سي حاج محنّد وهو يكرم على يدي ابنته والمدير العام للشروق/تصوير: ب.زواوي حفظت القرآن وأنا أرعى الغنم بمنطقة إيفرحونان في هذه البادرة التي حرصت عليها جريدة "الشروق اليومي"، جاء هذا التكريم لأحد أعلام منطقة القبائل للتعبير عن رمزية كبيرة تكشف عمق العلاقة بين منطقة القبائل من جهة، والحضارة العربية والإسلامية من جهة أخرى. * * تكريم الشروق لسي حاج محند محند طيب جاء ليكشف، مرة أخرى، تمسك أبناء القبائل بقيمهم وثوابتهم الأصيلة، لاسيما وأن "بلاد الزواوة" كانت ولا تزال إحدى أكبر القلاع التي ساهمت في الحفاظ على القرآن والثقافة العربية والإسلامية، بعيدا عن الصراعات المفتعلة التي تريد بعض الجهات تسويقها بحجة وجود علاقة عداء بين الأمازيغية في مواجهة الإسلام والعربية، وعلاء تواد وتحاب بينها وبين النشاط التنصيري الذي يستغل الأوضاع الاجتماعية المزرية ليحمل الناس على اعتناق الصليب. * وقد أكد هذا المترجم الكبير صاحب الجهود العظيمة في مواجهة التنصير والدعوة إلى الإسلام أنه لا حياة للأمازيغية إلا في فضائها العربي والإسلامي، وليس في فضاءات تغريبية تفصل هذه المنطقة العريقة عن تاريخها وتراثها وحضارتها الأصيلة. * * الشيخ سي حاج محند محند طيب مترجم معاني القرآن الكريم إلى الأمازيغية * "عملي هذا هدية لكل أمازيغي لكي يفهم كتاب الله" * عندما اتصلنا بفضيلة الشيخ سي حاج محند محند طيب لنخبره أن "الشروق اليومي" تنوي تكريمه على المجهود المبارك الذي بذله طوال العديد من السنين ليتوصل إلى ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأمازيغية، أجابنا بصوت لا يكاد أن يُفهم وبأنه مريض ولا يستطيع مغادرة سريره بأمر من الطبيب، وكنا لعدة أيام ندعو له في صلواتنا أن يشفيه الله ويعود إلينا سريعا، وقد كررنا الاتصالات معه لعدة مرات لنطمئن على صحته، وبقدرة الله تعافى أستاذنا الكريم نسبيا وانتظرنا على أحر من جمر أن يزورنا بمكتبنا الجهوي بمدينة تيزي وزو، وبخطى متثاقلة وبعد عناء كبير وصل إلينا أخيرا صاحب الوجه النيّر بما أنار عقول وقلوب ونفوس سكان منطقة القبائل، حيث ترجم لهم معاني القرآن الكريم إلى لغتهم الأم. * قبل أن أجلس إلى جانبه تساءلت في قرارة نفسي كيف أواجه رجل دين نهل من القرآن منذ نعومة أظافره؟ لأنني كنت متيقنة أنني كُلفت بمهمة صعبة ووجدت نفسي مضطرة لاختزال حياة ومسيرة رجل فوق العادة في بضعة أسطر. * ولد الأستاذ "سي حاج محند محند طيب" يوم 20 جوان 1934 بضواحي "إيفرحونان" بأعالي جرجرة، وعاش طفولة هادئة بقريته وترعرع بين أحضان أسرة متكونة من 8 أبناء كان هو أصغرهم، والده الذي عاش قرابة 128 سنة دون أن يلجأ في حياته إلى الطبيب، قام بتسجيله خلال سنوات الثلاثينيات بمسجد القرية من أجل أن يتعلم القرآن الكريم بمعية أبناء عمه، ويتذكر أدق تفاصيل تلك المرحلة الطفولة عندما كان يتوجه إلى الحقول ليرعى الغنم وهو يحمل اللوح بين يديه ليعود في المساء وقد حفظ ما كتب فيه من آيات من ذكر الله تعالى، ويقول أنه ختم القرآن الكريم و أعاد 18 حزبا