لقد أمر الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم بالعفو عن النّاس فقال: ''فَبِمَا رحمة من الله لَنِتَ لهم ولو كنتَ فظًّا غليظَ القلب لانفضُّوا من حولك فاعْفُ عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر'' آل عمران.159 وقال تعالى: ''فاعْفُ عنهم واصْفَح إنّ الله يُحبُّ المحسنين'' المائدة .13 فكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يُحبّ العفوَ ويميل إلى الصَّفح ولا يُقدِم على العقوبة إلاّ إذا تحتّمت وصارت لزامًا. ومواقف العفو في سيرة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كثيرة معلومة، منها ما تقدّم من عفوه من أهل مكة بعد الفتح الأعظم. ومنها عفوه صلّى الله عليه وسلّم عن المرأة اليهودية التي وضعت له السُمَّ في الشاة، فأكل منها صلّى الله عليه وسلّم فلَم يُسغها، ثمّ قتَلها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعد ذلك ببِشر بن البراء بن معرور الّذي أكَل منها فأساغها، فمات من أثر السُّمِّ، فقُتِلت ببِشر قِصَاصًا.