ندوة علمية بالعاصمة حول أهمية الخبرة العلمية في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية    بوريل: مذكرات الجنائية الدولية ملزمة ويجب أن تحترم    توقرت.. 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة : عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    قريبا.. إدراج أول مؤسسة ناشئة في بورصة الجزائر    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    تيميمون..إحياء الذكرى ال67 لمعركة حاسي غمبو بالعرق الغربي الكبير    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    انطلاق الدورة ال38 للجنة نقاط الاتصال للآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء بالجزائر    الجزائر ترحب "أيما ترحيب" بإصدار محكمة الجنايات الدولية لمذكرتي اعتقال في حق مسؤولين في الكيان الصهيوني    بوغالي يترأس اجتماعا لهيئة التنسيق    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    أدرار: إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    السيد ربيقة يستقبل الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    التسويق الإقليمي لفرص الاستثمار والقدرات المحلية    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلافات ومناوشات تتحول إلى جرائم قتل بشعة تهدد استقرار المجتمع
عندما يصبح القتل وسيلة لتصفية الحسابات
نشر في السلام اليوم يوم 21 - 02 - 2012

سجلت مصالح الدرك الوطني والشرطة القضائية 3800 جريمة قتل عمدي عبر مختلف ولايات الوطن خلال سنة 2011 من بينها 120 قضية قتل لقصر من الجنسين تقل أعمارهم عن 18 سنة بالإضافة إلى 200 جريمة قتل مرتكبة من طرف النساء.
انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة القتل التي بدأت تطفو على السطح ولم تعد تفرق بين كبير أو صغير ومنها ما هو دخيل على المجتمع على غرار قتل الوالدين والأبناء وتصفية أسر بأكملها فأصبحت كابوسا مرعبا لكافة أفراد المجتمع وأغلبها ترتكب لأتفه الأسباب والغريب أن بعض هذه الجرائم ترتكب بأبشع الطرق وفي بعض الأحيان ترتكب من أقارب الضحية لتصفية خلافات عائلية بالانتقام من أطفال لا دخل لهم في هذا الأمر وكثيرا ما تهتز بعض المدن والأحياء الشعبية على وقع جرائم مروعة يذهب ضحيتها أشخاص في ريعان شبابهم وأطفال لا ذنب لهم سوى أنهم الوسيلة الوحيدة التي تستخدم للانتقام من أطراف الخلاف. ولمعرفة مدى انتشار هذه الظاهرة داخل المجتمع, قمنا بزيارة بعض العائلات التي راح أبناؤها ضحايا لجرائم القتل, فعائلة فراجي مازالت ليومنا هذا تتجرع مرارة فقدانها لابنتها, حيث تقول أمها: «كان ابني على خلاف مع أخته واستغل فرصة عدم وجودنا في المنزل وقام بضربها ضربا مبرحا وهذا ما أدى إلى موتها, لأنها كانت مصابة بمرض القلب فدمرت عائلتي, لأن ابني يقضي عقوبته داخل السجن وفقدت ابنتي الوحيدة لأتفه الأسباب وأنا في حالة نفسية سيئة».
عائلة رويزي القاطنة في أولاد فايت هي الأخرى ذهب ابنها ضحية لجريمة قتل أخرى وشاءت الأقدار أن يتحول فرحه إلى مأتم لأتفه الأسباب, حيث تروي أمه تفاصيل ما وقع له قائلة: «كان ابني يحضر لعرسه من ابنة عمه ولكن في ليلة العرس انتقم ابن عمه منه ووجه له عدة طعنات بالسكين, لأنه كان يحب نفس الفتاة التي كان سيتزوجها فدفعته غيرته إلى ارتكاب الجريمة وأنا حتى الآن مصدومة ولا أستطيع نسيان ابني الوحيد».
