عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام" متفق عليه. وعند ابن خزيمة بلفظ: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث لست بتاركهن: أن لا أنام إلا على وتر، وأن لا أدع ركعتي الضحى فإنها صلاة الأوابين، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر". شرح الحديث أوصاني: أي عهد إلي وأمرني أمرًا مؤكدا، وهذه الوصية النبوية العظيمة لأبي هريرة رضي الله عنه وصية للأمة كلها؛ لأن وصية النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهه لواحد من أمته هو خطاب لأمته كلها، ما لم يدل دليل على الخصوصية. وقوله "خليلي": يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو واضح، ولكنه عبر بهذه المرتبة من أنواع المحبة لغرض بيان عظيم محبته وافتخاره بمنزلته من النبي صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: "ويؤخذ منه الافتخار بصحبة الأكابر، إذا كان ذلك على معنى التحدث بالنعمة والشكر لله لا على وجه المباهاة"، وليس في قول أبي هريرة رضي الله عنه تعارض مع قوله عليه الصلاة والسلام: (لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن صاحبكم خليل الله) متفق عليه؛ لأن أبا هريرة لم يُخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم اتَّخَذه خليلا، ولكنه يُخبر عن نفسه أن النبي صلى الله عليه وسلم خليله، أي أن الْخُلّة مِن جِهة أبي هريرة رضي الله عنه.