يستغرب عدد من المعلمين حالة اللامبالاة والاستهتار التي يتعامل بها بعض الطلاب مع اختبارات نهاية العام الدراسي، ما اعتبره البعض هروبا من الواقع وخداعا للنفس، من جهة أخرى هناك من يقول أن حالة من الاضطراب والخوف تنتاب الطلاب قبيل دنو امتحانات البكالوريا وهو الامتحان المصيري الذي يفتح طريق الجامعة والشهادات العليا.. وبغية الحصول على الشهادة يخلق ممتحن البكالوريا وسط عائلته نوعا من الارتباك وعدم المعرفة بضرورة تمكينه من الراحة النفسية والذهنية لضمان الوصول إلى أعلى عتبات التركيز، وبين الإهمال والتشديد وضغط الشهادة يجد الطالب نفسه في حالة اضطراب وصراع داخلي، لذلك فإن الحل الأمثل هو توفير جو عائلي مليء بالثقة والتشجيع والتحفيز بعيدا عن عبارات الفشل والإحباط والتهديد التي يتداولها بعض الأهالي بمجرد ملاحظة أدنى تقصير.. بمجرد دنو مرحلة اجتياز امتحانات البكالوريا تبدأ حالة من الخوف والهستيريا وهذا أمر طبيعي إذ أن هذا الامتحان مصيري ولكن المثير للجدل و ممارسات يقوم بها بعض الطلبة حيث أنهم وطيلة العام نجدهم يتماطلون ويؤجلون حفظ موادهم و في آخر أسبوع تليه الامتحانات يلجؤون إلى الحفظ حيث تتراكم عليهم الماد والدروس ما يجعلهم يصابون بالأرق والتعب، أما البعض منهم فيضربون المبادئ عرض الحائط و يلجؤون إلى ما يضنونه أسرع السبل وأجداها وهي تحضير ما يسمونه ب " الكوبياج" أي أوراق صغيرة تكتب فيها الدروس وتستعمل للغش خلال الامتحان، وهناك فئة أخرى من الطلبة لا يفعلون لا هذا ولا ذاك، بل يتخذون من الدجل والشعوذة سبيلا، ويدفعون أموالا طائلة لقاء "حرز" أو "مكتوب" من الطلاسم والخزعبلات أو إلقاء تعويذة على السيالات والكراريس التي يوهمونهم أنها ستحرزهم التفوق دون كلل أو أي جهد منهم.. لا شيء يحدث إلا بأذن الله ولا سواه وحول اللجوء إلى السحر والشعوذة تقول فرح طالبة تعيد البكالوريا للمرة الثانية: نفذت حلولنا ولم نستطع أن نكمل حفظ المقرر كاملا فاقترحت إحدى زميلاتنا أن نذهب إلى رجل دجال، قصدنا بيته المتواجد بسيدي موسى وجدنا جمهورا غفيرا من الطلبة،وبعد ثلاث ساعات حان دورنا فدخلنا الغرفة وقبل أن يبدأ طالبنا بالمال والمتمثل في 3000 دج ثم رفع مجموع سيالات وبدأ يقرأ عليها تعويذات تشبه الشعر وأعطانا القيل من الجاوي والبخور وأمرنا أن نلقيه في قاعة الامتحان بمجرد دخولنا.. أخذناها وخرجنا متكلين على هذا الأمر، حان وقت الامتحان قصدت المؤسسة التي سأمتحن فيها وما إن وصلت إلى الباب الرئيسي حتى تيقنت أنني نسيت ما أعطاني إياه "الشواف" فتملكني الهلع والغضب فاتصلت بصديقتي وتفاجأت بحدوث نفس الشيء معهن.. ندبت حظي ودخلت الامتحان.. وبعد ظهور النتيجة تيقنت أنني رسبت ولكنني بعدها لمت نفسي على فعلتي وبعدي عن ربي وأن كل شيء يحدث بإذن الله ولا سواه، أما اليوم فأنا مستعدة أتم الاستعداد لاجتياز الامتحانات لأنني تسلحت بإيماني واعتمدت على نفسي.. أسئلة المواقع الالكترونية.. توكلوا ولا تتكلوا ومن ناحية أخرى هناك من يلجا إلى الإبحار عبر مختلف مواقع الانترنت التي تعرض توقعات الأسئلة المنتظرة خلال امتحان البكالوريا ، وهو ما يخلق لديهم نوعا من التركيز على الدروس المقترحة فقط، وفي هذا السياق أكد بوحيلة زبير أستاذ ثانوي على أهمية تجنب التركيز على هذا النوع من التوقعات، و ضرورة الاطلاع على كامل البرنامج تجنبا للمفاجآت، كما يمكن