الخليفة الراشد عثمان بن عفان أبي عمرو القرشي -- رضي الله عنه - الملقب بذي النورين لزواجه من ابنتي الرسول - صلى الله عليه وسلم -، كان من أوائل من أسلم وهاجر الهجرتين الأولى إلى الحبشة، والثانية إلى المدينةالمنورة، وهو ثالث الخلفاء الراشدين تولى الخلافة بعد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بشورى من المسلمين واتفاق منهم. من فضائله - رضي الله عنه - ما روته عائشة - رضي الله عنها - قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطجعا في بيتي، كاشفاً عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له، وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسوى ثيابه، فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة : دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك، فقال: ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ) رواه مسلم . فهذه فضيلة عظيمة لعثمان - رضي الله عنه - إذ عُرف عنه شدة حيائه، وربما إذا رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - على حالته تلك لم يتكلم بما جاء لأجله، ولخرج دون أن تقضى حاجته، فسوى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثيابه مراعاة له . ومن فضائله أنه جهز جيش العسرة، واشترى مربداً - موضع تجفيف التمر - وتبرع به للمسجد، واشترى بئر رومه وجعلها وقفا للمسلمين، فعن الأَحنف بن قيس - رضي الله عنه - :قال : « خرجنا حجاجا، فقدمنا المدينة ونحن نريد الحج، فبينا نحن في منازلنا نضع رحالنا إذ أتانا آت، فقال: إن الناس قد اجتمعوا في المسجد وفزعوا، فانطلقنا، فإذا الناس مجتمعون على بئر في المسجد، فإذا علي والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص فإنا لكذلك إذ جاء عثمان وعليه ملاءة صفراء، قد قنّع بها رأسه، فقال: أهاهنا علي ؟ أهاهنا طلحة ؟ أهاهنا سعد ؟ قالوا: نعم، قال: فإني أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من يبتاع مربد بني فلان غفر الله له ؟ فابتعته بعشرين ألفاً - أو بخمسة وعشرين ألفاً - فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال: اجعلها في مسجدنا وأجره لك، قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من يبتاع بئر رومة غفر الله له فابتعته بكذا وكذا، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: قد ابتعتها بكذا وكذا، قال: اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك، قالوا: اللهم نعم، قال فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظر في وجوه القوم، فقال: من جهز هؤلاء غفر الله له يعني جيش العسرة فجهزتهم حتى ما يفقدون عقالاً ولا خطاماً قالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد، اللهم اشهد ) رواه النسائي .