سي رابح بن بوزيد في العقد الثالث من العمر، يسحرك بصوته الدافئ في ترتيل القرآن، والأذان في مسجد تيزي ببلدية برج زمورة، وقد حال فقدان بصره دون قدرته على مواصلة مشواره الدراسي في غياب أدنى الوسائل، لكنّه لم يستسلم فالتحق بزاوية (سيدي امحمد أوقري) بفنزات لحفظ القرآن وتمكّن من ختمه بعد أربع سنوات. كيف حفظتَ القرآن وأنت لا تستطيع القراءة؟ ابتسم.. ذلك بفضل الله والقائمين على زاوية سيدي امحمد، فقد كان الشيخ يكتب لي اللوحة ويقرأها مرّة على مسامعي، ثمّ يقوم زملائي من حفظة القرآن بالزاوية بقراءتها على مسامعي ثلاث مرّات تكفي لأحفظها. وبعد إتمام حفظ القرآن انتقلت إلى زاوية القليعة ببلدية تسامرت المجاورة لبرج زمورة، حيث أعدت حفظ الكتاب وتعلّمت بعض دروس الفقه في الأحوال الشّخصية. هل واجهتك صعوبات في حفظ القرآن وهل أحسست أن فقدان البصر عائق أمام مشوارك؟ أبداً، لم أحس يوماً أنّي كفيف والدليل أنّي أعيش حياة طبيعية جداً ، أمّا حفظ القرآن فقد ساعدني القائمون على تحفيظي في زاوية ''سيدي امحمد أوقري'' على تجاوز كلّ الصعوبات كما قلت. يقال إنّك تجيد الأناشيد العلوية وترافق شيوخها؟ كان ذلك منذ طفولتي، كنتُ أرافق والدي لحلقات مشايخ الطريقة ببرج زمورة المعروفة باتباعها العلوية، وكنت أستمع إلى الإنشاد، ومع الوقت حفظتُ كلّ قصائد الطريقة العلوية والكثير من المدائح منها قصيدة البردة، وأصبحتُ بعدها من المنشدين في مختلف المناسبات الدينية. أنت متزوج وأب لبنتين، كيف تعيل عائلتك؟ حالياً أنا مؤذن في مسجد القرية في إطار الشبكة الاجتماعية، كما أنّي أسترزق من الخرجات التي أقوم بها مع أتباع الطريقة العلوية، كما أنّ هناك بعض العائلات التي تدعوني لحضور الأربعينية، حيث أقوم بتقديم القصائد الدينية. أمّا في شهر رمضان فأنَا أتجوّل بين المساجد عبر ولاية برج بوعريريج وخارجها، لأصلي بالمؤمنين صلاة التّراويح، وها أنت ترى إخواننا من المسيلة يسبقون الجميع، في انتظار أن تلتفت إلينا وزارة الشؤون الدينية لتوظيفي في منصبي كمؤذّن والّذي أعمل فيه منذ سنوات.