لقد استفحلت في الآونة الأخيرة ظاهرة إفشاء الأسرار الزوجية وانتشرت انتشار النار في الهشيم كونها أصبحت حديث المجالس بين النساء و الرجال و التي عادة ما تؤدي إلى نتائج وخيمة ينتهي بها المطاف في اغلب الأحيان إلى أروقة المحاكم فنقل أسرار العلاقة الزوجية يهدم أواصر المحبة بين الطرفين و يؤدي إلى الفتك بكيان الأسرة و استحالة الاستمرارية . الحياة الزوجية كأي مشروع جديد، تنقصه الخبرات وتصقله الأيام والتجارب، وبالتالي فإن الوصول إلى السعادة يتطلب تخطي هذه المرحلة، أما إن لم يتم تجاوز مشاكل هذه المرحلة بالسرعة، وبالطريقة المناسبة، فإن ذلك يهدد بتفاقم المشاكل لتصل إلى النهاية وهما لم يزالا في البداية، ومن إحدى أهم هذه المشاكل، إفشاء أسرار ما يحدث في المنزل إلى كل من هبّ ودبّ، وخصوصا أن المرأة تكون في هذه المرحلة لا تعلم من يريد مصلحتها ممن يخطط لخراب بيتها، فكل من تراها تقوم بطرح الأسئلة التي لا نهاية لها عليها لتأخذها في الكلام، وتتحدث عن جميع ما يحدث بينها وبين زوجها، وهذه خصوصية قد لا تدرك المرأة خطورة البوح بها إلا بعد وقوع الفأس بالرأس. زوجات ذهبن ضحايا لعادة إفشاء الأسرار الزوجية الخاصة عن عادة إفشاء الأسرار الزوجية الخاصة والتحدث عن المشاكل الزوجية روت العديد من الزوجات اعتيادهن الحديث عن الأسرار الزوجية أمام الصديقات، وروين كيف أثّر ذلك على حياتهن، وكيف أوصلتهن هذه العادة إلى فقد الثقة وإثارة الشك في نفوس الأزواج، وقد وصل الأمر في بعض الحالات تهديد الحياة الزوجية. هذه خطفت زوج صديقتها، وتلك خربت بيت قريبتها من شدة غيرتها، وأخرى زوجت ابنتها لزوج جارتها بعد أن علمت بأسرار بيتهم، الكثير والكثير من القصص التي يشيب لها الولدان عند سماعها، وتتألم القلوب لحدوثها، وتنهمر الدموع لتحسر وندم أصحابها، ولكن بعد فوات الأوان، فحينها لا ينفع النادم ندمه، ولا يعوض الخسران كنوز الدنيا خسارته، ففي مثل هذه المواقف يتشرد الأولاد، ويضيع مستقبل الأجيال من أجل أنانية امرأة في تدمير أسرة من أجل الفوز بزوج صديقتها. البحث عن الحلول عند الصديقات تشهير يؤدي إلى تخريب عش الزوجية ومن أبرز أسباب إفشاء الأسرار الزوجية عدم قدرة أحدهما على الصبر لما يعانيه من مشكلات وأزمات في أسرته، ما يدفعه إلى إفشائه إما بحثاً عن علاج أو تخفيفا من ألم الكتمان و قد ذكرت في هدا الصدد السيدة ك خديجة: إن أكثر ما ندمت عليه في حياتي هو مصادقتي لامرأة تتلون بجميع الألوان وكأنها ليست بإنسانة، ونصحني أغلب من حولي بالابتعاد عنها، ولكنني لم أكن أرى منها غير توجيه النصائح لي وتقويتي و بحث حلول لمشاكلي الزوجية حيث لم أجد غيرها أنيسا يخرجني من قوقعة المشاكل ، مما كان يريحني لدرجة ما، وهذا من الأسباب التي كانت تعجبني بها، وأخيرا جاء يوم ونقمت عليّ و أصبحت تتكلم في سيرتي بأشياء لا أعلمها وتتهمني بارتكاب أمور لا يتصورها العقل و لا الخيال ، ولم تكتف بادعاءاتها هذه وتناقلها بين زميلاتي، وإنما أحضرت رقم زوجي، واتصلت عليه وتكلمت عني بصورة غير أخلاقية، ما أدى إلى خسران وظيفتي و كدت أن اخسر بيتي لمجرد أنني اتخذت يوما من الأيام هذه المرأة صديقة لي و لم تكتف عند هدا الحد بل