إنّ قطيعة الرحم من خطوات الشّيطان ليحدث الفتنة والضعف في المجتمع المسلم، وهي أمر محرّم في الشّريعة الإسلامية، كما أنّ هجر المسلم لأخيه المسلم لأسباب غير شرعية أو لخلافات مادية لمدة سنوات توعّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرتكبه بعذاب شديد. عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: ''لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمَن هجر أخاه فوق ثلاث فمات دخل النّار'' رواه أبو داود. وعن أبي خراش الأسلمي رضي الله عنه مرفوعًا: ''مَن هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه'' رواه البخاري في الأدب المُفرَد. وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: ''تُعرَض أعمال النّاس في كلّ جمعة مرّتين: يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفِر لكلّ عبد مؤمن إلاّ عبدًا بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتّى يفيئا'' رواه مسلم. ومَن تاب إلى الله من المتخاصمين فعليه أن يعود إلى صاحبه أو أخيه ويلقاه بالسّلام، فإن فعل وأبى أخوه المتخاصم معه فقد برِئَت ذمَّة العائد وبقي الإثم على مَن أبى. عن أبي أيُّوب رضي الله عنه مرفوعًا: ''لا يحِل لرجل أن يهجُر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسّلام'' رواه البخاري. أمّا إن وُجد سبب شرعي للهجر كترك الصّلاة أو الإصرار على الفاحشة، فإن كان الهجر يفيد المخطئ ويعيده إلى صوابه جاز الهجر، كما هجر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كعب بن مالك وصاحبيه لمّا رأى المصلحة. أمّا إن كان الهجر لا يزيد المذنب إلاّ إعراضًا ولا يُنتج إلاّ عُتوا ونفورًا وعنادًا وازديادًا في الإثم فعندئذ يُترك الهجر لأنّه لا تتحقّق به المصلحة الشّرعية بل تزيد المفسدة. وفي الأخير نقول: إنّ رابطة الدم نعمة من الله أنعم بها على عباده، والإسلام هذّب هذه الرابطة وشرّفها بأسمى الآداب والواجبات لتستمر في الدنيا وفي الآخرة بإذن الله.