بعد سنوات التيه في صحراء أوباما هل تنهي الفضائح رحلة نتنياهو على أعتاب ترامب… لم تمض أيام معدودة على تولي الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب السلطة في بلاده إلا وبدأت إجراءاته تترك أثرها على العلاقات الأمريكية مع بقية العالم فمن تقريب الأصدقاء مثل رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا مي التي ستكون أول رئيس سيقابله يوم الجمعة إلى حديث مع الجيران في المكسيك وكندا لبدء التفاوض حول معاهدة التجارة الحرة إلى دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن الشهر المقبل وتصريحات المتحدث الصحافي باسم البيت الأبيض عن بدء المحادثات حول إجراءات نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. وفي تقرير لمراسل صحيفة «الغارديان» في القدس بيتر بيومنت قال إن إسرائيل رحبت بعهد ترامب من خلال خطط استيطانية لبناء 600 وحدة سكنية على أراضي القدس الشرقية المحتلة. وقال بيومنت إن المسؤولين الإسرائيليين يشعرون بالجرأة بوصول الإدارة الجديدة التي كانت واضحة في مواقفها وأنها ستكون مؤيدة لإسرائيل والاستيطان أكثر من الإدارة السابقة لباراك أوباما. دولة ناقصة وقال إن نتنياهو أخبر وزراءه قبل محادثته مع الرئيس الجديد أنه سيبلغه بقبوله «دولة ناقصة» أي منطقة حكم ذاتي فلسطيني. وكان الإعلان عن بناء الوحدات الاستيطانية مرتبطاً بشكل واضح بعد تنصيب ترامب، حيث قال عمدة القدس الإسرائيلي نير بركات «عشنا ثماني سنوات صعبة ضغط فيها أوباما علينا لتجميد الاستيطان». ويعلق بيومنت أن التطورات السريعة قد تؤدي إلى اندلاع العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويشير إلى إعادة كتابة في الدينامية بين إسرائيل والفلسطينيين وواشنطن التي كان ينظر إليها كضامن للعملية السلمية. وبدا الأمر واضحاً من مرشح ترامب لمنصب السفير الإسرائيلي ديفيد فريدمان، الذي لا يخفي مواقفه المؤيدة للاستيطان وقال إنه سيعيش ويعمل من القدس لا من تل أبيب. ويضيف أن الحكومة الإسرائيلية لا تزال تدرس الكيفية التي ستتمكن من خلالها العمل مع الإدارة الجديدة فيما يشعر المتطرفون من المشاركين في حكومة الائتلاف بالجرأة خاصة حزب البيت اليهودي الذي يدعو لضم الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية لإسرائيل. مناورات ونشوة وترى صحيفة «نيويورك تايمز» أنه تمت إعادة تشكيل السياسة بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعد أيام من تغير الإدارة الأمريكية سواء من نقل السفارة الأمريكية إلى ضم الكتل الاستيطانية الكبيرة وفيما إن وصل الفلسطينيون لحالة ثورة جديدة. ووصفت الصحيفة الأحد بأنه يوم المناورات وفي كل الاتجاهات وبحالة من النشوة لدى الجانب الإسرائيلي أن أيام أوباما قد انتهت. ولكن هناك أسئلة حول المدى الذي سيذهب فيه الرئيس ترامب في نقل السفارة والتي ظلت مأزقاً واجه الرؤساء الأمريكيين ومنذ عقود. وتقول الصحيفة إن القيادة الفلسطينية حضرت نفسها للتغييرات حيث قابل الرئيس الفلسطيني محمود عباس العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وأكد الزعيمان معارضتهما لنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس. ولم يتحدث الزعيمان عن خطط لتنسيق الرد على أي خطوات مقبلة ولكنهما حذرا من إمكانية تجدد العنف. وفي الوقت نفسه هددت السلطة الوطنية بسحب اعترافها بإسرائيل التي كانت شرطاً للمفاوضات في أوسلو مع أن الصحيفة قللت من أهمية التهديد وقالت إنه لن يتحقق في الفترة الحالية. وعبر عباس عن أمله بأن تتحرك القيادة الأمريكية على مستويين. الاول عدم نقل السفارة والثاني قيادة عملية التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وفي الوقت نفسه امتلأت الصحافة الإسرائيلية بالتكهنات عن قرب نقل السفارة الذي سيكون بمثابة اعتراف أمريكي بضم إسرائيل القدس الشرقية بعد حرب عام 1967. إلا أن تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض حاولت التخفيف من حماسة الجانب الإسرائيلي عندما قال إن المحادثات بشأن السفارة هي في بدايتها. وحسب «نيويورك تايمز» فإن غياب الوضوح في مواقف ترامب دفع نتنياهو للقيام بمناورات سياسية وموضعة نفسه بطريقة تفيد مساره السياسي، فهو من ناحية سعيد بوجود شخص في البيت الأبيض يتوافق معه في مواقفه من المسألة الفلسطينية أكثر من أوباما. ومن جهة أخرى فمستشارو ترامب وسفيره المعين فريدمان قريبون من خصومه في اليمين المتطرف. كما تحاصر رئيس الوزراء سلسلة من التحقيقات الخطيرة تتراوح بين قبوله هدايا مثل السيجار والشامبانيا وتآمره مع ناشر صحيفة لكي يقدم له تغطية موالية. وأمام هذه التحديات حاول نتنياهو موضعة نفسه كمحاور رئيسي لترامب وكمدافع عن المستوطنين في القدس الشرقية. وأعلن والحالة هذه معارضته لوضع حد للاستيطان في القدس. وفي الوقت نفسه أجل رئيس الوزراء مشروع قرار تقدم به وزير التعليم المتطرف نفتالي بينت لضم مستوطنة معاليه أدوميم التي يسكن فيها 40.000 شخص في شمال شرق القدس. ووافق بينت على تأجيل المشروع لما بعد لقاء نتنياهو مع ترامب في شباط/فبراير المقبل. فضائح ولهذا يرى غريغ كارلستروم في مجلة «اتلانتك» أن التحقيقات التي يواجهها نتنياهو قد تشوش على لحظة سياسية مهمة انتظرها وتمثلت بتشريعات في الكنيست ومناورات وسعت إئتلافه ورئيس جمهوري في البيت الأبيض. إلا أن شرطة مكافحة الغش حققت معه مرتين في مقر إقامته بالقدس حول قبوله هدايا تصل قيمتها إلى آلاف الدولارات أ سيجار وبدلات من رجال أعمال أثرياء. ومن بين المتهمين المنتج السينمائي في هوليوود، أرنون ميلتشان الذي أنتج فيلم «المرأة الحسناء» والذي حاول الحصول على مساعدة نتنياهو لتأمين إقامة دائمة في الولاياتالمتحدة. وقال المحققون إنهم ربما حققوا معه مرة ثالثة. ومن هنا فقد تؤدي تداعيات التحقيق بالفساد لإخراجه من الحكم ومحاكمته أيضاً. ووصف عدد من المعلقين الإسرائيليين نتنياهو بأنه يشبه شخصية النبي موسى في التوراة حيث يموت على أعتاب ترامب بعد سنوات قضاها تائها في صحراء أوباما. لو حصلت ويقول إن فضائح نتنياهو لو حصلت في بداية عهد نتنياهو لأنهت مساره السياسي. ففي عام 1977 استقال اسحق رابين بعدما كشفت تقارير عن إيداعه أموالاً في بنوك أجنبية، وكانت 10.000 دولار أمريكي. إلا أن الفضائح والفساد أصبحا مستشريان وأقل صدمة على المجتمع الإسرائيلي فقد حكم على رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت بالسجن مدة 8 سنوات بتهم فساد وأدين أريه درعي، الذي عمل وزيراً للداخلية بتهمة رشاوى». ويقول إفتا زامير، مدير فرع لجنة الشفافية الدولية في إسرائيل «كنا مجتمعاً منسجماً لم يكن لدى أحد فيه الكثير من المال» و»لكن العالم تغير في التسعينات وجمع البعض مالاً كثيراً وأصبح فجأة تدخين السيجار مقبولاً». خلافات مع ناشر وعندما خسر نتنياهو الانتخابات عام 1999 ألقى باللوم على صحيفة «يديعوت أحرونوت» وناشرها أرون موزيس، بسبب تقرير لم يمدح زوجته سارة. ولا تزال العلاقة باردة بين الرجلين حتى اليوم. وقارنت سارة موزيس بشخصية لورد فولديمورت الشرانية في رواية «هاري بوتر». ووجد نتيياهو حبل نجاة عندما تم إصدار صحيفة شعبية وهي «إسرائيل هايوم» وهي صحيفة مجانية لناشرها الأمريكي شيلدون إديلسون، صاحب كازينوهات ومتبرع معروف للحزب الجمهوري. وتوزع الصحيفة بشكل واسع وكرست نفسها للدفاع عن نتنياهو.