أخبرته ببعض الأسرار و التي كان يأتمنني عليها و من هذه اللحظة وأنا أعيش في دوامة من تأنيب الضمير، وعتاب زوجي؛ فقد أصبح لا يأتمنني على سر، وأصبح كتوما معي في معظم الأمور، ومن يومها قررت ألا أتحدث عن أي شيء يحصل في بيتي مهما كان و لأي كان . و في نفس السياق ذكرت السيدة س نعيمة كنت أعتقد أن الحديث عن حياتي الخاصة أمام صديقاتي يريح نفسيتي من الضغط الذي ألاقيه في البيت، وكان هذا الموضوع وجبة دسمة نتجاذبها خلال جلساتنا وذات مرة رويت لإحدى صديقاتي موقفا مضحكا خاصا جدا حصل بيني وبين زوجي، وهي بدورها أخبرت به زوجها، فاستغل زوج صديقتي إحدى سهراته مع الأصدقاء، و حكى لهم الموقف من باب التندر والفكاهة، فأخبر أحد الحاضرين زوجي بالأمر فكان ما حصل كناقوس دق في فكري ونبهني لخطورة ما كنت أتحدث عنه من أمور وأسرار خاصة لما قام زوجي بمعاقبتي و أصبح لا يحكي لي شيئا عن أموره و لا يتعامل معي بتلقائيته المعهودة و أضافت السيدة ع جميلة كانت لي صديقة تعاني من مشاكل معقدة مع زوجها تتمثل في تقصيره كزوج وأب؛ وهو ما جعلها تهجره لبيت أهلها، وكنت متعاطفة معها، ومتأثرة لما يحصل لها من مشاكل، وكنت أحدث زوجي بكل صغيرة وكبيرة عن أسرارها ومشاكلها مع زوجها، وللأسف كون زوجي علاقة غير سليمة مع هذه الصديقة، مستغلا الفراغ العاطفي الذي تعيش فيه ومعرفته بمشاكلها، ولولا أن إحدى صديقاتي أخبرتني بما يحدث من ورائي لما عرفت خطأ التحدث عن الأسرار الخاصة بصديقتي أمامه". " الخلطة " و كثرة مجالسة الأصدقاء طريق الرجال في إفشاء أسرار الزوجية إن كثرة "الخلطة و المجالس الطويلة مع الأصدقاء يؤدي بطريقة أو بأخرى إلى إفشاء الأسرار الخاصة بالأسرة فعندما يجلس الزوج لا بد أن يحدثهم ويحدثونه فيكثر الكلام و يصل إلى تلك الأسرار من باب " الدردشة" و هدا ما ذكره السيد زمورة نبيل غالبا ما تبدأ مثل هذه القصص بما يسمى ب«الفضفضة» لمن لا نأمن مكرهم، فيجلس الرفقاء في مقهى أو على طاولة "الدومينو" ومن حديث إلى حديث، وكلمة تجر كلمة حتى لا يفترقون إلا وقد أفشى الزوج بجميع أسرار بيته ، ما يقال وما لا يقال، ولن تشعر بخطورة هذا الأمر إلا بعد فوات الأوان. و أضاف أ يمكن للإنسان أن يضعف ويتكلم في أمور جرت معه، ولكن تظل هناك خصوصية، فالحياة الزوجية لها قدسيتها، فنحن عيبنا أننا نعري أنفسنا، فليس كل ما يُعرف يُقال، فلابد أن نستر عيوبنا ، فلماذا يأتي الإنسان ليفضح نفسه ويعطي الآخرين مجالا للتحدث ومعرفة ما لا يصح معرفته، فإذا كان ولابد أن نفضفض ونفصح عما في قلوبنا، فعلينا الذهاب إلى أخصائي أو نفساني حسب الحالة المطلوبة، بدلا من التحدث إلى يائسة أو مشعوذة تدمر بيتنا وحياتنا، فهناك الكثير ممن يستمتعن بمصائب الآخرين. فيما ذكر ز أمين إن ظاهرة إفشاء أسرار الحياة الزوجية أصبحت متفشية بمجتمعاتنا العربية سواء منها ما يتعلق بالخصوصيات، خاصة إن كان الزوجان شابين، وذلك من منطلق التطور والتفاخر بين الأصدقاء أو من الناحية الاجتماعية من خلافات وغيرها وذلك لقلة الخبرة في الكثير من الأحيان وأنا من منظوري الخاص التربية أو الثقافية الدينية لها دورها الكبير في نجاح أي علاقة زوجية وللأم والأب دور كبير في ذلك