الكل يعرف ذلك منذ سنوات...البليدة فقدت سحرها بسبب النفايات والأسواق الموازية. هذه الظاهرة التي أثارت حفيظة سكانها منذ سنوات، كما يحدث في اغلب ولايات الجزائر. الحل جاء بقرار من المسؤول الأول على الحكومة الجزائرية عبد المالك سلال والذي يقضي بضرورة وضع حد للنفايات و الأسواق الموازية عبر العديد من المدن الكبرى للوطن. القرار أثلج صدور العديد من المواطنين. أيام فيما بعد و بإشراف الوالي؛ محمد أوشان انطلقت عملية تطهير مدينة الورود من المفرغات العشوائية و الأسواق الفوضوية. تقع البليدة في قلب متيجة وتعتبر ثالث أكبر سهول العالم. موقعها في شمال البلاد و بمقربة من سفوح جبال الأطلس أعطى لها مكانة معتبرة. فهي مركز إداري وتجاري تشتهر بمنتجاتها الزراعية والصناعية، تبعد عن العاصمة ب 50 كلم من جهة الجنوب الغربي و27 كلم من الجهة الشرقية. عرفت البليدة ازدهارا كبيرا في عهد العثمانيين، واعتبرت مكانا لاستراحة حكام الجزائر التي كانت وجهتهم المفضلة في تلك الحقبة. تشتهر بقصر "الأتراك" بسيدي يعقوب. تضم البليدة الحظيرة الوطنية للشّريعة وهي جبال وغابات جميلة تستقطب العديد من السياح من كل أرجاء الوطن وخارجها. تغطيها الثلوج في الشتاء وفي الصيف تنخفض درجة الحرارة فيها، وهي جبال على ارتفاع 1500متر، يستعمل حاليا المصعد الهوائي كأداة رئيسية للصعود إليها، فضلا أنها تضم في منطقة الحمدانية ما يسمى "عنصر القردة"، وهو المكان الذي يقع في وسط الجبال يضم حديقة حيوانات وتكثر فيها الينابيع. البليدة ولاية نموذجية لتجسيد العملية هذه العملية التي تدخل في إطار النظافة وتطهير المدن والمرافق العمومية، والتي أقرّها رئيس الوزراء الجديد عبد المالك سلال خلال اجتماعه الأخير مع بعض الولاة المعنيين بالمدن الكبرى. اختيرت البليدة كمنطقة نموذجية لتجسيد المبادرة، التي من شأنها القضاء على ظاهرة النفايات التي اكتسحت العديد من شوارع مدينة الورود في الآونة الأخيرة. اجتمع الوالي عقب اللقاء الذي جمعه مع المسؤول الأول في الحكومة الجزائرية مع مختلف الهيئات والقطاعات المدنية من أجل شرح وتنظيم هذه العملية. مباشرة بعد ذلك، تم تنصيب لجان على مستوى دوائر وبلديات البليدة تتكفل بالعملية وتحسييس المواطنين بضرورة المحافظة عن البيئة وكذا المساهمة في إعادة الصورة الحقيقة لجمال المدن الواقعة بمنطقة المتيجة. تجتمع هذه اللّجنة كلّ يوم أحد بالإشراف والتنسيق على العمليات المحلّية المتعلّقة برفع النّفايات المنزلية ونظافة المحيط وتستعين بالوسائل الضرورية للتدخّل بالتعاون مع الشركاء والمصالح المعنية. كما نصّب الوالي لجاناً على مستوى الدوائر لها نفس المهام وأعطى الأوامر لتنصيب خلية متابعة يرأسها المفتش العام للولاية لتشرف على كلّ العمليات المتعلّقة بالنظافة العمومية، وهي مطالبة برفع تقارير عن هذه المهمّة كلّ أسبوع إلى رئيس الهيئة. من جهته أعطى الوالي توجيهات لرؤساء الدوائر للانطلاق في إحصاء نقاط رمي النّفايات التي ينبغي أن تكون محلّ معالجة في إطار مخطّط للتدخّل العاجل، كما حثّهم على تسخير جميع الوسائل المادية لإنجاح العملية، داعيا إيّاهم في بداية الأمر إلى استهداف الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية، المناطق الحضرية وشبه الحضرية وكلّ الأماكن العمومية الأخرى. شدّد الوالي