دون أن يفهم ولو كلمة واحدة من اللغة العربية ما جعله يعتقد أن القرآن الكريم يقرأ ولا يفهم، ومن هنا راودته فكرة ترجمة معانيه إلى الأمازيغية ليفهمه جميع من لا يحسن اللغة العربية، وخلال سنة 1948 تنقل الدا الحاج إلى زاوية "تغراست" بالقرب من سيدي عيش ببجاية وبدأ يتعلم هناك بعض الدروس في اللغة العربية، وبدأ حينها يفهم معاني بعض الكلمات في القرآن الكريم وهنا تغير معتقده السابق بأن القرآن الكريم لا يمكن أن يفهم، وبعد أن أتقن حفظ القرآن وبعد تلقيه دروسا بالزاوية التحق سنة 1953 بمعهد ابن باديس بقسنطينة ثم التحق بالثورة بعد غلق المعهد، وقد ألقي القبض عليه بضواحي حيدرة خلال سنة 1958 وتم نقله إلى مكان مجهول وهو مغطى الرأس وكان رفقة أخيه "الصادق" ومجموعة من الرفقاء في ثياب نوم، نقل إلى ثكنة علي خوجة بالعاصمة ويقول هذا الأخير مستعيدا شريط ذكريات الماضي إنه لولا فضل الله ولطفه لكان هو ورفقاؤه من المفقودين لأن اليد الحمراء هي التي قامت باختطافه. * وبعد الاستقلال تم تعيينه معلما بعين طاية وفي نفس الوقت كان يتابع دراسته الجامعية بجامعة الجزائر في تخصص الأدب العربي وتحصل على ليسانس في الآداب خلال سنة 1966، وقرأ للعديد من الكتاب المعروفين على غرار (طه حسين، المنفلوطي، محمد عباس العقاد، الزيات، أحمد شوقي، الشيخ مبارك الميلي، أحمد توفيق المدني... وآخرين)، وخلال شهر أكتوبر 1966 تم تعيينه كأستاذ في ثانوية "عمروش" التي تدعى حاليا "ثانوية فاطمة نسومر" ويقول أنه هو الذي اقترح بأن تسمى هذه المؤسسة التربوية ب "فاطمة نسومر" وتكون مختصة للبنات فقط. وفي سنة 1969 شارك أستاذنا في مسابقة للدخول لتحضير شهادة الكفاءة في تفتيش وإدارة دور المعلمين وتخرج من هناك سنة 1970، وبعدها عيّن بدائرة الأخضرية حتى سنة 1977 وانتقل إلى تيزي وزو ليشغل منصب مفتش وفي نفس الوقت كأستاذ مساعد في جامعة تيزي وزو، وفي عام 1985 تم انتدابه إلى فرنسا كمفتش لدى أبناء الجالية وبقي هناك 4 سنوات. * بعد عودة السيد سي حاج طيب إلى أرض الوطن عاد من جديد إلى التفتيش لكن هذه المرة في الطور الثاني من التعليم المتوسط بالأربعاء ناث إيراثن وعزازڤة حتى سن التقاعد، وكانت مدة الخدمة 38 سنة منها 25 سنة في التفتيش وخلال هذه الفترة لم تقدم ضده أي شكوى ولم يتلق من الأكاديمية ولو رسالة لتذكيره للقيام بالمهام المسندة له، ومما يذكره بالاعتزاز وراحة الضمير أن جميع أبنائه امتُحنوا عنده ويقسم بأغلظ الأيمان أنه لم يضف ولو نصف نقطة لأبنائه على نقاط المصححين مع أن وثائقهم توجد عنده في المنزل لمدة تقارب الشهر. * بعد إحالته على التقاعد بسلك التعليم، كان يتعاون مع مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لتيزي وزو، حيث أسندت إليه مهمة أمين مجلس "إقرأ" في مؤسسة المسجد ولا يزال فيها إلى غاية اليوم، وكان يقوم بإلقاء المحاضرات على مستوى المؤسسات التربوية، كما شارك في تكوين الأئمة مع وضع مخطط لتطوير برامج الزوايا القرآنية وهو ينتظر التطبيق وفي نفس الوقت كان منكبًّا على ترجمة