احتفل أمس، المعلم الجزائري بعيده العالمي في أجواء غير مستقرة اجتماعيا ومهنيا، حيث أجمع ممثلو الأساتذة والمعلمين أن وضعية المربي رغم الإمكانيات المتوفرة تدهورت بشكل مخيف عند مقارنتها مع مثيلاتها في الدول المجاورة، حيث يبقى المعلم يتقاضى أجرا زهيدا مقارنة بالعمل المثقل والحجم الساعي الكثيف، ناهيك عن الاكتظاظ في الأقسام. اتصلت ''الخبر'' بعدد من نقابات التربية الممثلة للأساتذة والمعلمين، حيث أجمع هؤلاء على الوضعية المزرية التي لا يزال المعلم يتخبط فيها. وفي هذا السياق قال مسعود عمراوي المكلف بالإعلام بالاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين أن ''المعلم لم يصل بعد إلى الهدف المنشود، فكل الظروف غير مواتية لأداء عمله في أحسن الظروف بدءا باكتظاظ التلاميذ داخل الأقسام وكثافة البرامج والحجم الساعي للعمل الذي يؤرق المربين خاصة في المدارس الابتدائية''. مضيفا أن المعلمين في الطور الابتدائي يعملون أكثر من 31 ساعة في الأسبوع، بالإضافة إلى إقصاء عمال التربية من السكن الاجتماعي، من خلال تحديد سقف الراتب المرجعي للاستفادة من السكن الاجتماعي وحرمانه من السكن الوظيفي الذي كان معمول به في السابق. وتحدّث عمراوي على الراتب الزهيد الذي يتقاضاه خاصة فئة الأسلاك المشتركة والعمال المهنيين في ظل الغلاء الفاحش في المعيشة وارتفاع الأسعار والعمل في غياب الحماية الكافية للموظف من الأخطار المهنية خاصة بعد صدور القانون التوجيهي للتربية الذي رفع الحماية عن الموظف، ناهيك عن عدم وجود قانون يقر بطب العمل خاصة مع تفشي الأمراض مثل الأعصاب والحبال الصوتية وتصلب الشرايين والأمراض الصدرية والتنفسية بالنسبة للعاملين في المخابر، زيادة عن عدم تحرير أموال الخدمات الاجتماعية عن الهيمنة النقابية لترشيد أموالها. ''وفي مثل هذه الأجواء -يقول ممثل الاتحاد- يستقبل المعلم عيده وهو يعاني اجتماعيا ومهنيا وبالرغم من ذلك يبقى الأمل قائما في رفع التحدي والعمل بجد من أجل تنشئة جيل الغد. ويبقى أن عمال التربية ينتظرون التفاتة جادة من طرف السلطات العمومية وجعل موظفي قطاع التربية ضمن أولويات اهتماماتهم. من جهته، أعطى مزيان مريان رئيس النقابة الوطنية لأساتذة الثانوي والتقني صورة قاتمة عن حالة المعلم، بتأكيده أن ''المعلم ضيع كثيرا من المزايا التي كان يملكها خلال سنوات السبعينيات، فأجره كان يعادل 500 دولار على اعتبار قيمة الدينار المرتفعة في ذلك الوقت، لكن وبعد إعادة تقييم الدينار أصبح راتبه لا يتعدى 300 دولار''. زيادة على هذا، يضيف مزيان مريان، كان للمعلم في سنوات السبعينيات والثمانينات الحق في امتلاك سكن اجتماعي ''كل معلم وأستاذ يحصل على منصب يجد سكنا'' وهو الحق الذي ضاع وصار المعلم مثل أي مواطن، ناهيك يضيف رئيس ''السنابست'' عن الاكتظاظ في عديد الأقسام الذي صار ينهك المعلم والأستاذ، حيث نجد 40 تلميذا في قسم واحد. وأضاف المتحدث أن المعلم صار في ذيل ترتيب سلم التقييم في الجزائر بعدما كان في وقت سابق يضرب به المثل. من جهته، ذكر نوار العربي رئيس المجلس الوطني لأساتذة الثانوي والتقني بتوصيات اليونسكو التي طالبت الحكومات التي أمضت على الاتفاقيات بأن تتعامل مع ممثلي الأساتذة والمعلمين فيما يتعلق بالتكوين والرسكلة، لكن ما يلاحظ برأي المتحدث تخوف واضح للوصاية من الحوار الاجتماعي ''فكل شيء مسيس''. مؤكدا أنه بعد إضراب السنة الماضية فتح حوارا شكليا تمخض التوقيع على محاضر اجتماعات فيها بعض النقاط المتفق عليها، إلا أن الوزارة وبعد انتهاء الإضراب تنصلت من كل التزاماتها والحكومة قامت بصياغة نظام تعويضي دون مراعاة مطالب الأساتذة والمعلمين. ودعا نوار العربي الحكومة بوضع الثقة الكاملة في المعلم لأنه هو المسؤول في تكوين أجيال المستقبل، بالرغم من أن الدولة لم تبخل بالإمكانات في البناء والتكوين الذي خصص له ميزانية هامة، غير أن جانب التكوين يتم بكثير من ''الترقيع'' على اعتبار -يضيف المتحدث- عدم وجود مختصين في الطرق الجديدة للتدريس كون المفتشين لم يتلقوا تكوينا في هذا الجانب. داعيا الى جلب أساتذة من الخارج لتكوين المعلمين والأساتذة في المناهج الجديدة للتدريس، فهناك تجارب ناجحة في الخارج مثل كندا وفرنسا التي تعتبر رائدة في مجال تقنيات التعليم والتكوين، يضيف نوار العربي.