ومن جهة أخرى هناك من يدفعه الشك إلى ارتكاب الجريمة, حيث تحكي لنا السيدة «فاطمة.ب» عن مأساة فقدانها لابنتها وتقول: «كانت ابنتي على خلاف دائم مع زوجها بسبب الاتهامات الباطلة التي كان يوجهها إليها ورغم ذلك كانت تصبر على تصرفاته وتتمنى أن تتحسن علاقته معها ولكنه في أحد الأيام راوده الشك بأنها على علاقة مع شخص غيره مع أنها إنسانة تتمتع بأخلاق جيدة وقام بخنقها وماتت واتضح له بعد موتها أن شكوكه كلها كانت خاطئة».
عائلة أخرى راحت ابنتها ضحية لجريمة قتل لتصفية خلافات عائلية وكان الجاني هو أحد أقربائها وتقول السيدة «سميرة.د» القاطنة ببرج الكيفان: «أعطت عائلة زوجي إحدى الأراضي له وكان أخوه معارضا لعائلته على هذا القرار فدخل مع زوجي في خلاف وبعد مدة خرجت ابنتي تلعب أمام المنزل فاستغل الفرصة وخطفها وقام بقتلها ورماها بالقرب من أحد المنازل المهجورة التي وجدتها الشرطة بها».
في حين هناك من ذهب ضحية لجريمة قتل لأسباب تافهة وتقول السيدة «مليكة.ش» القاطنة بالحراش :»تدين زوجي من أحد أصدقائه مبلغا من المال وبعد فترة حضر صديقه لاستعادته فطلب منه زوجي أن يصبر قليلا عليه حتى يتمكن من تدبير المبلغ له, لأنه لا يملكه الآن فدخل معه في شجار ومناوشات فوجه له صديقه عدة طعنات بسكين أدت إلى موته».
عائلة شايبي فقدت والدها بسبب جريمة قتل ارتكبت من أقرب الناس إليهم, حيث تقول زوجته: «كان ابني يتعاطى المخدرات وفي أحد الأيام طلب من زوجي أن يعطيه المال فرفض فقام ابني بشتمه ودخل معه في شجار فأخرج سكينا وطعنه به وأنا حتى الآن لا أصدق ما فعله».
ومن جهة أخرى, هناك من العائلات من فقدت ابنها بسبب شجار حول الفرق الأجنبية التي يشجعونها وهو ما حدث لابن السيدة «سليمة.م» القاطنة بحي باب الواد: «كان ابني مع أصدقائه في الشارع يتجادلون على تشجيعهم للمنتخبات الأجنبية فنشب شجار بينه وبين صديقه بسبب المقابلة فقام صديقه بشتمه بكلام غير لائق وتطور الخلاف بينهما فأمسك صديقه أداة حديدية وضربه بها على رأسه فأصيب بنزيف داخلي ومات قبل نقله إلى المستشفى».
