فوض والأب والأم تفويضا مطلق الصلاحية من قبل المجتمع لتربية أعضائه وهما مسؤولان أمام المجتمع عن ذلك، ولكن وللأسف يخطئ أولئك الآباء والأمهات في تربية أبنائهم منشؤها التصرف غير الناضج مع خطأ ارتكبه أحد الأطراف ألم يقل الله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون(24) الأنفال.. حيث أن التعامل مع الأخطاء التي يرتكبها الأولاد أو حتى الزوجة فن من الفنون التي يجب على كل والد و زوج أن يتعلمها ويتقنها ويحول هذا الخطأ إلى قوة إيجابية بناءة في الأسرة لا إلى قوة سلبية هدام، ولكن كثيرا من الآباء والأمهات والأزواج يمارسون ممارسات غير تربوية بدافع العاطفة والخوف والشفقة على الابن أو الابنة، حيث تتستر الأم في بعض الأحيان على أخطاء أبنائها خشية عقاب الأب خاصة إذا كان قاسيا ولا يدري السبيل إلى حل مشكلات أبنائه بالود واللين والتفاهم، وهذا التستر يتسبب باستمراره في تفاقم المشكلة وتزايدها ووقوع الأبناء في أخطاء أكبر، وبذلك تكون بلا قصد سببا في انحرافهم أو على أقل تقدير تعليمهم صفات أبسطها الكذب والخداع..خوفا من عقاب الآباء تقوم بعض الأمهات بالتستر عن أخطاء الأبناء مهما كان حجمها ودافعها الوحيد هو الحب والحنان وهذا ما يؤدي إلى تفاقم المشكلة، وبالتالي نجد بعض الأمهات يظهرن مع أبنائهن بحزم في وجود الزوج ولكن إذا ما غاب عن الأنظار تنقلب الموازين ليصبح صوت الأبناء طاغيا على صوت أمهم فلا تجد الأم حلا لخفض هذه الأصوات إلا أن ينقدن لأوامرهم، وعندما يعود الأب تقوم الأم بالتستر عن كل أحداث مخالفة للتربية قام بها الأولاد جاهلة أن تساهلها هذا وعدم حزمها عند الضرورة سلبية خطيرة في قضية التربية والتعليم ثنايا هذه الظاهرة تحدثت عنه الأمهات وآباء وحتى الأبناء من خلال صفحات الاتحاد لأخطاء وقعت لفتاة أو صبي وما أعقب ذلك من ردود فعل أمهات أو آباء وكثير من الخفايا التي تدور داخل البيوت بالإضافة الى الرأي المختص لمناقشة الجوانب النفسية التي تخلفها الأخطاء وردود الأفعال داخل الأسرة : تستري على ابنتي طلقني أول قصة بطلتها رتيبة فتاة في السادسة عشر سنة والتي كلما قامت بهفوة تسترت عليها أمها، مما زاد من عدم مبالاة الابنة وتمادت في الأخطاء فأول خطأ كان بهاتف نقال مجهول المصدر حيث لم تحقق الأم فيه وأخفت الأمر عن الأب، والثاني تقول نادية الأم اكتشفت سيجارة في حقيبتها فوبختنها ولكنها أقسمت أنها ليست لها فأخفيت الأم أيضا ومن ثم رأيت سلسال ذهب فقالت أن صديقاتها جمعن المال وقمن بإهدائها العقد في عيد ميلادها وكلما فتحت خزانتها وجدت شيئا جديدا وثمينا ولكنني كنت أقول في نفسي ماذا لو اكشف والدها الأمر فسيلقي تهمة التربية الفاسدة لي لذلك حاولت اصلاحها بالتوبيخ والتحذير إلا أن ذلك لم يجدي نفعا.. مع تكرر هذا التغاضي أيقنت أنني لا أخبر والدها بهفواتها فاطمأن قلبها إلى أن اكتشفت أنها لا تذهب إلى المدرسة منذ ما يزيد عن شهر وعندما سألتها قالت أنه خطأ من المدرسة فالمديرة اعتذرت لها لأنها أرسلت استدعاء فتاة أخرى إلى منزلنا ولكن ذات يوم رن الجرس عدة مرات في وقت واحد فتحت الباب وإذا بزوجي يشد ابنته من شعرها والدماء تغطي وجهها وعندما سألته عن الأمر أجابني ب" راكي مطلقة" لم أفهم ما يدور من حولي ولكن عمة ابنتي حكت لي أن والدها تتبع خطواتها فضبطها ترافق رجالا كبارا في السن في سياراتهم هي وشلة من صديقاتها.. فكانت الفاجعة والطامة حيث لت نفسي لأنني كنت السبب في كل هذا.. ولكن حزم وصرامة زوجي جعله يضع ابنتنا في مركز إعادة التأهيل وها أنا أندب حظي أجني ما حصدت". "جعلت من ابني مدمنا" أما القصة الثانية فهي لم محمد أربعينية فهي تخفي عن زوجها ما يقوم به الأبناء من تصرفات خاطئة خشية من أن يقوم بضربهم ويؤذيهم نفسيا وجسديا فتقول: في الغالب أتكتم على غلطات أبني المراهق ولكن التعامل مع الخطأ يختلف من أم الى أخرى، فبعض الأمهات تتخذ إجراءات رادعة تقدم دروسا في التربية،وتجعله يبتعد عن