا من أن يثأروا من عائلته.. ياسين يترك ولايته ياسين حالة نفذت من الموت بأعجوبة حيث يروي قصته قائلا: كنت في العشرين من العمر، أخذت سيارة والدي للتنظيف فإذا فجأة أرى ارتطاما بواجهة السيارة والدم من كل جهة، خرجت مسرعا لأرى أنني دهست فتاة في الثامنة من العمر منبطحة أرضا حاولت جاهدا إسعافها إلا أن أجلها قد حان.. أخذت إلى مركز الشرطة ووقفت أمام القضاء الذي حكم علي دية القتل الخطأ ولكن أهل الفتاة لم يسمحوا من حقهم وقد حاولوا مرارا أن يقتلون لولا رحمة ربي وفي كل مرة تعود عائلتي إلى البيت نرى النوافذ مكسورة رسائل تهديد فلجأت إلى كبار القرية وأئمة المساجد الذين توجهوا معي إلى بيت الفتاة، وطلبوا منهم التوقف عما كانوا يفعلوه واستحضروا آيات من القرآن الكريم وأن الثأر لن يعيد لهم ابنتهم.. وبعد محاولات عدة تراجع أهل الفتاة عن حقهم بشرط ألا أبقى في القرية.. وكان لهم ذلك تركت منطقتي وأتيت إلى الجزائر العاصمة منذ ما يزيد عن سبع سنوات. اتخذ أسلوبا خبيثا للانتقام مني وللانتقام وجوه أخرى حيث أنه يحدث حتى بين الزوجين تحدث ضغينة تؤدي إلى الثأر.. حيث تسرد كنزوة مأساتها قائلة: أتتني فرصة للعمل خارج البلاد فرصة، فتقبلها زوجي بصدر رحب.. سافرنا وعملت أنا بينما كان هو مرتاحا للبيت، و ما إن بدأنا بجمع المال حتى عرض علي أن نبدأ بمشروع بناء شقق وتأجيرها في الجزائر، وثقت به ووهبته كل ما جنيته بجهدي وتعبي وعلى مدى سنوات اقتربت من الست، نجح الزوج في شراء منزل كبير وإقامة مشروع وضع اسمه على قائمة رجال الأعمال الكبار، لكن كل هذا باسمه. والأكثر من ذلك انه عاد إلى الجزائر دون عودة وغير عنوانه وكذا رقم هاتفه.. وبعد أبحاث امتدت إلى سنتين اكتشف أخي أنه تزوج من أخرى، ناسيا زوجته صاحبة الحق في كل ما يملك، وأبلغني رسالة تقول أن هذا انتقامه لي بسبب والدي اللذين لا ينفكان عن معايرتهه له لأنه كان بطالا، تقول كنزة أصبت بانهيار عقب عودتي ولم أستطع إثبات حقي في ما لديه، فعدت إلى البلد الذي كنت تعمل به إلا أنني لم أستطع المكوث هناك فعدت إلى الجزائر وها أنا ذا عاطلة بلا مستقبل" فلننظر إلى رسولنا صلى الله عليه وسلم وهو القدوة الحسنة ما انتقم لنفسه قط، عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله تعالى" رواه البخاري ومسلم. إحصائيات تثير الرهبة والخوف.. وقد أشارت إحصائيات الفرق الجنائية لمصالح الشرطة الجزائرية سنة 2013، من معالجة 288 قضية جنائية تخص جرائم القتل العمدي وعدد الوفاة من مجموع 292، وحسب خلية الاتصال بالمديرية العامة للأمن الوطني فإن نسبة معالجة القضايا الجنائية قدرت ب98,63 بالمائة سنة 2013، في حين تتواصل التحريات لحل القضايا العالقة وتحديد هوية مقترفيها وتقديمهم أمام النيابة المختصة، كما أن فرق الشرطة القضائية مدعومة بخبراء الشرطة العلمية والتقنية تمكنت في مجال جرائم القتل العمدي من معالجة 167 قضية، في حين تمت معالجة 121 قضية ضرب وجرح عمدي أفضيا إلى الوفاة·