معاني القرآن إلى الأمازيغية. * * هكذا ترجمت معاني القرآن إلى الأمازيغية * بدأ ضيفنا بترجمة معاني القرآن إلى الأمازيغية عندما أعلن وزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد "بوعبد الله غلام الله" عن وجود مشروع لإنجاز ترجمة، فبادر بالاتصال وكان هذا الأخير من بين أعضاء اللجنة المكلفة بالمهمة والتي تشكلت من 5 إطارات من الوزارة المعنية، واجتهد شخصيا في إعداد خطة دقيقة للعمل اعتمد فيها على أسس البحث العلمي. ويقول هذا الأخير أنه قبل أن يقوم بالتحرير يقوم أولا بتحديد السورة المراد ترجمة معانيها ثم يقرأها ويتمعن في معانيها ويطلع من معاني الكلمات الصعبة ثم يتمعن بالإطلاع على عدة تفاسير لاستيعاب المعنى الكلي لكل نص، كما يطلع أيضا على العديد من الترجمات بالفرنسية، أما عندما يصل إلى مرحلة التحرير فيعتمد الأستاذ الكريم على مراجعة التفاسير والترجمات ثم تأتي بعدها مرحلة الاستعراض الكتابي للتعابير المختلفة لاختيار أنسها، مؤكدا أنه في بعض الأحيان يضطر إلى تأجيل الترجمة إذا استعصى استحضار التعبير المناسب، وأضاف الشيخ مؤكدا أن الفضل الكبير في تحقيق هذا الإنجاز العظيم والذي انتظره السكان الناطقون باللسان الأمازيغي منذ قرون خاصة كبار السن، يعود إلى ابنته الكريمة "لمياء"، حيث تكفلت بمفردها بكتابة كل ترجمة المصحف الشريف إلى الأمازيغية وقام هو فيما بعد بإرسال نسخة منها في قرص إلى وزارة الشؤون الدينية، والذي أرسل إلى مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمملكة العربية السعودية وقد بقى سي حاج طيب في ترجمة معاني القرآن إلى اللغة الأمازيغية مدة تقارب 5 سنوات. * * تعهد بها مدير الجريدة للأستاذ سي حاج محند محند طيب * الشروق تساهم في كل ما يخدم الثقافة الأمازيغية الأصيلة * في التفاتة جادة منها لتسليط الضوء على أحد محاضن اللغة العربية والدين الاسلامي الحنيف بمنطقة القبائل، كرّمت جريدة الشروق اليومي، وكعادتها، وجها جديدا من الوجوه المنيرة في مجال العلم والمعرفة وأحد من يخدم الدين بكل ما أوتي من جهد وعزم.. إنه الشيخ سي حاج محند محند الطيب. * الشروق، وكما أكده المسؤولون القائمون عليها، تضع نصب عينيها أثناء هذا التكريم علاقة الرجل بالقرآن الكريم وعلاقة منطقة القبائل بالقرآن الكريم وهي منطقة زواوة المحضن الطبيعي للإسلام واللغة العربية وأنها حوت العربية وتخرّج منها زمرة من العلماء، وهي أيضا باستضافتها الشيخ ونخبة من عائلته وزملائه تكون قد أدّت أقل واجب اتجاه رجل علاقته بالقران متميزة جدا تشير إلى عمق وتجذر العلاقة بين العربية ومنطقة القبائل وتدحض ما يروج عن التنصير وهي بذلك تكرم منطقة حملت القرآن وصدحت به طويلا. * الاستاذ سي حاج محند محند طيب، وخلال حديثه حلق بالحاضرين إلى مستوى عال من الروحانيات، جعلهم يتأثرون بالتجربة المميزة التي خاضها في مجال ترجمة معاني القرآن الكريم فتأثر وأثر، وفي جلسة معرفية بحتة لم ينس خلالها التذكير بفضل كل من ساعده من قريب أو من بعيد. * وقد جاء تكريم الشروق في