جاء في تاريخ الطبري والبداية والنهاية لابن كثير: أنّ الصحابة لما فتحوا تستر بعثوا بالهرمزان إلى عمر بالمدينة لأنه نزل على حكمه. فلما وصلوا إلى بيته لم يجدوه فيه، فسألوا عنه فقيل لهم: إنه ذهب إلى المسجد، فجاءوا إلى المسجد فلم يجدوا فيه أحدا، فرجعوا، فإذا بأولاد يلعبون فقال لهم الأولاد: ماذا تريدون؟ قالوا: نريد عمر. قالوا لهم: هو في المسجد نائم. فرجعوا إلى المسجد فوجدوه نائما متوسدا برنسا له ودرته معلقة في يده، فقال الهرمزان: أين عمر؟ فقالوا: هو ذا النائم. وجعلوا يخفضون أصواتهم لئلا ينبهوه، وجعل الهرمزان يقول: وأين حجابه وأين حراسه؟ فقالوا: ليس له حجاب ولا حراس ولا كتاب ولا ديوان.. فقال: ينبغي أن يكون نبيا. فقالوا: بل يعمل بعمل الأنبياء. وكثر الناس حولهم وارتفع اللغط، فاستيقظ عمر ثم نظر إلى الهرمزان وقال: الهرمزان؟ قالوا: نعم. فتأمله وتأمل ما عليه، وكان يلبس الديباج والذهب المكلل بالياقوت واللآلئ، ثم قال: أعوذ بالله من النار وأستعين بالله.. الحمد لله الذي أذل هذا وأشياعه، يا معشر المسلمين، تمسكوا بهذا الدين واهتدوا بهدي نبيكم ولا تبطرنكم الدنيا فإنها غدارة.. فقال له الوافد: هذا ملك الأهواز فكلمه. فقال: لا، حتى لا يبقى عليه شيء من حليته.. ففعلوا وألبسوه ثوبا عاديا، فقال له عمر: يا هرمزان، كيف رأيت وبال الغدر وعاقبة أمر الله؟ فقال يا عمر: كنا وإياكم في الجاهلية كان الله قد خلى بيننا وبينكم فغلبناكم، إذ لم يكن معنا ولا معكم، فلما كان معكم، غلبتمونا. فقال عمر: إنما غلبتمونا في الجاهلية باجتماعكم وتفرقنا.. ثم أسْلَم وسكن المدينة، وفرض له عمر في بيت المال.