عهدة النقيب السبب الحقيقي للمعركة الجارية حول مشروع قانون المحاماة يجيب المحامي مقران آيت العربي عن أسئلة طرحتها عليه ''الخبر'' بمكتبه بالعاصمة، تتعلق بالحرب القائمة بين نقابات المحامين بسبب مشروع قانون المحاماة، وبالجدل الذي أثير بالبرلمان حول امتناع النواب عن التصريح بممتلكاتهم. جدل كبير يثار حاليا حول مشروع قانون تنظيم المحاماة، ونشبت معارك لفظية بين نقباء. هل النص يخدم المهنة برأيك؟ أسجل أسفي أن يصل النقباء إلى تبادل التهم عن طريق الصحافة بدل مناقشة الموضوع في المكان المخصص للنقاش، وهو الاتحاد الوطني للمحامين، فالنقباء ال15 أعضاء فيه وينبغي أن يتصارحوا حول هذا المسألة. ثم لا بد من التأكيد على أن مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة يعود إلى 10 سنوات، فطول هذه المدة ونحن نعيش الإشاعات دون أي شيء رسمي بشأن صدوره، إلا عندما أحيل على البرلمان للدراسة. ويعود سبب الضجة التي أثيرت حوله إلى عدد عهدات النقباء. فلما جاء القانون ليحدد العهدات ثارت زوبعة، وبدلا من مصارحة وزارة العدل والقول بأن اتحاد المحامين يعارض تحديد العهدات، راح النقاء يتحدثون عن مسائل أخرى. ولا بد أن نقول كلمة بهذا الخصوص. أعتقد أن حرية المحامين في التمديد للنقيب عدد المرات التي يريدون، ينبغي أن يعمل بها في كل العهدات الانتخابية. وفي رأيي يختلف الأمر بالنسبة لوظيفة نقيب المحامين. فالنقباء الذين تداولوا على التنظيم منذ تأسيسه لم يتجاوز الواحد منهم سنتين على رأس العهدة إلا نادرا. وقد صارحت بعض الزملاء قائلا بأن المحامي لا يمكن أن يضحي بأكثر من ثلاث سنوات. وبينما تريد وزارة العدل تحديد الفترة بعهدتين، أدعو إلى عهدة واحدة بثلاث سنوات. وما يثار هذه الأيام وسط المحامين لا يمكن فهمه لأن هناك طريقة ينبغي أن تتبع ولم تتبع للأسف، فالمشروع موجود منذ 10 سنوات وكان من المفروض أن تقدم نسخة منه لكل محام ليبدي رأيه، وتناقش الآراء في المجالس الجهوية لنقابات المحامين ثم تكوّن لجان فنية ليتوصل المحامون إلى أرضية تتعلق بما ينبغي أن تتضمنه مهنة المحاماة. وعندما يتم تبني الأرضية تستدعى الجمعية العامة ليطلع المحامون على النص الذي حظي بالإجماع. وأنا متأكد بأن الكثير من الزملاء يتحدثون عن مشروع قانون مهنة المحاماة، كما تحدثوا من قبل عن قانون الإجراءات المدنية والإدارية قبل قراءته. وأكبر دليل على ذلك أن رئيس الاتحاد السابق (يقصد بشير مناد) شارك في نقاش متلفز وقال إنه لم يقرأ مشروع تعديل قانون الإجراءات المدنية. نحن اليوم نواجه نفس الشيء، هناك أناس ينتقدون المشروع دون أن يطلعوا عليه. وإذا عدنا إلى المشروع في حد ذاته، أرى أن ما يهمنا فيه هو رد الاعتبار للمهنة. مر عام على التعديل الحكومي ولم يقدم أعضاء الحكومة تصريحا بممتلكاتهم، كما ينص على ذلك قانون الوقاية من الفساد ومحاربته. ما سبب ذلك برأيك؟ قانون مكافحة الفساد ينص على التصريح بالممتلكات لكل المسؤولين في الدولة بمن فيهم أعضاء الحكومة زيادة على أعضاء البرلمان. وهو ينص على أن عدم التصريح في المدة القانونية أو التصريح بما يخالف الحقيقة يعاقب عليه القانون، ويتم ذلك بعد إنذارهم من طرف السلطات المسؤولة. وهذه التصريحات ينبغي أن تتم في ظرف شهرين، وعلى ما يبدو علَق وزير العدل على ذلك وقال إن 50 في المائة من أعضاء البرلمان لم يقدموا تصريحات. وكخلاصة أولى، أقول إن القانون يلزمهم بالتصريح بالممتلكات ويعاقب في حالة انعدام التصريح أو تقديم تصريح مخالف للحقيقة. كيف تتم ترتيبات العقوبة .. هل برفع دعوى ضدهم؟ قانون الفساد لا يحدد الجهة، ولكن النيابة هي المخولة بالمتابعة بمقتضى الدستور، لكن لا ننسى أن أعضاء البرلمان بخلاف أعضاء الحكومة لا يمكن متابعتهم إلا في حال تنازل البرلماني عن الحصانة كتابة، أو إذا رفعت عنه من رئاسة الغرفة البرلمانية. وأريد أن أقول كلمة في هذا الموضوع، الحصانة البرلمانية موجودة منذ القدم والقصد منها حماية عضو البرلمان من تعسف السلطة التنفيذية، لتتوفر له الحرية للدفاع عن مواقفه وأفكاره وبرنامج حزبه في البرلمان. أما اليوم ما دامت حرية التعبير مكفولة لكل الناس، فإن فقهاء القانون الدستوري يتساءلون عن جدوى الحصانة، فالأصل هو إلغاؤها في برلمان حر بدولة ديمقراطية. أما في دولة تعسفية المقصود بالحصانة لعضو البرلمان هي أن يكون في منأى عن المتابعات. وما ينبغي أن يكون أن تحصر الحصانة في المهام البرلمانية، وخارج ذلك لا مجال لأي حصانة، لأننا سنكون بصدد هضم حق المواطن في متابعة البرلماني إذا تعرض للتعسف على يديه. فالمواطن حر في رفع شكوى وعضو البرلمان لابد أن يقف ككل الناس أمام المحكمة ليدافع عن نفسه. وزير العدل قال للنواب لو رفعت الحصانة عن الكثير من النواب لخضعوا للمتابعة. ما مدلول هذا الكلام؟ من الصعب جدا أن نحلل هذا الكلام، فهل جاء عن وعي وتدبير أم كلام ارتجالي؟ فإذا كان ارتجاليا فلا ينبغي أن يقال لنواب الأمة، وإذا كان مدروسا فلا ينبغي أن نكتفي بالقول بل نذهب إلى الفعل. فإن كان هناك حقيقة نواب لم يصرحوا بممتلكاتهم، فينبغي أن يتابعوا وفقا للقانون. لكنني أعتقد أن كلام الوزير يهدف من ورائه إلى تخويف البرلمانيين، ومفاده: حذار! يمكننا في أي وقت رفع الحصانة عنكم لنتابعكم. وما ينبغي أن يعرف، أن هناك قواعد تتعلق بالتصريح بالممتلكات. فبالنسبة لبعض المسؤولين يكفي أن يكون التصريح للجهة المختصة في ظرف مغلق، أما بالنسبة لباقي المسؤولين ينبغي أن ينشر في الجرائد ليطلع عليه الرأي العام كما هو الحال لرئيس الجمهورية والوزير الأول والوزراء ورئيسي الغرفتين النيابيتين ورئيس المجلس الدستوري.