أقر حزب "نداء تونس" الحزب الحاكم في تونس، الأحد تكليف يوسف الشاهد، رئيس الحكومة برئاسة الهيئة السياسية للحزب، وهي أعلى منصب ، وذلك بناء على مقترح تقدم به حافظ قائد السبسي (نجل الرئيس السبسي) الذي يشغل منصب المدير التنفيذي للحزب. قرار تكليف يوسف الشاهد برئاسة "نداء تونس"، أثار جدلا كبيرا سواء داخل قيادات الحزب وهياكله، أو لدى الأحزاب السياسية والفاعلين في المشهد السياسي. استغلال السلطة فقد رأى العديد من السياسيين أن جمع يوسف الشاهد بين رئاسة الحكومة والحزب، من شأنه أن يعيد تجربة التداخل بين الإدارة والحزب، التي ميزت الحياة السياسية في تونس قبل الثورة. وكان لها تأثير سلبي تمثل في محاصرة التعددية الحزبية، ووضع نجم عنه غياب شروط التنافس النزيه بين الأحزاب، على اعتبار توظيف الحزب الحاكم لأجهزة ومقدرات الدولة لصالحه، بما يسمى استغلال السلطة. كما حذر عدد من المراقبين، معتبرين أن مثل هذه الخطوة سوف تؤثر على نشاط العمل الحكومي، على اعتبار أن رئيس الحكومة لن يستطيع التوفيق بين إدارة البلاد وتسيير الحزب الأول أو الحاكم. أزمة "نداء تونس"، والتناقضات الكبيرة التي يعيشها هذا الحزب، ستربك برأيهم نشاط الحكومة في فترة يفترض فيها انصراف رئيسها إلى الانشغال بادارة البلاد التي تواجه تحديات كبيرة، تتمثل في تصاعد الخطر الإرهابي، وتفشي ظاهرة الفساد فضلا عن أزمة اقتصادية وعجز في التوازنات المالية. يذكر أن حزب "نداء تونس"، الذي فاز في الانتخابات البرلمانية (أكتوبر 2014)، كان قد شهد عدة أزمات ويعيش منذ فترة ما يشبه الشلل في مؤسساته، كما انقسمت كتلته البرلمانية، وفقد بالتالي الأغلبية البرلمانية، التي أصبحت لدى حزب "النهضة" الإسلامي. من أزمة حزب إلى أزمة حكم للإشارة فإن أزمة "نداء تونس"، تمددت من أزمة حزب إلى أزمة حكم، وذلك من خلال تصدير الخلافات الحزبية إلى مؤسسات الحكم، سواء البرلمان أو رئاسة الحكومة، وهو ما نجم عنه بقاء الحكومة التي شكلها الحزب (حكومة الحبيب الصيد) معزولة سياسيا وحزبيا، وبدون سند في مواجهة وضع اجتماعي وأمني واقتصادي، يوصف بالهش وتغلب عليه مظاهر عدم الاستقرار. كما يرى المتابعون أن ما حصل مع حكومة الحبيب الصيد، من عزلة سياسية وحزبية، مرشح للإعادة والتكرار مع الحكومة الحالية، التي يرأسها يوسف الشاهد، ولعل هذا ما دفع جزءا من قيادة الحزب، وبدعم ومساندة كبيرتين من الرئيس الباجي قائد السبسي إلى تعيين الشاهد على رأس الحزب، وبالتالي ضمان مساندة ودعم الحزب للحكومة. في ذات السياق، يذهب جزء مهم من المتابعين للوضع السياسي في تفاعلاته اليومية وآفاقه المستقبلية، إلى القول إن تعيين الرئيس السبسي ليوسف الشاهد على رأس الحكومة ثم تكليفه برئاسة الحزب الحاكم، هو خطوة هدفها اعداد الشاهد لخلافة الرئيس قائد السبسي ( 90 سنة). ويربط دعاة هذا الرأي بوجود روابط عائلية، وصلة قرابة بين الرجلين، وهو ما جعل البعض يرى في الشاهد مرشح العائلة، وهو أمر يرفضه السبسي. ويتمسك الرئيس التونسي بأن اختيار الشاهد (41 سنة) يندرج في إطار إعطاء الشباب المشعل لإدارة البلاد، ولا يدخل في باب الإعداد لما بعد مرحلته، وفق ما ذهب إليه قطاع مهم من الفاعلين في المشهد السياسي التونسي، الذين رأوا في تصعيد الشاهد بمثابة بداية للصراع حول السلطة في تونس، وأن الرئيس السبسي "اختار خليفته ويريد توريثه الحكم".