قامت الحكومة بحملة شرسة على المواقع الإلكترونية التي يأتي منها البلاء. وكانت تسرّيبات وكيليكس عن خبايا النظام التونسي وأحداث سيدي بوزيد، التي امتدت إلى مناطق أخرى، وراء القلق الكبير الذي نال من حكومة بن علي. شملت الحرب الوقائية التي تقودها الحكومة المواقع الرسمية، على مبدأ عليّ وعلى أعدائي، حيث شملت الموقع الرسمي للحكومة ومواقع مجمل الوزارات منذ الثالث جانفي. وتطلع رسالة ''أنانيموس'' عندما ينقر الزبون أحد المواقع الرسمية. ثم تظهر رسالة تعبر عن موقف المساندين لصاحب وكيليكس. ونقرأ مثلا في الرسائل: ''الحكومة التونسية التي يقودها الرئيس بن علي أثبت حدودها في المصادرة الفادحة، بتوقيف ليس فقط المواقع المعارضة، بل حتي مواقع مثل فليك أو وكيليكس''. فيما أعلنت ''الرقمية التونسية''، الوكالة الرسمية المخولة للمراقبة الإلكترونية، أن الحكومة أوقفت بعض المواقع منذ أول أمس لضبط محتواها. ويشار إلى أن الأحداث التي تعيشها مناطق مختلفة من تونس، منذ أقبل الشاب محمد بوعزيزي على إحراق نفسه، احتجاجا على الظلم الذي تعرض له، وجدت وسائل تعبير هائلة عبر شبكة الأنترنيت وبوابة ''فيس بوك'' خصوصا، إلى درجة أنها أصبحت المتنفس الأوحد في غياب إعلام موضوعي ينقل الوقائع دون تحريف. فأقبلت الحكومة على غلق هذا الموقع الفتاك الذي يستعمله حوالي مليوني تونسي، في بلد يقطنه 10 ملايين ساكن، قبل غلقه. ذلك ما حرك ''مراسلين بلا حدود'' والتنظيمات الحقوقية التونسية التي أصدرت بيانات تنديد على هذا الإجراء التعسفي. يضاف إلى''فيس بوك'' بوابة ''يوتيوب'' و''ديلي موشن'' أعطت الأنترنت وزنه في تونس ليشكل خطرا حقيقيا على أقسى حكم في شمال إفريقيا. فذلك ما بدا جليا خلال الأيام الأخيرة مع أحداث سيدي بوزيد وما ترتب عنها. وكانت الحكومة التونسية أعلنت الحرب على تلك المواقع منذ 2008 ثم تراجعت. فلجأت إلى مصادرتها بغربلة المعلومات بوضع قائمة سوداء للمواقع غير المرغوب فيها. أمام هذا الواقع يمكن القول إن ''فيس بوك'' و''الشبكات الاجتماعية'' الإلكترونية الأخرى أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على الحكومات في البلدان المغلقة، مثل تونس.