لتهيئة وتربية أبنائهم منذ الصغر على سلوكيات معينة تنفعهم فيما بعد وعلى الآباء أن يكون قدوة في ذلك قبل أي إنسان آخر فانا شخصيا أتحدث مع أصدقاتي في كل أمور حياتي الأسرية صغيرة كانت أو كبيرة، من سبيل المناقشة وبحث الحلول، ولكن حديثي يتوقف عند الأسرار الخاصة؛ فهي لا تخص أحدا غيري، ولو كنت أريد حلا لموضوع خاص أو مشكلة زوجية أبحث عنه في الإنترنت أو عبر المنتديات التي تعالج هذه الأمور. "الشكوى " للأولياء طريق إلى خراب البيوت هناك بعض الآباء يقحمون أنفسهم في حياة الأبناء بهدف الاطمئنان، أو كنوع من الوصاية، نتيجة تعودهم على التدخّل، كأنه حق من الحقوق حتى بعدما يصبح للابن حياته الخاصة بعد الزواج، ولديه من الأبناء ما يكفي لأن يكون مستقلا بحياته وخصوصياته، ما يسبب بعض المشاكل بين الزوجين ويشعرهما بأن حياتها خالية من الخصوصية مما يجعل الحياة الزوجية مهددة بخطر الزوال . كما أن هناك خطأ كبير تقع به الكثير من النساء في اغلب الأحيان ، وهو إبراز الصورة السيئة للزوج أمام الأمهات اللواتي يقلقن لمصير بناتهن و تتجهن إلى التصرف معه بنوع من العنف مما يجعله يحس بان "النسيبة" هي المحرك الأول و الرئيسي و عادة ما تقوم الأم باصطحاب الزوجة إلى البيت العائلي كعقاب لزوجها مما يتسبب في تفاقم المشكلة و كذلك بالنسبة للأزواج و تدخل الأمهات في المشاكل الزوجية خاصة ادا تعلق الموضوع بأمور العقم و عدم الإنجاب نظرا لحساسية الموضوع. رأي الدين في الموضوع إن الأسرار الزوجية هي جميع الأحداث والمواقف والأحوال وما يصاحبها من أقوال وأفعال داخل عش الزوجية ولا يرغب أحد من الزوجين أن يعرفها غير شريك حياته، وهذه الأسرار الزوجية قد تكون إيجابية - أسرار حسنة - أو أسرار سيئة والأسرار الإيجابية عندما تفشى وتذاع للآخرين فإنه قد يتولد في نفوس بعض السامعين ما لا تحمد عقباه من حسد أو حقد أو كره ومكر، ولأن هذه العواقب تحدث حقيقة في نفوس بعض البشر فقد حذر يعقوب عليه السلام ابنه يوسف عليه السلام من إخبار إخوته بالرؤية التي رآها، قال تعالى: {قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ}،فالرؤيا حسنة والموقف إيجابي ومع ذلك أوصى يعقوب يوسف عليهما السلام بعدم إفشائه حتى لإخوته لكي لا يحدث شيء من تلك العواقب السيئة، وقد قيل: ما كل ما يعلم يقال وما كل ما يقال يقال في كل الأحوال ولكل الناس وقد تكون الأسرار الزوجية سلبية - إما خُلقية أو خَلقية - وعندما تفشى هذه الأسرار يقع المتحدث بها أولاً في الغيبة التي حرمها الله عز وجل وتوعد عليها رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً}، وقد توعد الرسول صلى الله عليه وسلم الزوجة التي تفشي أسرار الزوجية الخاصة بوعيد شديد، ففي الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها) "رواه مسلم"، قال الصنعاني - رحمه الله -: أي وتفشي سره، فالناشر سواءً كان زوجاً أو زوجة من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة فعلى الزوجين التواصي دائماً بما فيه مصلحة حياتهما الزوجية، ومن ذلك التواصي بحفظ أسرارهما العائلية وعدم نقلها خارج عش الزوجية، لأن حفظ أسرار الزوجية من أهم عوامل نجاحها واستمرارها.