في هذا المجال على ضرورة إشراك المواطن في هذه العملية عن طريق تحسسيه لاحترام مواقيت رمي النّفايات المنزلية، كما دعا إلى ضرورة إسهام المواطنين وجمعيات الأحياء في تنظيم حملات تطوّعية كلّ أسبوع للمحافظة على الإطار السليم الذي يعيشون فيه. وفيما يتعلّق بالمدى المتوسط فقد دعا الوالي المسؤولين المعنيين إلى الشروع في إنجاز مراكز للرّدم التقني المسجّلة على مستوى البلديات وتنشيط اللّجان المحلّية لمكافحة الأمراض المتنقّلة عن طريق المياه والمكاتب البلدية للنظافة. القضاء على السوق الفوضوي والمفرغات الاجتماع الأخير بين الوالي و رؤساء دوائر الولاية خصص لتقييم المرحلة الرابعة المتعلقة بتأهيل المرفق العمومي، والبحث عن مدى تنفيذ الإجراءات السابقة، على خلفية التعليمات التي انبثقت عن اجتماع الأسابيع الماضية. قدم رؤساء الدوائر ومسؤولي القطاعات المعنية التقارير التي تتعلق بالملفات، ومدى تنفيذ الأشغال الهادفة إلى القضاء على المفرغات العمومية العشوائية المتواجدة ببعض مناطق الولاية مثل بوفاريك ووادي الحراش ببوقرة شرق الولاية، بناء على المخطط العمل المقترح من طرف الجهات المعنية. يأتي هذا بعد التعليمات التي أقرّها المسؤول عن الجهاز التنفيذي بالولاية محمد أوشان بعد استعراض حصيلة العمليات التطوعية نهاية هذا الأسبوع، أعطى خلالها الوالي تعليمات بضرورة القضاء على الأسواق الفوضوية المتواجدة عبر إقليم الولاية. وفي هذا الخصوص ستستفيد البلديات المعنية من إنجاز أسواق من خلال تخصيص غلاف مالي كافي لإنجاح هذه العملية وهذا في أقرب الآجال. وفي السياق ذاته أمر والي ولاية البليدة بالقضاء على الباعة الفوضويين المتواجدين عبر حافة الطريق الوطني رقم واحد على مستوى بلدية الشفة والمؤدي إلى ولاية المدية. أكد نفس المتحدث أن الباعة قد يتسببون في حوادث مرور أو تعطيلها بالنسبة لمستعملي الطريق الرابط بين الولاية والمدن الجنوبية. كما لم يخف الوالي أن هدف العملية هو تنظيم الحركة بالمنطقة حيث سيستفيد الباعة في إقليم بلدية الشفة من الإجراءات المذكورة السالفة التي ترمي إلى تخصيص أماكن تخرجهم من البطالة. رفع أكثر من 7950 ألف طن من النفايات كشف تقرير الأخير أعدته ولاية البليدة عن تسجيل رفع أكثر من 7950ألف طن من النفايات عبر 299 موقع بكل بلديات الولاية، يأتي هذا خلال حملات النظافة التي بادرتها الجهات المعنية. خصص لها 2230 عون من مختلف الهيئات ومصالح المختصة، فضلا عن تخصيص أكثر من 500 آلية كالشاحنات والرافعات، وقدّر المبلغ الإجمالي لهذه العملية بحوالي 100مليون سنتيم. كشفت المصادر أن دائرة أولاد يعيش ببلدياتها الثلاث احتلت المرتبة الأولى من حيث رفع النفايات التي قدرت بحوالي 1225طن، أما دائرة بوفاريك جاءت في المرتبة الثانية 684 طن، فيما تم رفع حوالي 600 من النفايات من دائرة البليدة . القضاء على النقاط السوداء أوامر مصالح الولاية هي تنظيف المحيط وتحسين نمط المعيشي للمواطن في الولاية، فضلا عن القضاء على النقاط السوداء. وحسب بيان قدمه رؤساء الدوائر أظهرت أن حملة النظافة التي بادرتها الجهات الوصية منذ بداية شهر سبتمبر الفارط، تكللت بالقضاء على عدد لا بأس به من النقاط السوداء، فيما لا يزال العمل متواصل قصد القضاء على كل النفايات المتواجدة عبر تراب الولاية ، باعتبار أن هذه