دعا رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، خلال ترأسه لاجتماع مجلس الوزراء، التلفزيون والإذاعة إلى تغطية نشاطات سائر الأحزاب والمنظمات الوطنية المعتمدة وفتح القنوات أمامها بالإنصاف. يحدث هذا بالرغم من أن التلفزة والإذاعة مطالبة أصلا بأداء الخدمة العمومية. أشار رئيس الجمهورية إلى أنه ''فيما يخص ارتفاق الأحزاب السياسية بالتلفزيون والإذاعة فليس هناك لا قانون ولا تعليمة يمنعه على أية تشكيلة أو جمعية شرعية''، داعيا في هذا الصدد بأنه ''من ثمة يتعين على التلفزيون والإذاعة أن يقوما بتغطية نشاطات سائر الأحزاب والمنظمات الوطنية المعتمدة وفتح القنوات أمامها بالإنصاف''. لكن إذا لم يكن هناك قانون أو تعليمة، مثلما جاء على لسان رئيس الجمهورية، فمن الذي قرر إقصاء نشاطات الأحزاب من التغطية التلفزيونية ومن منع حصص النقاش السياسي والاجتماعي في وسائل الإعلام الثقيلة؟ لم يكن رئيس الجمهورية ليدعو التلفزيون والإذاعة إلى ذلك لو لم تشتك الأحزاب، خصوصا المعارضة منها، من تجاهلها كلية من نشرات الأخبار للتلفزيون. وتكرست هذه العملية خصوصا منذ تعيين وزير الإعلام الجديد، ناصر مهل، حيث تقلص النشاط الحزبي والجمعوي بشكل كبير، والى درجة اكتفاء التلفزيون ببث صور عن النشاط الحزبي من دون صوت. لكن ناصر مهل قال في تصريحاته إنه ''ليس وزيرا للتلفزيون''، وهو ما يعني أن هناك سلطة أخرى هي التي تتحكم في التلفزيون وتقف وراء حالة الغلق. غير أن رئيس الجمهورية لم يعط الضوء الأخضر كلية، وإنما اشترط مقابل هذا ''التنازل'' أنه ''يتعين على الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية المعتمدة أن تراعي على الخصوص أحكام الدستور والقوانين المتصلة بالنشاط السياسي، ذلك أن الحرية لا يمكنها أن تفضي بأي حال من الأحوال إلى الانزلاقات والفوضى التي سبق للجزائر أن دفعت ثمنها باهظا''، وفي ذلك نوع من استمرار ''التقييد المقنع''. ويبدو للوهلة الأولى أن السلطة قدمت ''تنازلات'' لصالح أحزاب المعارضة، من حيث تمكينها من حقها في وسائل الإعلام الثقيلة العمومية، لكن هذا المطلب لا يمثل سوى جزء بسيط من المعادلة، لأن المطالب المطروحة في هذا السياق تخص ضرورة تحرير القطاع السمعي البصري وفتحه على التعددية، وهو الأمر الغائب مجددا في قرارات رئيس الجمهورية، ما يعني أن السلطة ما زالت تفضل ديمقراطية الواجهة على الديمقراطية الحقيقية. وتطرح الأحزاب السياسية ضرورة تحرير قطاع السمعي البصري خصوصا من بوابة عدم التزام تلفزيون الدولة بتقديم ''الخدمة العمومية'' المطلوبة منه، وفي ظل غياب مجلس أعلى للسمعي البصري الذي ينظم حقوق الهيئة التنفيذية والأحزاب السياسية والجمعيات من نصيبها في التغطية التلفزيونية والإذاعية دون طغيان جهة على حساب أخرى.