قال المدير العام للمركز الإفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب، الدكتور إلياس بوكراع، أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي جمع 100 مليون دولار أمريكي من الفديات المالية التي حصل عليها والمتأتية من عمليات اختطاف الرهائن الغربيين في منطقة الساحل في السنوات الأخيرة، إضافة إلى المداخيل التي يجنيها من تحالفاته المعلنة مع جماعات الجريمة وتهريب السلاح و''كارتل'' المخدرات. وقال إلياس بوكراع، في ندوة نظمت بمركز ''الشعب'' حول مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل: ''إن 50 طنا من الهيروين تعبر صحراء دول الساحل قادمة من أمريكا اللاتينية وغينيا وبوركينافاسو، قبل أن تصل إلى سواحل المحيط الأطلسي، وتعبر باتجاه الدول الأوروبية''. واعتبر بوكراع أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لا يمثل استمرارا للجماعة السلفية للدعوة والقتال. وقال إن كل تنظيم يشتغل بطريقة مختلفة عن الآخر ووفق أجندة مختلفة أيضا. وهو الطرح الذي لم يوافقه فيه بعض المتدخلين الذين اعتبروا أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال سبقت القاعدة في أسلوب اختطاف الرهائن الغربيين منذ اختطاف عبد الرزاق البارا للسياح الألمان في فيفري .2003 وأكد المتحدث أن أبرز التحديات التي تواجه دول الساحل لا تتعلق بخطر القاعدة بقدر ما تتعلق المحاذير الرئيسية بعودة الاستعمار الجديد ومخططات تفتيت الدول. وأوضح بوكراع أن منطقة دارفور في السودان تمثل مخبرا صغيرا وتجربة لما سيكون الحال عليه في دول الساحل الإفريقي، في حال استمرت هذه الدول في عدم معالجة مشاكلها السياسية والتنموية وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والسلم المدني واستتباب الأمن. مشيرا إلى أن القواسم المشتركة بين نموذج ''دارفور'' في السودان ودول الساحل هي التعدد الإثني واللغوي والديني. وذكر في هذا السياق أن دولة بوركينافاسو تضم 63 مجموعة إثنية، لكل منها مميزاتها اللغوية والدينية. كما تعرف النيجر تعددا دينيا بين المسلمين والمسيحيين والعرب والتوارف والأفارقة، وتعددا لغويا بين الفرنسية والعربية ولغة الهوسا واللهجات المحلية، ومثلها في مالي. معتبرا أن هذا التعدد الإثني والضعف السياسي والهشاشة الاجتماعية والاقتصادية كلها عوامل تشجع على عدم الاستقرار في منطقة الساحل. وقال بوكراع إن دولا كمالي التي تحتل الرتبة 178 على قائمة الدول الأضعف في التنمية، والنيجر التي تحتل الرتبة ,180 وموريتانيا التي تحتل الرتبة 154 في ذات الترتيب، لا يمكنها، إضافة إلى هشاشتها السياسية، أن تقاوم الضغوط الأجنبية والمخططات الفرنسية أو الأمريكية التي تقوم على مبدإ المساعدات الغذائية المباشرة مقابل استغلال ثروات المنطقة. وهو ما يبرز من خلال إخلال هذه الدول سريعا بكل الاتفاقات التي تربطها مع الجزائر بشأن استبعاد التدخل الأجنبي. واقترح بوكراع انتهاج استراتيجية تقوم على عاملين أساسيين لتحقيق استتباب الأمن والاستقرار، يتعلق الأول باعتماد الحل العسكري للقضاء على السريتين اللتين تنتميان إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، واللتين تسيطر كل واحدة منهما على منطقة تمتد إلى 250 كيلومتر مربع، وكذا باقي المجموعات المسلحة التي تنشط في المنطقة. ويتعلق العامل الثاني بدفع عجلة التنمية وتحسين الخدمات الصحية والتربية والتعليم، وتوفير مناصب العمل لسكان الساحل.