الوقت المناسب بحسب ما أدلى به المتدخلون أثناء الحفل على اعتبار أنه تزامن مع إعادة الاعتبار للبعد الأمازيغي للوطن وخطوة منها لدرء ما يشاع عن منطقة القبائل من أنها تحولت إلى بؤرة للتنصير. * المدير العام للجريدة علي فضيل قال في كلمته إن التاريخ سيسجل مبادرة الشيخ بأحرف من ذهب ولا يوجد شيء في الدنيا أجمل من أن يتعامل المرء مع القرآن الكريم، وإذا تلي القرآن بالامازيغية فإن أجره كله سيكون للشيخ، معلنا التزام مؤسسة الشروق بدعم كل جهد يخدم الثقافة الإسلامية والأمازيغية واللغة العربية بولاية تيزي وزو دعما إعلاميا وماديا لتعود منطقة القبائل إلى ما كانت عليه في سابق عهدها. * وفي أول خطوة عملية، تعهد المدير علي فضيل بالمساهمة في جزء من التكاليف المادية لنشر النسخ المترجمة لمعاني القرآن الكريم، مقترحا على الشيخ المساهمة في الصفحات التي تصدرها الشروق والخاصتين بأخبار منطقة القبائل على شكل ركن يتضمن تفسير آية أو حديت إلى الامازيغية. * من جهته، أكد السيد سي يوسف أمحند أمزيان مدير دار الأمل أن داره ستأخذ على عاتقها جزءا من التكاليف الخاصة بطباعة المصحف المترجم لتوزيعه مجانا. * * الكاتب محمد أرزقي فراد * "ليس غريبا عن قرية فاطمة نسومر أن تنجب لنا الشيخ سي الحاج محند" * قال الكاتب والمفكر محمد أرزقي فراد أن البيئة التي نشأ فيها الشيخ سي الحاج محند محند طيب هي قرية مباركة سبق لها وأن أهدت الجزائر أبطالا كالمجاهدة فاطمة نسومر وفيها أنشئت أول زاوية لتدريس القرآن الكريم ببلاد الزواوة في القرن الثالث عشر للميلاد على يد سيدي علي أتغلاط، كما انطلقت أول مدرسة حرة لتدريس العربية في المنطقة بذات القرية حيث يُعتبر آث يتسوراغ بجبال جرجرة منشأ الشيخ "سي الحاج محند" بيئة للعظماء، على حد تعبير المتحدث. * وأشار محمد أرزقي فراد إلى أن إنجاز الشيخ "سي الحاج محند" تزامن مع إعادة الاعتبار رسميا للأمازيغية في الجزائر التي تم الاعتراف بها لغة وطنية بموجب قرار تعديل الدستور في سنة 2002، موضحا أن هناك عددا من المبادرات والجهود التي قام بها عدد من المشايخ لترجمة معاني القرآن الكريم للأمازيغية إلا أن أغلبها لم يكن كاملا أو أنها ترجمت بالحرف اللاتنيني، حيث ذكر المتحدث ترجمة للأستاذ كمال نايت زراد سنة 1998 إلا أنها ترجمة جزئية وبالحرف اللاتيني، وترجمة أخرى للمرحوم بوستة وثالثة قام بها المغربي حسين جوهادي سنة 2004 وكذا ترجمة الأستاذ رمضان آث منصور سنة 2006 بمعية وزارة الشؤون الدينية. * وتأسف أرزقي فراد لغياب الاهتمام الإعلامي بهذا الإنجاز الضخم والعظيم رغم أنها أول ترجمة جزائرية لمعاني القرآن الكريم إلى الأمازيغية بالحرف العربي رغم أن وزير الشؤون الدينية والأوقاف السعودي الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ دبج ترجمة الشيخ سي الحاج بمقدمة نوه فيها بأهمية العمل ووجوب رعايته. * * السيد معزوز حسين والي ولاية تيزي وزو * "أولا أشكر جميع طاقم "الشروق اليومي" وبالخصوص المؤطرين الذين أشرفوا على هذه المبادرة الطيبة التي