مصالح الدرك والشرطة القضائية تعالج 3800 قضية قتل خلال سنة 2011
يقول السيد كمال.د رئيس كتيبة الدرك الوطني بالشراقة أنه تم تسجيل 1000 جريمة قتل على مستوى العاصمة والمناطق المجاورة, في حين تم تسجيل باقي جرائم القتل في ولايات أخرى, خاصة في وهران وعنابة وتبسة بالإضافة إلى سطيف والمناطق القروية النائية, وقد وقعت 2000 جريمة قتل بالأسلحة البيضاء و1000 جريمة كانت باستعمال سلاح ناري, خاصة مع الانتشار العشوائي للأسلحة التي أصبحت تستخدم للحماية الشخصية أو عن طريق الخنق, وتضيف السيدة كريمة.ش ضابطة في الشرطة القضائية بالشراقة: «إن أغلب المتورطين في جرائم القتل هم من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و28 سنة, واللافت في الأمر هو ازدياد عدد القصر المرتكبين لجرائم القتل بالإضافة إلى تورط النساء اللواتي انخرطن في عالم الإجرام وأصبحت اليوم الأيادي الناعمة ترتكب جرائم بشعة باستعمال السلاح الأبيض, وحسب الإحصائيات فإن هناك 200 جريمة قتل ارتكبت من طرف النساء خلال عام 2011 بواسطة السلاح الأبيض أو الخنق أو استعمال السم وأغلب جرائم القتل يكون الغرض منها إما الانتقام أو السرقة أو الاغتصاب أو نتيجة مشاجرات بالإضافة إلى الجرائم المرتكبة بسبب الدفاع عن الشرف, وقد سجلنا جريمة قتل وقعت في حي باب الوادي قامت بارتكابها امرأة وارتكبت الجريمة بطريقة بشعة وقطعت جثة زوجها ووضعتها في كيس بلاستيكي ووضعته أمام المزبلة فبدأت الشرطة القضائية بالتحريات وقمنا بالتحقيق مع أصحاب العمارة التي وجد عمال النظافة أمامها الجثة وعلمنا أن زوج الجانية مفقود بالإضافة إلى أن الشرطة العلمية قامت بالعثور على شعر للجانية على الجثة وأثبتنا أنه لزوجته وبعد التحريات معها علمنا أن سبب ارتكابها للجريمة هو علمها بخيانة زوجها لها فقامت بالانتقام منه, وسجلنا قضية قتل أخرى ببوزريعة ارتكبها قاصر قام بقتل جدته وكان تحت تأثير الخمر بسبب عدم رغبتها في إعطائه المال فقام بدفعها على طاولة حادة فلقيت مصرعها وهناك أيضا جريمة قتل أخرى كان الغرض منها الاعتداء الجنسي على طفل ببرج الكيفان قام بها أحد جيران الضحية الذي لم يتجاوز عمرها السبع سنوات, حيث قام الجاني بجريمته بطريقة نكراء وقام بذبحها وقطع جسمها ووضعه في كيس بلاستيكي أمام المدخل الرئيسي لبيتها العائلي, وهناك قضية أخرى قام بها شخصان في منطقة الأربعاء وقد وجدت جثة الضحية ملقاة في إحدى الغابات وبعد أبحاث الطب الشرعي اتضح أن الضحية تعرضت للاعتداء الجنسي قبل موتها, وهناك جريمة قتل أخرى وقعت في منطقة أولاد موسى وكانت بطلتها فتاة قاصر لم تتجاوز 16 من عمرها, حيث أقدمت وبكل جرأة على قتل والدها بسكين بسبب مشاجرات عنيفة بين أمها ووالدها».
وقد عالجت أيضا الشرطة القضائية جريمة قتل كان سببها السرقة وقد وقعت بحي ڤاريدي وقام الجاني وهو صديق الضحية باستغلال غياب صديقه في ولاية أخرى وقام بسرقة بيته وعندما كشفه دخل معه في شجار وقام بتوجيه عدة طعنات له بواسطة سكين وتخلص من جثته في مفرغة القمامة في كيس بلاستيكي وتم كشف الجثة من طرف عمال النظافة, بالإضافة إلى أن أحد الجيران شك في غياب الضحية لفترة طويلة فقام بتبليغ الشرطة, لأن الضحية ليس له أقارب في العاصمة وقد توجهت الشرطة العلمية إلى مسرح الجريمة وقد عثرت على العديد من القرائن مثل بصمات الجاني وأداة الجريمة التي كانت ملقاة بحديقة العمارة وقد تم إلقاء القبض على القاتل طبقا للمواصفات التي أعطاها لنا أحد جيران الضحية.
كما أنه تم القبض على بعض المجرمين الذين يطاردون ضحاياهم في أسواق بيع السيارات ويتفقون على شراء السيارة, ثم يواعدون الضحية في مكان بعيد لإكمال إجراءات البيع وهناك ينقضون عليه ويطعنوه بالسكين.
