أعلن رئيس الجمهورية عن جملة من الإجراءات السياسية، تتصل بتعديل دستور البلاد، واستدعى لذلك لجنة دستورية تشارك فيها من أسماها ''التيارات السياسية الفاعلة وخبراء في القانون الدستوري''، كما أعلن في خطاب هو الأول من نوعه توجه به ''للأمة'' أمس، عن جملة إصلاحات محاورها الكبرى مراجعة قانون الانتخابات والأحزاب وقانون الولاية وقانون الجمعيات و''دعم'' السمعي البصري ورفع التجريم عن جنح الصحافة. الدستور: أعلن رئيس الجمهورية إخضاع دستور البلاد لمراجعة لم يوضح مداها، على خلفية أنه أبقى الباب مفتوحا أمام تعديلها عن طريق البرلمان أو استفتاء شعبي، والخيار الثاني يتم اللجوء إليه إذا كانت التعديلات قد تمس بعلاقة السلطات ببعضها. وجاء في خطاب بوتفليقة أن التعديل سيتم ''من خلال إنشاء لجنة دستورية تشارك فيها التيارات السياسية الفاعلة وخبراء في القانون الدستوري، وستعرض عليّ اقتراحات أتولاها بالنظر قبل عرضها بما يتلاءم مع مقومات مجتمعنا على موافقة البرلمان أو عرضها لاقتراعكم عن طريق الاستفتاء''. قانون الانتخابات: وطلب الرئيس بوتفليقة من البرلمان إعادة صياغة جملة العدة التشريعية التي تقوم عليها قواعد الممارسة الديمقراطية، وأعلن أنه ستجرى مراجعة عميقة لقانون الانتخابات ''تستجيب لتطلع مواطنينا إلى ممارسة حقهم الانتخابي لاختيار ممثليهم في المجالس المنتخبة''. وفتح المجال هنا أمام الأحزاب الممثلة وغير الممثلة في البرلمان للمشاركة بآرائها من أجل صياغة النظام الانتخابي الجديد. ويمتد هذا التشاور إلى ''الترتيبات اللازمة لتأمين ضمانات الشفافية والسلامة، بما في ذلك المراقبة التي يتولاها ملاحظون دوليون للعمليات الانتخابية''، وأعلن بوتفليقة أن التعديل سيتمم بقانون عضوي يسد فراغا قانونيا ''حول حالات التنافي مع العهدة البرلمانية''. قانون الأحزاب: أعلن الرئيس بوتفليقة مراجعة قانون الأحزاب، ورسم خط هذا التعديل تحت محور ''مراجعة دور الأحزاب ووظيفتها وتنظيمها لجعلها تشارك مشاركة أنجع في مسار التجدد''، وأضاف لقانون الأحزاب المرتقب، القانون العضوي المتعلق بتمثيل النساء ضمن المجالس المنتخبة الذي صادقت عليه الحكومة قبل أيام، ليكون مطبقا قبل الاستحقاقات الانتخابية القادمة المقررة العام الماضي. قانون الجمعيات: وبخصوص قانون الجمعيات فقد أعلن بوتفليقة مراجعته، بالشكل الذي ''يشمل توسيع وتوضيح مجال الحركة الجمعوية وأهدافها ووسائل نشاطها وتنظيمها من أجل إعادة تأهيل مكانة الجمعيات في المجتمع بصفتها فضاءات للتحكيم والوساطة بين المواطنين والسلطات العمومية''. حقوق الإنسان: ووعد الرئيس بوتفليقة بتأمين الظروف أمام جمعيات حقوق الإنسان لإسماع صوتها، وهذا اعتراف بالتضييق على عملها، وذكر في هذا المحور أنه ينبغي أن يصبح احترام حقوق الإنسان انشغالا دائما لدى مختلف الرابطات والجمعيات الوطنية المتكفلة بهذا الشأن، وأوصى إلى المؤسسات والإدارات المعنية أن تسهم في ذلك على أكمل وجه. قانون الإعلام: أعلن بوتفليقة أن قانون الإعلام الجديد سيرفع التجريم عن الجنح الصحفية المقررة في قانون العقوبات 2001 (حبس الصحفيين) بالإضافة إلى مدونة أخلاقية ربما تعوض مجلس أخلاقيات المهنة، لكن بوتفليقة اكتفى ب''دعم'' المجال السمعي البصري وليس فتحه أمام الخواص، لذلك قرر بعث مشروع يعود لسنوات خلت ''سيتم دعم الفضاء السمعي البصري العمومي بقنوات موضوعاتية متخصصة ومفتوحة لجميع الآراء المتعددة والمتنوعة''. وطلب بوتفليقة للإعلام الحكومي''بالانفتاح على مختلف تيارات الفكر السياسي في كنف احترام القواعد الأخلاقية التي تحكم أي نقاش كان''. قانون الولاية: أعلن رئيس الجمهورية من جهة أخرى مراجعة قانون الولاية، وتحدث عن التعديل أنه يأتي ''في إطار لا مركزية أوسع وأكثر نجاعة''، وأيضا ''حتى يصبح المواطنون طرفا في اتخاذ القرارات التي تخص حياتهم اليومية''، كما وعد بمضاعفة صلاحيات المجالس المحلية المنتخبة وتمكينها من الوسائل البشرية والمادية اللازمة لممارسة اختصاصاتها. محاربة الفساد: عدد بوتفليقة جملة من برامجه في السنوات العشر الأخيرة ثم تساءل، هل يمكن القول إن كل شيء على ما يرام؟ وأجاب في خطابه: لا بكل تأكيد، فاعترف باستشراء الرشوة والمحاباة والتبذير والفساد، وأعلمن عن اتخاذ إجراءات هامة على أساس عملية تشاورية على المستوى المحلي مع المواطنين والمنتخبين والحركة الجمعوية وستأتي هذه الإجراءات لدعم محاربة البيروقراطية والاختلالات المسجلة في الإدارة، والتصدي لأي تلاعب ومساس بالأموال العمومية. المؤسسات الاقتصادية: أعلن بوتفليقة عن الشروع في عملية وصفها ب''الجادة''، تعنى بالمؤسسة الاقتصادية العمومية والخاصة، فطلب من الحكومة رسم برنامج وطني للاستثمار موجه للمؤسسات الاقتصادية في كافة قطاعات النشاط، وذلك في إطار تشاوري مع كل المتعاملين الاقتصاديين والاجتماعيين الإنجازات: ولم يخل خطاب الرئيس بوتفليقة من تعداد إنجازات وصفها بالإيجابية على مستوى قطاع السكن والتشغيل واستعادة الأمن والمصالحة الوطنية وسداد المديونية الخارجية والدعم الموجه للشباب. الحراك العربي: وألمح بوتفليقة في جملة قصيرة للوضع في ليبيا دون تسميتها، حيث أشار لموقف الجزائر منها ''أمام هذا الوضع تؤكد الجزائر تشبثها بسيادة البلدان الشقيقة ووحدتها، ورفضها لكل تدخل أجنبي، واحترامها لقرار كل شعب من محض سيادته''، وقال إن الجزائر تتابع بطبيعة الحال التغيرات التي تحدث في الساحة الدولية وببعض البلدان العربية خاصة.