تضاف إلى سلسلة المبادرات التي تقوم بها الجريدة في مجال التعريف بالشخصيات الوطنية، الشيخ سي حاج محند محند طيب أعطى دفعا قويا للثقافة الأمازيغية وساعد في نشر الثقافة الدينية في المنطقة، المبادرة التي قام بها الشيخ والتي تتمثل في ترجمة ألفاظ القرآن الكريم للغة الأمازيغية هي مبادرة طيبة وهو مشكور عليها وأنا شخصيا أخذت نسخا منها وقمت بتوزيعها على العديد من الأشخاص، هذه الترجمة أعطت صورة دقيقة وذكية عن المنطقة وتدخل في سياق المجهودات المبذولة لصد الهجمات التنصيرية التي تتعرض لها، كما يعد هذا العمل الجبار بمثابة فرصة لأبناء المنطقة الذين لا يحسنون اللغة العربية من أجل التقرب أكثر وفهم معاني ألفاظ القرآن الكريم باللغة الأم وأعطت دفعا كبيرا للغة الأمازيغية". * * الأستاذ "بويزري سعيد" أستاذ جامعي * "هذا التكريم فيه رسالتان، الأولى موجهة إلى "الشروق اليومي" كجريدة محترمة ولأن التكريم يعتبر مظهرا من مظاهر التحضّر من قبل جريدة عريقة تعطي الفضل لأهل الفضل، ونتمنى أن يكون هذا الخُلق متوارثا، بالنسبة لشيخنا الأستاذ "سي حاج محند محند طيب" فقد ترجم حبه للقرآن الكريم في هذا العمل العلمي المتمثل في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأمازيغية، عمل يثبت وبشكل كبير مدى قدرة هذه اللغة على استيعاب معاني كتاب الله، ويعبر بشكل كبير عن مدى اجتهاده وجديته وغيرته على دينه، ويعتبر تكريمه اليوم دعما لخُدّام الدين والوطن". * * السيد "نايت سيد أحمد حسين" من أبناء منطقة عين الحمام * "الشيخ سي حاج محند محند طيب أستاذ جدير بهذا التكريم الذي خصصته له "الشروق اليومي"، إذ أنه لأول مرة ترجم ألفاظ كتاب الله إلى الأمازيغية وهي ترجمة انتظرها الأمازيغ منذ قرون عديدة، حتى ولو كان سكان الأمازيغ يحسنون ويتقنون اللغة العربية إلا أن الأوفق هو الفهم باللغة الأصلية، وبالفعل أحسنوا الأداء لإسلامهم وبلغة القرآن إلا أن الفهم الواسع يجب أن يكون باللغة الأصلية وهي الغاية التي توخاها الشيخ والذي اعتكف لتحقيقها اعتكافا مكلفا زمنيا واقتصاديا". * * رئيس بلدية إيفرحونان: * "الأستاذ الكريم ينتمي إلى عائلة شريفة ومعروفة بمنطقة القبائل بتمسكها لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وبخصوص أمر الترجمة التي قام بها لألفاظ القرآن الكريم إلى الأمازيغية فإنه عمل جبار زاد الكثير من سمعة الشيخ والذي نفتخر بكونه أحد أبناء منطقتنا". * * الفنان: "سي موح" من فناني منطقة القبائل * "الشيخ سي حاج محند محند طيب أعرفه شخصيا منذ الصغر، كنت ألتقي به دوما وبصفة يومية تقريبا أمام كشك "الأندلس" الذي كان يتواجد سابقا على مستوى شارع أول نوفمبر بمدينة تيزي وزو، أنا شخصيا أرى فيه رجل ثقافة زاد الكثير للثقافة الأمازيغية، وبالنسبة لي فإنه تجرأ على القيام بعمل جبار وجهد عظيم لخدمة الدين الإسلامي والثقافة الأمازيغية، وأما ما يخص أمر الترجمة فقد سبق لي وأن أعطيت لي نسخ من الترجمة التي قام بها وأعطيت بعضا منها لوالدتي والتي أعجبت كثيرا بها". * * السيد "زوليم جعفر" مواطن من قرية "آيت سيدي سعيد" * "الجيل الذي عشت فيه كان يهرب من القرآن الكريم بسبب أمرين أولهما عدم فهمهم للغة التي أنزل بها والتي هي العربية، وثانيهما هو عدم توفر الأئمة والخطباء والمفسرين للقرآن الكريم باللغة الأم الأمازيغية، الشيخ "سي حاج محند محند طيب" قام بترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأمازيغية وساهم في جذب واستقطاب العديد من أفراد المجتمع القبائلي ومن كل الشرائح والأعمار إلى الدين الإسلامي، وتمكن من إدخال حب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والدين الإسلامي إلى قلوبهم لا سيما وأن الترجمة متوفرة ويتم توزيعها على الناس مجانا، هذا العمل الجبار الذي يعد رحمة كبيرة على المسلمين عموما وعلى المجتمع القبائلي خصوصا، كان الشيخ يحمله كحلم في أعماق نفسه منذ الصغر وتمكن وبفضل الله تعالى والجهد الجبار والوقت الذي أفناه من حياته من تحقيقه، وأدعو الله عز وجل أن يلهمه الطاقة والنشاط الكافيين للمواصلة قدما في هذا الميدان". * * عبد الوهاب بن حمودة أمين عام سابق بوزارة الشؤون الدينية: * ما قدمه الشيخ يقوي الرابطة بين اللغة العربية والامازيغية * أفاد السيد عبد الوهاب بن حمودة أمين عام سابق بوزارة الشؤون الدينية بأن سي حاج محند محند الطيب يمكن أن نقول بأنه مثل في الإيمان وفي العمل الدؤوب لصالح دينه ووطنه ولغاته فهو بعمله يكون من جهة قد خدم الامازيغية والعربية ويقوي الرابطة الموجودة بينهما، داحضا كل ما يشاع عن منطقة القبائل من سلوكات وظواهر مسيئة للإسلام، فبلاد القبائل كما أضاف شرفت الإسلام ولا تزال كذلك وستظل إن شاء الله والإسلام رأسمال بلاد القبائل وثابت صحيح من ثوابتها لا يستطيع أحد أن يفرق صفوف هذا الوطن وأبناءه وكما قال عبد الحميد ابن باديس »ما وحدته يد الرحمان لا تفرقه يد الشيطان«. * * سليمان ابن الشيخ سي حاج محند محند الطيب: * علينا أن نُفكر فيمن يأخذ المشعل ويواصل المسيرة * تساءل سليمان ابن الشيخ سي حاج محند محند الطيب إذا ما كنا قد فكرنا في إيجاد من يأخذ المشعل ويواصل المسيرة إلى جانب والده في مجال ترجمة معاني القرآن الكريم في إشارة منه إلى ضرورة رعاية الثمرة التي أوجدها والده وتدعيمها، فمنطقة القبائل تزخر بالكثير من الكفاءات التي بإمكانها مواصلة المسيرة وإتباع نهجه وأعرب عن نيته في تأطير شباب لهذه المهمة لأنه ليس بإمكانه فعلها بنفسه، لكنه ربط هذا الأمر بما بعد تقاعده رغبة منه في الحفاظ على روح الإسلام الأصيل الموحد لكل أبناء الوطن من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه. * * ابنة الشيخ سي الحاج وسنده في الإنجاز الضخم: * "والدي زرع فينا روح المبادرة ونشر الخير فحصد طاعتنا له" * اعتبرت لامية سي الحاج محند محند طيب ابنة الشيخ سي الحاج محند مترجم معاني القرآن الكريم للأمازيغية مساعدتها لوالدها وسهرها إلى جانبه ثمرة ما زرعه فيها من روح المبادرة وحب لنشر الخير قائلة "الحمد لله الذي وفقني أن أكون سندا لوالدي في هذا