كشف آخر كتاب للمؤرخ ''بنجامين ستورا'' والمحقق الصحفي ''فرنسوا مالي''، الذي يحمل عنوان ''فرنسوا ميتران وحرب الجزائر''، عن تورّط الرئيس الفرنسي السابق ووزير العدل إبان حرب الجزائر في إعدام 45 مناضلا وطنيا جزائريا بالمقصلة، ورفضه 80 بالمئة من طلبات العفو التي كانت تعدها وزارة العدل آنذاك. يواصل المؤرخ المختص في تاريخ المغرب العربي والاحتلال الفرنسي ''بنجامين ستورا''، النّبش في خفايا حرب الجزائر، فبعد كتابه ''ديغول الغامض'' سنة 2009، يفتح الكاتب بمعية الصحفي ''فرنسوا مالي'' المحقق بيومية ''لوبوان''، ملفا آخر يتعلق بالعدالة الفرنسية أثناء حرب الجزائر، في كتابه الصادر عن دار ''كالمان ليفي''، وهو عبارة عن تحقيق استغرق عامين من البحث وكشف عن ضلوع ''فرنسوا ميتران'' الرئيس الفرنسي سابقا ووزير العدل إبان حرب الجزائر في وزارة الاشتراكي ''غي موليه''، في إعدام 45 وطنيا جزائريا، حيث اعترض ''ميتران'' آنذاك الذي كان يشغل منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء خلال 16 شهرا، على ثمانين بالمائة من طلبات العفو التي أعدتها وزارة العدل. ويذهب الكتاب إلى أبعد من ذلك، إذ يقدم مجموعة من الشهادات توضّح مواقف ميتران تجاه الجزائر وحرب الجزائر، التي يصفها ''جان كلود بيرييه''، الرجل الوحيد الذي ما زال على قيد الحياة من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء في ذلك الحين، ''قمعية جدا ولا يمكن معارضتها''، حيث عبّر ميتران، كما جاء في الكتاب علنا، عن إرادته في دحر التمرد، مضيفا ''كانت تلك رؤيته للجزائر وكان يعتقد أنها الحل الأمثل''. يرجع المؤلفان صرامة مواقف ميتران من حرب الجزائر، إلى طموحاته السياسية التي قادته إلى ''تقديم ضمانات للأكثر تشددا في الحكومة، ليضمن بقاءه فيها''، الأمر الذي انتقده المؤلفان، خاصة أن ميتران ''ساير دون أي مخالفة، حركة عامة لقبول النظام الاستعماري ووسائله القمعية''. ويقول ستورا عن سبب اختيار موضوع ميتران ''إنه أصبح رئيسا للجمهورية، وبالتالي فالأمر لا بد منه''. وفي تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، قدّم ستورا مراجع عمله الرئيسية قائلا: ''درسنا بدقة عددا هائلا من الوثائق، بينها حوالي 400 صفحة من محاضر جلسات المجلس الأعلى للقضاء في تلك الفترة ووزارة العدل وحتى المكتب الجامعي لأبحاث الاشتراكيين، وعثرنا على وثائق لم تنشر من قبل. وجمع مؤلفا الكتاب أيضا في فرنساوالجزائر، شهادات لا سابق لها، لأشخاص كانوا ناشطين في تلك الفترة من بينهم المؤرخة ''جورجيت ايلجي'' التي شهدت حوادث كصحفية ثم كمستشارة في الاليزيه اعتبارا من 1982، وشخصيات أخرى مثل روبير بادينتر ورولان دوما وميشال روكار وجان دانيال''. ويضيف ستورا المؤرخ ''ما أردت أن أفعله أيضا هو إسماع صوت الجزائريين وكان هذا مصدرا رائعا لكشف الأسرار. فشقيق أحد الذين أعدموا بالمقصلة أو مسؤول سابق في الحزب الشيوعي الجزائري أدلوا بإفادات ولم يكونوا قد تحدثوا من قبل''.