وهناك جريمة قتل أخرى أقدمت فيها امرأة على الانتقام من زوجها وقامت بوضع السم له في مشروب القهوة وتخلصت منه في منطقة بعيدة وتم كشفها من أقارب الضحية وبعد التحقيقات معها كان سبب ارتكابها للجريمة هو الانتقام من زوجها الذي كان يمارس العنف الجسدي عليها ويقوم بإهانتها».
وقد شهد أيضا أحد الأحياء القريبة من البليدة جريمة قتل قام بارتكابها شقيقان وكان الغرض منها الاعتداء الجنسي على فتاة قاصر تبلغ من العمر 15 سنة وقاما بتوجيه طعنات لها بالسلاح الأبيض بعد صراخها لكي لا ينكشف أمرهما ولكن الشرطة العلمية عثرت على أداة الجريمة بالقرب من أحد المنازل المهجورة وقد تم إثبات وجود بصمات للجناة على الأداة.
وتضيف الضابطة كريمة: «إن عمليات القتل أصبحت تنفذ بوحشية, حيث لا يكتفي القتلة بطعنة أو اثنتين يغرسونها في أجساد ضحاياهم, بل يستعملون السواطير وتصل طعناتهم للأربعين, وخلال هذه السنة اكتشفت الشرطة القضائية العديد من القضايا التي تمت بأبشع الصور وهي تقطيع الجثة ورميها في كيس بلاستيكي بدون رحمة وخاصة من طرف بعض النساء».
رأي الشريعة الإسلامية في استفحال جرائم القتل
يقول الدكتور عبد الله بن عالية أستاذ بجامعة الخروبة: «إن جريمة القتل في الإسلام عموما محرمة وهي جريمة وضع لها أشد العقوبات, لأنها كفيلة بزعزعة الأمن الاجتماعي ونشر القلق والخوف في النفوس, فقتل النفس التي حرم الله قتلها هي من أكبر الكبائر بعد الكفر بالله, لأنه اعتداء على صنع الله واعتداء على الجماعة والمجتمع, وسبب تفشي هذه الظاهرة هو الابتعاد عن التعاليم والقيم الإسلامية, فلو يعلم القتلة عقوبة قتل النفس البشرية لما تجرءوا على فعل ذلك وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: «ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا», وقال تعالى: «ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما», وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجتنبوا السبع الموبقات, قيل وما هي يا رسول الله, قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق», ولذلك يجب تجديد الخطاب الديني في المساجد لتوعية مختلف فئات المجتمع».
رأي القانون في جريمة القتل والقضايا المتداولة في المحاكم
يقول الأستاذ محمد.ب محام لدى مجلس قضاء الجزائر, «تعرف محكمة الجنايات بمجلس قضاء الجزائر العديد من القضايا البشعة وخاصة الدخيلة على مجتمعنا وهي قتل الأقارب كالأصول والأشقاء ومن أبشع هذه الجرائم قضية لشاب أقدم على قتل والدته المتبنية له وشقيقته بالسكين بطريقة بشعة ولحق بهم أيضا الأخ الذي حاول مساعدتهم في حي بالقبة, وخلال المحاكمة كان تبرير القاتل أمام هيئة المحكمة غير مقنع وهو أنه انتقم من عائلته, لأنهم أساءوا لوالده حين مرضه وقد التزم صمتا غريبا في جلسة محاكمته حتى النطق بحكم المؤبد».
وهناك قضية أخرى لا تقل بشاعة عن سابقتها, حيث أقدم طفل قاصر في حي بوزريعة على قتل جدته بسكين بعد رفضها إعطائه المال وقد حكمت له المحكمة بالسجن لمدة 20 سنة, وقد عالجت محكمة حسين داي جريمة قتل ارتكبتها امرأة, حيث قامت بقتل العجوز التي تبنتها بالخنق إرضاء لعشيقها الذي حرضها على السرقة وقد حكم عليها بالسجن المؤبد.ومن قضايا القتل الناتجة عن الانتقام الذي يعمي البصائر, إقدام امرأة على قتل زوجها بطريقة بشعة في منطقة بودواو وكان السبب هو أنه يخدعها في بيت استأجره مع عشيقة له فقامت بتوجيه عدة طعنات له, وقد حكم عليها بالسجن المؤبد.
