غلب جدل ديني وإيديولوجي على النقاشات المثارة بشأن قانون للمسنين من قبل نواب في المجلس الشعبي الوطني، بسبب ''ابتعاد المشروع عن روح الدين الإسلامي وما يوصي به للوالدين'' وحمله مصطلحات ''اشتراكية'' على حد تعبير بعض المتدخلين. بينما يوصي القانون بزيادة عدد دور المسنين، عارض نواب الفكرة تماما وطالبوا بتقليصها ل''عدم تشجيع تخلي الأبناء عن أوليائهم المسنين''. عرض أمس، مشروع قانون يتعلق بحماية الأشخاص المسنين، للنقاش في البرلمان في انتظار المصادقة عليه يوم الثلاثاء، وأحدثت مداخلات النواب بعض السجال الذي استدعى من حين لآخر تدخل رئيس المجلس الشعبي الوطني، عبد العزيز زياري ل''العودة لصلب الموضوع''، وإن تضمّن المشروع القانوني مواد كثيرة ''تحفظ كرامة المسنين''، وتعاقب بالحبس ما بين ستة أشهر وثمانية عشر شهرا كل من ''ترك شخصا مسنا أو عرّضه للخطر يعاقب حسب الحالات بنفس العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات لا سيما المادتان 314 و316 منه''. إلا أن ''ابتعاد المشروع القانوني عن روح الإسلام بعدم الإشارة ولو مرة واحدة لآية قرآنية أو حديث نبوي''، كما عبر أحد النواب ''يثير الإستغراب''. وانتقد النائب عن جبهة التحرير الوطني، مصطفى بن عطا الله، المشروع في هذا الجانب قائلا: ''قرأت المشروع وتقرير مقرر اللجنة القانونية ولم أجد شيئا من كلام الله سبحانه وتعالى بل وجدت مصطلحات شيوعية.. لماذا لا تكون حماية المسنين بما يلزمه إيانا الدين الإسلامي''. ويقول نص القانون أن الهدف هو ترقية وحماية فئة المسنين التي يقدّر عددها ب 7,2 مليون مسن أي 7,7 بالمائة من سكان الجزائر، حيث ينص على عقوبات صارمة تصل إلى حد السجن، وهي العقوبات نفسها التي تفرض على كل من يساعد في الإستفادة من امتيازات وحقوق ومنح تمنحها الدولة للمسنين بغير وجه حق. وطالب النائب قيجي محمد، من التجمع الوطني الديمقراطي، رفع منحة المسنين التي تقدر بثلاثة آلاف دينار والإستفادة من تعويضات الأدوية بنسبة 100 في المائة، وتكليف فرق الرقابة للضمان الإجتماعي ب''التنقل إلى محل سكن المسنين بدل فرض الطوابير عليهم في صناديق الضمان''. فيما استغرب النائب نور الدين رغيس (أرندي) من فرض دور للمسنين دون وجود ''أطباء مختصين في طب المسنين''. وزاد نائب الأفالان عز الدين بوطالب لجملة الانتقادات ضرورة ''تشجيع الأبناء على الحفاظ على آبائهم المسنين مع أسرهم بدل دور المسنين التي لا ينص عليها ديننا الحنيف''. واضطر زياري لمقاطعة كلمة نائب الإصلاح، فيلالي غويني، بسبب تعرض الأخير في مداخلته ل''مشروع قانون تجريم الإستعمار'' وخاطب زياري النائب غاضبا ''من فضلك عد إلى الموضوع''، وغويني كان يحاول إيجاد تشبيه بين تسويف ''الحكومة المستمر بإصدار المراسيم التنفيذية دون فعل ذلك''. وقال ''نخشى أن نصادق على القانون لكن مراسيمه تتأخر بأعذار غير منطقية كما جرى الأمر مع رفض مشروع قانون تجريم الإستعمار''. وطالب النائب وهاب قلعي ''الدعوة والتغيير المنشقة عن حمس'' بإشراك وزارة الشؤون الدينية في تطبيق القانون ''لأن الأمر واجب شرعي وديني''، كما أثار ضرورة رفع منحة المسن إلى ستة ألاف دينار على الأقل. وينص المشروع على منح امتيازات مادية ومعنوية للأشخاص المسنين، كالأولوية في المؤسسات والأماكن ذات الخدمة العمومية، حيث لا يجبر المسن الوقوف في الطابور في المؤسسات الإستشفائية بتشجيع إحداث هياكل خاصة بطب الشيخوخة، كما يستفيد الأشخاص المسنون المحرومون أو المعوزون من مجانية النقل البري والجوي والبحري والنقل بالسكك الحديدية، أو من تخفيضات في تسعيرة النقل .