الصّحابي الجليل عبد الله بن رواحة الخزرجي الأنصاري، رضي الله عنه، كان يُكنّى أبا محمد. وقد حضر بيعتي العقبة الأولى والثانية، وشهد بدراً وأُحُداً والخندق، وكان أحد شعراء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الثلاثة. وكان عبد الله عابداً محباً لمجالس العِلم والذِّكر، فيروى أنّه كان إذا لقي رجلاً من أصحابه قال له: تعال نؤمن بربّنا ساعة. وذات مرّة، سمعه أحد الصّحابة يقول ذلك، فذهب إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقال: يا رسول الله، ألاَ ترى ابن رواحة، يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة؟! فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''رحم الله ابن رواحة إنه يحبّ المجالس الّتي تتباهى بها الملائكة'' أخرجه أحمد. وكما نصرُ عبد الله الإسلام في ميدان الكلمة، فقد نصره باقتدار في ميدان الحرب والجهاد بشجاعته وفروسيته. وقد جعله رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أميراً على جيش المسلمين الّذي خرج إلى حدود الشام في قرية تسمّى ''مؤتة'' لقتال الروم الّذين حشدوا جيوشهم استعداداً للهجوم على المسلمين، حيث كان جيش المسلمين لا يتعدّى الثلاثة آلف مقاتل مقابل مائتا ألف فارس لجيش الروم. ونال الشّهادة رضي الله عنه بعدما قاتل بشجاعة، ولحق بصاحبيه زيد وجعفر.