ويضيف الأستاذ إلى أن هناك العديد من القضايا المتعلقة بالسرقة المصحوبة بالقتل ومنها قضية لشابين قاما بطعن صاحب سيارة أجرة وقاما بسرقة سيارته والأموال الموجودة بها وقد أدانتهم محكمة الجنايات بتهمتي السرقة والقتل وحكم عليهما بالمؤبد مع دفع تعويض مالي لأهل الضحية.
وهناك قضية أخرى وقعت في دالي إبراهيم وهي لقاتل قام بخطف طفل في الثامنة من عمره وطلب فدية من أهل الضحية وعندما تأخروا عن دفع المبلغ المالي له قام بضرب الطفل ولم يكتف بهذا, بل أخذ مفك براغي وبدأ في الاعتداء عليه بضربه في كافة أنحاء جسمه لكي لا ينكشف أمره, وخلال المحاكمة اتضح أنه من أصدقاء والد الضحية, وقد استغل علمه بعمل صديقه في أحد البنوك ليطلب منه إحضار مبلغ كبير وقد حكم عليه في محكمة الجنايات بالسجن المؤبد.
ويضيف الأستاذ أن هناك الكثير من القضايا المتعلقة بقتل الأقارب ومنها جريمة وقعت بحي رويسو وهي لأم قامت بقتل ابنها الذي يبلغ من العمر سبع سنوات, حيث قامت بضربه بطريقة عنيفة أدت إلى موته, لأنه كان يعاني من ضعف في القلب, وخلال المحاكمة اتضح أن ابنها غير شرعي, وسبب ضربها له هو أن عشيقها لم يتحمل صراخه.وهناك بعض الجرائم ترتكب لأتفه الأسباب, إذ يلجأ بعض الشباب إلى استعمال الأسلحة البيضاء لمجرد حدوث مناوشات بسيطة بينهم, حيث قام شاب في حي عين النعجة بطعن جاره بسكين لمجرد أنه نظر إليه بنظرة استفزازية بعدما تطور الشجار إلى تبادل للإهانات والشتائم, وعندما شعر المتهم بأن جاره مس كرامته قام بالانتقام منه وهذا ما أدلى به المتهم أمام هيئة المحكمة وقد حكم عليه بالسجن لمدة 20 عاما. وعن القوانين يقول الأستاذ أن المشرع وضع قوانين صارمة لجريمة القتل وتعرف هذه الجريمة في المادة 254 من قانون العقوبات بأنه إزهاق روح الإنسان عمدا ولا تكفي النية أو الرغبة في ذلك ولا حتى المحاولة ويجب أن يكون السلوك عملا إيجابيا دون النظر إلى الوسيلة المستعملة, فيما عرفت المادة 260 منه بأن القتل بواسطة التسميم هو الاعتداء على حياة إنسان بتأثير مواد يمكن أن تؤدي إلى الوفاة عاجلا أم آجلا أيا كان استعمال أو إعطاء هذه المواد ومهما كانت النتائج التي تؤدي إليها فإن القتل بالسم لا يختلف عن القتل العمدي العادي سوى أن الوسيلة ينبغي أن تكون سامة, وتنص المادة 261: «على أنه يعاقب بالإعدام أو المؤبد كل من ارتكب جريمة قتل وهذا في حالة ما إذا اقترنت الجريمة بحالة سبق الإصرار والترصد, أما في حالة القتل الخطأ فيتم تخفيف الحكم».
