مازالت الولاياتالمتحدةالأمريكية، وعدد من الدول الأوروبية، تتعاطى بشكل حذر مع دعوة عدة أطراف عربية ودولية إلى اتخاذ قرار بفرض حظر جوي على ليبيا لمنع كتائب القذافي من قصف الثوار والمدنيين في ليبيا. وإن أعلن وزير الدفاع الأمريكي، روبرت غيتس، أن الولاياتالمتحدة وحلفائها بمقدورهم القيام بفرض حظر جوي على ليبيا، إلا أنه أوضح في تصريح صحفي، خلال زيارته إلى البحرين، أنه مازال مقتنعا بموقفه الذي يحذر فيه من التداعيات الخطيرة للقيام بأي عمل عسكري ضد ليبيا، موضحا أن ''المسألة لا تتعلق بالإمكانيات العسكرية، فللجيش الأمريكي وحلفائه القدرة على وقف طلعات سلاح الجو الليبي في حال تلقي أوامر للقيام بذلك، لكنني أشك في الحكمة السياسية من وراء قرار كهذا''. وأضاف ''أن فرض منطقة حظر جوي يستلزم عملية واسعة وقد تؤدي إلى زيادة النقمة على الغرب في المنطقة''. وفي مقابل التسرع العربي الذي أبدته الجامعة العربية تجاه خيار فرض حظر جوي على ليبيا، مازالت أوروبا منقسمة على نفسها بشأن هذا الخيار العسكري، تخوفا من الوقوع في دوامة من العواقب غير المحسوبة. وأبدى وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي تحفظات شديدة على أي تدخل عسكري في ليبيا، معتبرين أنه الحل الأخير، خلال اجتماعهم في المجر، واشترط وزير الخارجية الفرنسي، ألان جوبي، فرض حظر جوي بقرار يصدر من الأممالمتحدة، واستبعد أن يكون اللجوء إلى هذا الخيار استجابة لمطلب ليبي (المجلس الانتقالي) أو إقليمي (الجامعة العربية). وذهب وزير الخارجية الألماني، غيدو فسترفيله، إلى أبعد من التخوف، حين اعتبر أن أي تحرك عسكري في ليبيا سيحسب ''حملة صليبية مسيحية ضد سكان يعتنقون الدين الإسلامي.. يمكن أن تعرض الديمقراطيات الناشئة في المنطقة وفي مصر وتونس خصوصاً للخطر''. وبدا أن أوروبا بدأت تدفع باتجاه خيار الدعوة إلى وقف إطلاق النار والحوار الوطني، والدعوة إلى عقد لقاء بين دول الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، لإيجاد صيغة حل توافقي للمعضلة الليبية. وتوجهت، أمس، وزيرة الخارجية الأوروبية، كاثرين آشتون، إلى القاهرة للقاء مسؤولين مصريين ومسؤولين في الجامعة العربية، لبحث البدائل الممكنة عن فرض حظر جوي على ليبيا. ويعزو المراقبون تخوف أوروبا وأمريكا من خيار فرض الحظر الجوي إلى غياب المعلومات الدقيقة عما يجري على الأرض في ليبيا، ونقص المعطيات الدقيقة عن الترسانة العسكرية الليبية، إضافة إلى التخوف من استدعاء الحالة العراقية والأفغانية التي كلفت الغرب مواجهة مفتوحة مع المجموعات والتنظيمات المسلحة.