للطالب في آخر المراجعة أن يقدر مستواه من خلال طرح بعض الأسئلة بمساعدة الأهل لتقدير الجهد المبذول. الإضرابات أنهكت الممتحنين كما للأولياء دور أساسي وهام في فترة الاختبارات حيث ينصح الأخصائيون أهل المقبلين على اجتياز الامتحانات المصيرية بتوفير نظام غذائي متوازن بعيدا كل البعد عن المنبهات باعتبار أن النوم لأقل من ثماني ساعات قد يؤدي إلى تراجع القدرات الذهنية، خاصة وأن السنة الدراسية 2014 شهدت إضرابات متلاحقة زعزعن ثقة الممتحنين بأنفسهم، و أنهكت قطاع التربية ككل، ناهيك عن التخوف الذي يعتري كلا من الأولياء والطلبة. مراجعة الدروس مع الأبناء ترفع معنوياتهم وحول ذلك تنصح الأخصائية النفسانية جاوود فائزة قائلة: لابد للأولياء أن يلعبوا دورا أساسيا في إبعاد أبنائهم عن الوسائل الترفيهية وحثهم على التركيز في الدروس، كما أكدت الدكتورة أنه من المجدي أن يكرس الأهل بعضا من وقتهم بمراجعة الدروس معهم لمنحهم الدافع اللازم و تأطير عملهم ورفع معنوياتهم، مع توفير كل من الراحة المطلوبة في البيت كالابتعاد عن الضجيج والأشغال المنزلية المربكة، وتأجيل الخلافات العائلية إلى ما بعد الامتحانات، كما يعتبر المد النفسي القائم على تذكيرهم بشكل دائم بتوفرهم على كل الإمكانيات اللازمة لاجتياز عتبة "الباك" مهم وله دور فعال في رفع ثقة ممتحن البكالوريا بنفسه، كما شددت الدكتورة جاوود على ضرورة تجاوز عتبة الفشل بالنسبة للتلاميذ الذين سبق لهم اجتياز امتحان البكالوريا ولم يتمكنوا من تحقيق النجاح، وهذا دور هام يقوم به الوالدين،، والتزامهم لنظام صارم خلال هذه الفترة تربكهم فالممتحنين بحاجة ماسة للمحبة والعاطفة والاحترام والثقة، وذلك عبر ممارسة سياسة اللين والنصح والتشجيع، والحزم مع الرحمة. ابتعدوا عن العادات الجزائرية القهوة وماء الزهر" المراجعة لا تعني بأي شكل من الأشكال الليالي البيضاء بل تعني النوم المريح والأكل المتزن مع التركيز على الفواكه والمواد الغنية لكالسيوم والفسفور على غرار الحليب ومشتقاته وكل أنواع السمك والتي تساعد على تقوية الذاكرة، بالمقابل ينصح أخصائي التغذية مراد زرايبي بالابتعاد عن العادات الجزائرية كالقهوة بماء الزهر التي تفقد الطالب تركيزه، والمراجعة إلى ساعة متأخرة من الليل، كما نوه أن ساعات الصباح الأولى من أهم ساعات المراجعة نظرا لارتفاع قدرة الاستيعاب خلالها.. نصائح: "تخلصوا من الرواسب الذهنية ولا تسهبوا حيث لا يتطلب الإسهاب" عندما يصل يوم الامتحان ما على التلميذ سوى التخلص من كل الرواسب النفسية والذهنية والأحسن أن لا يرهق تفكيره بتذكر الدروس بشكل مفاجئ للتدريب، لأنه في بض الأحيان ومع الضغط النفسي يهيأ له أن لا يتذكر شيئا ولكنه في الحقيقة يتذكر كل شيء، ولابد أن يركز على أنه امتحان لا يختلف عن الامتحانات الفصلية ، كما يحبذ أن يبتعد في هذا اليوم عن وسائل النقل العمومية حيث يكثر الضجيج، وعن جمع الأصدقاء والكلام الكثير للحفاظ على نسبة تركيز عالية، الأهم من ذلك الابتعاد عن الشعوذة والسحر، والتحلي بالإيمان والتسلح بأدعية التيسير والتوفيق، وضرورة الوصول لقاعة الامتحانات مبكرا لتجنب تضييع الوقت والإرباك، وابدأ دائما على الأسئلة التي تعرف إجابتها واحذر أن تسهب حيث لا يتطلب الإسهاب حتى لا تضيع وقتك، انتقل للأسئلة الصعبة واكتب ما تعرفه عنها، ولا تعطها من الوقت أكثر مما تستحق.. بالتوفيق.