أجّلت محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة، أمس، محاكمة المتهمين في تفجيرات القطاع العسكري بالبويرة التي هزت المدينة صائفة 2008، والتي خلفت، وفقا لمعطيات التحقيق القضائي، 13 ضحية من العسكريين و39 من المدنيين. أعلن رئيس الجلسة تأجيل المحاكمة، التي تجرى لأول مرة، بسبب تخلف الدفاع. وأرسلت القضية للمحاكمة بتاريخ جديد حدد في ال20 ديسمبر المقبل. وقد استهدف التنظيم الإرهابي ''القاعدة'' مقر القطاع العسكري العملياتي بالبويرة صبيحة ال20 أوت قبل عامين، نفذه انتحاري يسمى''أبو بكر العاصمي''، وسجلت المدينة يومها اعتداء آخر استهدف حافلة لنقل عمال بالبويرة نفذه انتحاري يدعى ''عبد الرحمن أبو زينب الموريتاني'' وتبين أنه من جنسية موريتانية. في تلك الفترة كشفت مصالح الأمن حجم الرقعة التي كانت مجموعات إرهابية تنشط فوقها تحضيرا لعمليات انتحارية كانت هي الميزة الأولى للاعتداءات. وتشير معطيات تفجيرات البويرة إلى استغلال موقعين للتحضير، الأول في برج الكيفان شرقي العاصمة، والثاني في حمام البيبان بولاية برج بوعريريج. ما أعطى صورة عن ورشات التفجير التي استغلها التنظيم في أوج نشاطه مباشرة إثر تحوله من ''الجماعة السلفية'' إلى ''القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي''. وحدد القضاء أسماء بأكثر من 172 شخص ضمن ''الضحايا'' بينهم عدد كبير من المتضررين ماديا أو جرحوا إثر التفجيرات، بالإضافة إلى العدد الكبير للقتلى في التفجيرين. وألقت مصالح الأمن في مجموع التحقيق، القبض على خمسة عشر شخصا بينهم شرطي، يشكلون الخلية التي استهدفت وسط مدينة البويرة. وقد جاء في اعترافات بعضهم أن زعيم الخلية (قضي عليه) هو دربال عبد المومن المدعو ''أبو حذيفة عبد الجبار''، وأغلب الموقوفين ينحدرون من أحياء شعبية بالعاصمة. والشبكة هي نفسها التي خططت لتفجير مبنى رئاسة الجمهورية، وكلفت لذلك الشيخ الستيني المعروف ب عبد الله، والقاطن بإحدى الفيلات عند زاوية خلف مبنى الرئاسة. وكان التخطيط يتم في أولاد يعيش بالبليدة حين كان ''أبو حذيفة'' مستقرا بها بضعة أيام، إذ تبرز معطيات أمنية امتداد التنظيم الإرهابي ''قاعدة المغرب الإسلامي'' في تلك الفترة داخل بعض الأحياء الفقيرة، وقدرته على تجنيد متعاطفين أو جعل آخرين يتكتمون عن عناصر التنظيم. وتشير القرائن المتوفرة حول ملف الشبكة، إلى توزع قواعدها عبر البويرة وأولاد يعيش في البليدة، وكذلك برج بوعريريج، لكن تحت إشراف أمير المنطقة الأولى عبد المومن رشيد المكنى حركيا ''حذيفة الجند''، الذي قتل بدوره قبل أسابيع في بومرداس، وينسب إليه تكفله بأموال الجماعة الإرهابية الموجهة للتفجيرات، إذ تبين أن قيمة السيارتين في تفجيري البويرة فاقت ال120 مليون سنتيم، تم شراؤهما من سوق السيارات بالحراش من قبل عناصر شبكة الدعم، واستعملت أول الأمر في نقل المؤونة على دفعات إلى غاية ''دوار مخشن'' بأعالي الأخضرية في ولاية البويرة، كما تكشف التحقيقات توسع شبكة ''أبو حذيفة'' في عدة أحياء منها باب الوادي، والحراش، ولابروفال بالقبة، وباش جراح، والشراربة والكاليتوس، وبقدر توسعها تم إبلاغ عناصرها بمخطط جديد يستهدف أئمة مساجد بعينهم في العاصمة، ورد منهم في اعترافات المعنيين اسم إمام مسجد في الصنوبر البحري، كما كان توسع الشبكة نحو برج بوعريريج شرقا يحمل خططا لتأجيج العنف في الولاية كانت ستنفذه مجموعة تطلق على نفسها ''كتيبة البرج''.