علماء الاجتماع يرجعون انتشار جرائم القتل إلى مشاكل اجتماعية
يقول الدكتور يوسف براهيمي أستاذ في علم الاجتماع: «إن ظاهرة قتل الأقارب هي دخيلة على مجتمعنا وتعرف نموا سريعا, فالعدوان هو سلوك مكتسب من داخل الأسرة فلا وجود لشخص عدواني بالفطرة وغياب العدالة الموجودة في النظام الاجتماعي هو العامل الحاسم في نشوء وتطور السلوك الإجرامي, كما أن انتشار المشاكل الاجتماعية كالتفكك الأسري والبطالة بالإضافة إلى الفقر, كل هذه الأشياء تجعل الشخص يعيش في ضغط اجتماعي وهذا ما يجعلهم ينتقمون من المجتمع بالإضافة إلى أن انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات التي لها دور كبير في استفحال جرائم سفك الدماء, فمدمن المخدرات مستعد أن يتخلى عن قيمه ومبادئه الاجتماعية للحصول عليها بطرق أخرى منافية للأخلاق والآداب العامة بالخروج عن النظام الاجتماعي عن طريق السرقة وهذا ما يؤدي إلى الوقوع في جرائم بشعة تصل إلى درجة القتل في سبيل الحصول عليها بالإضافة إلى انتشار الأنانية وغياب التسامح في مجتمعنا ونقص مظاهر التضامن الاجتماعي, كل هذه العوامل تعتبر من أسباب تفشي القتل بالإضافة إلى إدمان الأطفال والشباب على أفلام العنف ما يدفعهم لتقليد هذه المشاهد وترسيخها في عقولهم, كما أن الحياة المادية السيئة أفقدت الأسرة الكثير من خواصها الاجتماعية.
السلوك الإجرامي ناتج عن الشعور بالإحباط حسب أخصائية في علم النفس الاجتماعي
تقول الدكتورة نبيلة صابونجي مختصة في علم النفس الاجتماعي: «إن الجريمة هي تعبير انفعالي نتيجة لمؤثرات قد تكون نفسية أو اجتماعية غاب فيها الجانب التربوي, فالسلوك الإجرامي ناتج عن الشعور بالإحباط الشديد الذي يؤدي إلى ظهور قدر معين من العدوانية التي تعتمد على كمية المشاعر السلبية الناجمة عن الفشل, فالإنسان يكتسب العدوان من الأسرة أو البيئة ولكنها لم تنتبه إليه, فارتفاع معدلات الجريمة هي أحد الظواهر الاجتماعية السلبية التي بدأت تنتشر في المجتمع وهي امتداد لسلوك اجتماعي غير قويم بالنسبة للفرد نتيجة لمؤثرات اجتماعية ولها علاقة مباشرة بالتربية والتنشئة الاجتماعية, لأن الفرد الذي يرتكب جريمة لا يعقل أن يرتكبها كأول فعل غير طبيعي له وإنما ترسبات وتراكمات غير سليمة, فظاهرة الجريمة لا تنفصل عن دور الأسرة في التربية», وتضيف الدكتورة أن للبيئة أثرا فعالا وكبيرا في تثقيف وتربية أفراد المجتمع سواء كانت بيئة الأسرة أو العمل, وتؤثر بشكل كبير في شكل السلوك الاجتماعي وترسيخ القيم والعادات الثقافية من خلال الضوابط الاجتماعية التي تحكم المجتمع, وأن التربية الصحيحة هي التربية القائمة على الأساس الديني السلمي الصحيح وتحتاج فيها إلى القدوة التي تسهم في إيجاد سلوك قويم ومتزن, بعيد عن أي خطأ لذلك لابد من أحكام في جوانب التربية بين الثواب والعقاب كأسلوب للتربية وعدم التقليل من شأن الأبناء مما يترك أثرا سلبيا في نفوسهم ربما يكون دافعا لهم للتعبير عن انفعالاتهم بصورة غير رشيدة تبدأ من داخل