أسدل، سهرة أمس، الستار على فعاليات الطبعة الثانية من المهرجان الدولي لفنون الأهفار، وسط أجواء بهيجة، عاشها أهالي تمنراست الذين أقبلوا بكثافة، بعد أن عاشوا، طيلة أسبوع كامل، على وقع النغمات التراثية الممزوجة بلمسات حداثية. تواصل تدفق عائلات وشباب تمنراست، وحتى الأطفال، على مخيم ''أقنار''، لحضور فعاليات السهرتين الأخيرتين من عمر المهرجان الدولي لفنون الأهفار، قبل إسدال الستار على الدورة الثانية منه. فالسيارات قادمة من كل حدب وصوب، والهدف واحد، هو تجاوز المسافة الفاصلة بينهم وبين المخيم، رغم صعوبة الطريق غير المعبدة التي تخلق سحابة غبار تحجب الرؤية، لولا حنكة سائقي تمنراست. وكان إصرار الجمهور على حضور الحفلات واضحا، خلال السهرة الثالثة في المخيم، التي أحيتها فرقة ''البدر'' القادمة من تندوف، ليلة الأحد إلى الاثنين، فأبهرت الحضور برقصاتها الخفيفة والمتميزة، حيث انسجمت حركات الرجل والمرأة، لتعلن تصالحها وابتعادها عن الصراع التقليدي بين الجنسين، على أنغام أغانٍ ريتمية، يوقعها ''البرزام'' أو الطبل بالنسبة لمناطق أخرى، وهو، يقول إسماعيل مباركي، عضو جمعية الوحدة الثقافية ''البدر''، ''مصنوع من شجرة تزوة التي تنبت في تندوف''. واستمتع سكان تمنراست الذين حضروا طيلة العرض، بمشهد الرقصات المثقلة بالرموز والحكايات، فضلا عن ''رقصة الفارس'' التي حكت قصة رجل خرج للصيد طويلا، ولم يجد دياره بعد عودته، فراح يجوب الأراضي باحثا عن أهله. وكذا ''رقصة النعام''، يوضح لنا مباركي الذي أداها بإتقان: ''أديت في رقصتي ما يسمى ب''رجل النعام'' الذي يريد حماية قطيعه، ونحن نترجم هذه الحالة بحركة اليد والجسد كله''. وعن مشاركة المرأة في المشهد يردف: ''المرأة هي رمز القطيع''، حيث يدخل الراقصون في حالة من الانسجام يسمى عندهم ب ''الهول''. وجددت فرقة ''إتران'' العصرية موعدها مع الحضور في ''أقنار''، فأمتعت الحضور كعادتها بموسيقاها التقليدية الممزوجة بأنغام غربية وأخرى شرقية، وحصدت المجموعة مرة ثانية إعجاب الجمهور وتصفيقاته. كما ''ورّط'' المنشط رياض الفرقة مع جو باتوري، لكنها كانت ورطة جميلة منحت الطرفين فرصة تحقيق مزج بين طابع الفناوي والتندي. أما فرقة ''بونبيني'' المالية، فكان لها حظ مقابلة جمهورها الذي تذوق مرة أخرى طابعا موسيقيا قريبا إلى ''التيناروان''. من جهة أخرى، كانت سهرة الاثنين، مساحة لاكتشاف الفائزين بمسابقة ''الحكايا والأساطير''، وتوديع المهرجان على وقع طبل عين صالح، و''غونغا'' إليزي وصوت التندي.