العمل والحقيقة هو أنني لم أقم إلا بما رباني عليه والدي فهذا غرسه.. فهو من ساعدني من قبل حتى حققت حلمي في دخول قسم ماجستير الكيمياء بجامعة بومرداس فسهري إلى جانبه حتى أساعده في الكتابة على الحاسوب لا يمثل شيئا أمام عطائه". * وعددت المتحدثة مجموعة من العوامل قالت أنها هي أسباب توفيق الله لوالدها في إتمام ترجمة معاني القرآن الكريم للأمازيغية في مقدمتها تديّنه منذ الصغر والتزامه بتعاليم الإسلام وحدوده في كل حيثيات الحياة وكذا إتقانه للغة العربية واشتغاله كأستاذ ثم مفتش في التعليم الأساسي ما عزز رصيده اللغوي وتمكنه من علوم اللغة العربية بالإضافة إلى إتقانه للغة الأمازيغية، حيث ينظم أشعارا بالأمازيغية السليقة. * * سي الحاج محند.. الشروق عروس الصحافة بتكريمها للشيوخ * قال الشيخ سي الحاج محند محند طيب أن الشروق تبوأت مركزا مُشرفا في المجتمع الجزائري وهي اليوم عروس الصحافة الجزائرية بعد أن سنّت سنة حسنة وهي تكريم الشيوخ والعلماء، مشيرا إلى أنه تكريم للعلم وتقديرا لأهله ومن قبل ذلك هو تكريم للشروق. * وأشار الشيخ إلى أن فرحته ستكتمل بانتشار المصحف المترجم للغة الأمازيغية بين سكان القبائل وجميع الناطقين باللسان الأمازيغي وأن يُوفقه الله لأعمال أخرى تُثقل ميزان حسناته، داعيا المولى عز وجل أن يبارك في مؤسسة الشروق للإعلام والنشر. * * سي الحاج محند.. دموع الخشية والحمد في فوروم الشروق * لم يتمالك الشيخ سي الحاج محند محند طيب نفسه عندما بكى في فوروم الشروق بمجرد استحضاره لتلك اللحظات الربانية التي عاشها وهو يختم ترجمته لمعاني كلمات القرآن إلى الأمازيغية، حيث اختلطت دموع الحمد والشكر لله عز وجل على نعمة إتمام هذا العمل ودموع الخشية من عدم تمكنه من تقديم أعمال أخرى وطاعات تقربه أكثر من المولى عز وجل. * * سي الحاج محند.. حضر المحسنون وغابت الدولة * شكر الشيخ سي الحاج محند محند طيب جميع المحسنين الذين ساعدوه معنويا وماديا في نشر ترجمته لمعاني القرآن الكريم للأمازيغية سواء على شكل مصاحف أو أشرطة سمعية أو أقراص مضغوطة، قائلا »لولا عون الله وتوفيقه ثم مساعدة المحسنين لم تمكنت من نشر هذا العمل خاصة أنني أوزع المصاحف المترجمة والأشرطة السمعية والأقراص المضغوطة مجانا لتعم الفائدة رغم أن الدولة لم تساعدنا بأي دينار رغم أهمية العمل«. * * أصداء * "الأمازيغية التي تكون مع الإسلام وتوحدنا مرحبا بها، أما الامازيغية التي تفرقنا فلا مرحبا بها ولا كانت ولا كنّا"، عبارة قالها الاستاذ سي حاج محند محند طيب في اشارة منه الى الاعتزاز بالامازيغية الحقة الموحّدة لا المفرقة، والمتماشية مع عمق الجزائر الحضاري والتاريخي. * في كل مرة يستفسر المواطنون عن الثمن الذي يقدمونه نظير حصولهم على نسخة من ترجمة معاني القرآن للامازيغية، يجيب الاستاذ سي حاج محند محند طيب بالعبارة التالية الثمن هو"انسخ ثم وزع"، وهو يقصد أن الأقراص المضغوطة توزع مجانا ولا تُباع، بل ويحث الناس على نسخ المزيد منها بهدف نشر أكبر عدد منها لتحقيق الفائدة المرجوة. *