الأسرة, فقد نلاحظ أن أحد الأبناء قد يتعامل بطريقة فيها نوع من القسوة مع إخوانه ولا نولي هنا الأمر اهتماما من ناحية توجيههم فيزداد هذا السلوك ويتطور مع الوقت داخل هذا الإبن إلى أن تصبح صورة واضحة تظهر في عنف في الأسرة ومن ثم يتطور هذا الفعل البسيط ليصبح سلوكا إجراميا, وهناك نظريات دافعية تتلخص في أن العدوان ينجم عن التثبيط أو الإحباط, فإذا جرى منع الإنسان من تحقيق أهدافه أدى ذلك إلى حالة تثبيط أو إحباط ينجم عنها بالتبعية دافع عدواني يظهر على شكل سلوك عدواني, فقد يريد الإنسان شيئا ماديا فيقف أحدهم في طريق تحقيق تلك الرغبة فيحدث لديه إحباط ينشأ عنه دافع عدواني يتطور إلى ارتكاب جريمة, وان كل إحباط يفضي إلى عدوان وكل عدوان يسبقه إحباط, والإنسان يكون أشد ضراوة عندما يتعرض إلى الإحباط وعندما يعاق أو يحرم من تحقيق أهداف أو إشباع حاجات يراها مشروعة مصحوبة بمشاعر الحرمان النفسي والنيل من الاعتبار الاجتماعي, أما التفسير البيولوجي لجريمة القتل فهي عدوان بشري ينجم عن شذوذ في التركيب الكروموسومي الوراثي لدى الذكور, ولأن الكروموسوم يفرز هرمونا خاصا بالعنف والعدوان, وإذا زاد الكروموسوم عن حده الطبيعي فإن هذا سيؤدي إلى زيادة في هرمون العدوان لدى صاحبه فيدفعه إلى ارتكاب الجريمة, وهناك دوافع لارتكاب الجريمة تحت ضغط الانفعال أو رد الفعل غير المتزن أو المنحرف, وهناك ارتكاب القتل تحت وطأة الغضب الشديد الذي يصل بالحالة النفسية للقاتل إلى وضع يفقد السيطرة على جوارحه مثل القتل في جرائم الشرف والعرض وكذلك القتل عقب مشاجرة يتأجج فيها نار الغضب حتى تصل بصاحبها إلى مرحلة يفقد معها السيطرة على نفسه وبالتالي ارتكابه للجريمة, وهناك القتل تحت وطأة أمراض نفسية كانفصام الشخصية أو لإشباع غريزة أو استجابة خاطئة لفعل ما, وتضيف الدكتورة «أن المرأة في ظل ما يقع لها من قهر نجدها تتحمل لأقصى مدى فتتحمل ظروف الحياة القاسية وضغوط المعيشة وأعباء كثيرة تقع عليها من قبل الرجل والأسرة, فالترسبات النفسية والضغوط الاجتماعية للمرأة ووجود مشاكل في بيت العائلة منذ الطفولة يؤدي إلى الشعور بكبت نفسي, وعندما تتزوج تتولد لديها مشاكل جديدة في حياتها مما يؤدي إلى ردة فعل عكسية توصلها إلى أعلى مراحل العنف, فالمرأة قد ترضى بالضغط لفترة معينة حتى تصاب بهستيريا جراء صبرها على الذل والمهانة فتنفجر وقد ترتكب جريمة وهذا العدوان دائما يخرج منها بصورة مفاجئة بعد تجمع الكبت الموجود بداخلها, فبالرغم من أن المرأة لديها جوانب من العاطفة والرقة, إلا أن مشاكل في شخصيتها كالاضطرابات النفسية والسلوكية تؤدي إلى ارتكابها لفعل عدواني والسلوكيات السلبية تحمل في طياتها الجانب السلبي, فأي إنسان سواء كان امرأة أو رجلا إذا وصل إلى حد معين من قسوة الظروف بطريقة لا يحتملها قد يجد أن خلاصه ونهاية معاناته في التخلص من سببها هو الانتقام من المجتمع بارتكاب جريمة القتل للشعور بالراحة النفسية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.