العملية ليست ظرفية وإنما مزدوجة و متواصلة. خير دليل على ذلك أن مخطط العمل ينقسم إلى مراحل زمنية ثلاثة: قصير وطويل ومتوسط المدى. تم خلال هذا الاجتماع التركيز على تنظيف الأسواق، من خلال إنشاء فرق خاصة مهمتها هي نظافة المكان يوميا، على أن تتولى مصالح الحماية المدنية رش الشوارع. إنجاز سوق مغطاة ببوفاريك كشف رئيس دائرة بوفاريك عن مشروع إنجاز السوق المغطاة لفائدة التجار ومواطني البلدية، مؤكدا أن الإجراءات الإدارية هي سارية المفعول والذي سيستفيد منه حوالي 32 تاجر بالمنطقة من محل جاهز قصد مزاولة نشاط التجاري في أحسن الظروف. هذا المشروع هو عبارة عن أربع طوابق، يهدف إلى تخفيف الضغط عن السوق البلدي ومحاربة التجار الفوضويين بالمدينة حسب المصدر كما أوضح نفس المصدر أن هذا المكسب سيستفيد من مراحيض وأعوان السوق لتنظيم العملية التجارية داخل هذا المكان. ارتياح المواطن البليدي أبدى سكان بولاية البليدة ارتياحهم التام برحيل الأسواق الفوضوية التي اجتاحت مدينتهم مؤخرا. استحسن هؤلاء السكان مثل هذه القرارات التي قد تزيل الفوضى بشوارع المدينة التي كانت سابقا عرضة للتّجار الفوضويون الذين احتلوا الأرصفة مما صعّب على المواطنين السير. وبالرغم من المعارضة الشديدة التي أبداها بعضهم بشأن إلغاء الطاولات الفوضوية التي أدت بدورها إلى إلغاء مصادر استرزاقهم، إلا أن الحقيقة لا يقف عليها سوى السكان المجاورين لمثل هذه الأسواق، الذين عبروا لنا عن سعادتهم لرحيل التجار الفوضويين، والتي كانت حسبهم قبلة للمنحرفين. و بالفعل تتحول هذه الأماكن، في بعض الحالات، إلى ساحة عراك بين المواطنين والتجار. أكثر من ذلك أن تلك الطاولات التي يدّعي أصحابها التجارة تخفي أشياء محظورة كالمخدرات والأسلحة البيضاء بمختلف أنواعها. فقد عبر لنا أحد المواطنين أن مثل هذه الأسواق هي نعمة في بعض الحالات بما أنها تخدم جيوبهم بفضل الأسعار المنخفضة، لكنها نقمة في نفس الوقت بسبب وضع فوضي يدفع ثمنه السكان، مضيفا أن تحقيق الأمن من الأولويات التي يحتاجها المواطن حاليا، فإلغاء تلك الأسواق الفوضوية هو قرار لم يأت من العدم بل ارتكز على العديد من المعطيات التي لا ترمي في ظاهرها إلى خدمة المواطن كون أن إلغائها سيؤثر على ميزانية شريحة واسعة من المجتمع، وذلك ما غلب على الرأي العام، إلا أن الغوص في أسباب إلغائها يؤدي إلى تقصي حقائق إيجابية. فهي على الرغم أنها مصدر رزق العديد من أرباب العائلات، فهي تخدم جيوب المواطنين، إلا أنها لا تخلو من السلبيات العديدة على غرار تشويه المنظر العام للمدينة. من جهتهم يقول سكان البليدة أن القضاء على النفايات من شأنه إعادة الصورة الصحيحة لمدينة اقترن بها اسم الورود، حيث استحسن مواطنو البليدة مثل هذه العمليات، بعد عدة مطالب بضرورة تطهير شوارع المدينة من الأوساخ والمفرغات العشوائية . الجميع معني بنظافة المدينة لكن النقطة السوداء التي أسالت الكثير من الحبر هو غياب المواطن، فبالرغم مثل هذه المبادرات تعود بالإيجابيات على سكان منطقة المتيجة، الذين بدورهم خرجوا في العديد من المرات بمطالب لدى السلطات بضرورة التكاتف للقضاء على النفايات، لكن اليوم لم تجسد وعودهم وفضّلوا الجلوس على قارعة الطريق لمشاهدة أعوان النظافة وبعض الجمعيات والهيئات العمومية وهي ترفع عنهم النفايات.