ارتكاب الأخطاء، حيث أنني تغاضيت مرارا وتكرارا عن هفوات ابني إلا أنه لم يستحي وفي كل مرة يقوم بما هو أكبر، بالأمر فأخبرني أن ابني اقترض منه مبلغ 20.000 دج وهو يطالبه به منط ما يزيد عن الشهرين فخفت من ردة فعله اتجاه ابني خاصة وأن ملامح وجهه لم تعجبني فأعطيته المبلغ على دفعتين وتكتمت عن الأمر ولكنني لم ألبث أن دفعت المليونين حتى جاءني آخر وطالبني بمبلغ يفوق الأول فقررت إخبار زوجي لأن الأمر خرج عن سيطرتي فتقصى الأمر واكتشف أن شبكة تجار الكيف المعالج وابني أصبح مدمنا وقد نلت نصيبي من الاتهام لأنني السبب في كل هذا" التستر الخفيف جائز وللآباء والأمهات رأيهم في القضية،حيث التقينا بأحد الآباء وإحدى الأمهات لنرى وجهة نظرهم، حيث أكدت الأم على ضرورة مشاركة أبنائها ومتابعتهم مع تقديم النصح والإرشاد المستمر،وإذا لاحظت وجود خطأ ما،عليها أن توجه ابنتها عبر طرق تربوية صحيحة والتستر عن أفعالهم إذا كان الأمر لا يستدعي تدخل الأب كشجار بين الأخوين أو كسر شيء من المنزل وليس التغاضي عن الكذب والسرقة وما يفوقها.. رقابة ومتابعة مستمرة أما الأب فقال أنه يجب على الآباء إداراك عقلية أبنائهم وخاصة الفتيات واختلاف تفكيرهم منذ الصغر وحتى الكبر، والتعامل وفق ذلك بحسب الخطأ الذي يقع فيه دون اللجوء إلى الضرب أو الإيذاء الجسدي مهما كان الخطأ،والتوجه إلى أساليب عقاب لها تأثير ايجابي يفهم من خلاله الابن أن ما وقع فيه غير صحيح ويجب عليه تصحيح مساره بذاته مع الحرص على إيصال رسائل مباشرة أو غير مباشرة،وأن هناك رقابة ومتابعة مستمرة من أجل الحفاظ عليه و مساندته خلال مسيرته في الحياة، وهذا التعامل سيجعل من الولد يدرك ما حوله ويصحح الأخطاء بنفسه ويستشير والديه لأنهم فتحوا الأبواب أمامهم لمشاركتها اتخاذ القرار. الأب مطالب بالاقتراب من أبنائه ومصادقتهم فيما يؤكد المستشار التربوي شهاب مرزاق أن الحياة الزوجية لابد أن تكون قائمة على الصدق والشفافية والتلاحم بين الأبوين، فلا تخفي الأم شيئا عن الأب لمصلحة الأبناء وحرصا على التفاعل الإيجابي بين كل أطراف العلاقة الزوجية والأسرية، ولعلاج مشكلة التكتم والتستر عن أخطاء الأبناء، والفتيات يختلفن من ناحية احترام الأهل أو الخوف منهم وتجري الأم باحثة عن حل عند الأب حينما تعجز عن السيطرة على سلوك ابنتها بحكم طبيعتها العاطفية وأمومتها التي تصفح وتتسامح مع سلوك الأبناء.. يؤكد المستشار أن المسؤولية تقع على الأبوين معا، فيقول: من الضروري أن تصارح الأم زوجها بكل ما يخص الأبناء بحكم أنه يمتلك الخبرة اللازمة لحل مشكلاتهم خاصة إذا كانوا ذكورا، كما أن الوسيلة التي سيعالج بها المشكلة، على الرغم من قسوتها في بعض الأحيان، تكون شافية ومعالجة للموقف مثل المشكلات التي تتعلق بالإدمان أو التدخين مثلا والأب مطالب بالاقتراب من أبنائه ومصادقتهم بإقامة حوار معهم وباصطحابهم إلى العمل أو المسجد أو إلى الأصدقاء، لأن لذلك أكبر الأثر في تعلق الابن بأبيه وزوال الرهبة بينهما التي تحول في كثير من الأحيان دون المصارحة. أسوتنا رسولنا - صلى الله عليه وسلم- .. ذكر عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه كان يصاحب الأطفال في الطريق واعظا ومعلما على قدر عقولهم فالطفل من حقه أن يصحب الكبار ليتعلم منهم، فتتغذى نفسه، ويتلقح عقله بلقاح العلم والحكمة، والمعرفة والتجربة، فتتهذب أخلاقه، وتتأصل عاداته... وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم قدوة في ذلك، فعلمنا أنه صحب أنسا، وكذلك صحب أبناء جعفر ابن عمه، والفضل ابن عمه. وها هو عبد اللَّه بن عباس، ابن عمه صلي الله عليه وسلم يسير بصحبة النبي صلي الله عليه وسلم على دابته، فيستفيد النبي صلي الله عليه وسلم من تلك الصحبة في الهواء الطلق، والذهن خال، والقلب منفتح، فيعلِّمه كلمات، على قدر سنِه واستيعابه، في خطاب مختصر ومباشر وسهل، مع ما يحمله من معان عظيمة يسهل على الطفل فهمها واستخلاصها..