طغى على الساحة الوطنية والسياسية، مطالب بالإفراج عن تقرير المشاورات السياسية التي أدارها عبد القادر بن صالح، وتنديدات هنا وهناك لتأخر الإصلاحات، بالتزامن مع تصعيد أمني لافت، حققت فيه قوات الأمن عمليات، كما ضرب الإرهابيون في مناطق مختلفة. تتفادى الطبقة السياسية الخوض في تزامن العمليات الإرهابية التي حدثت في ولايات مختلفة من الوطن، مع جدلية الإصلاحات السياسية واتساع رقعة المطالبين بتقرير المشاورات بعد الجولات التي قام بها رئيس مجلس الأمة، وإن كان هناك تحاشي للربط بين المتغيرين، إلا أن هناك من يسعى إلى إيجاد خيط مقاربة يوحي بعلاقة بينهما، قد تكون محسوبة أو لا تعدو أن تكون مجرد مسايرة للجماعات الإرهابية لواقع سياسي يحمل مشروع إصلاحي ترفضه في سياقها الراديكالي، المعارض لكل ما يرمز للسلطة أو النظام. وقد ضمنت ''القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي'' في بيانات متفرقة نشرتها، موقفا مستهترا من الإصلاحات خلال اللقاءات التي كان يقوم بها عبد القادر بن صالح مع الأحزاب والشخصيات السياسية. ورغم تزامن العمليات الأمنية ضد الجماعات الإرهابية، من خلال تحكم القوى الأمنية في زمام الأمور خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، بالإضافة إلى الاعتداءات الإرهابية ضد أفراد الجيش والشرطة، وفرق الدفاع الذاتي بدءا من الأسبوع الثاني، مع جدل الإصلاحات بشكل يوحي بأن ما يحدث في القاعدة ما هو إلا انعكاس لصراع فوقي، إلا أن عديد الخبراء يرفضون هذه الفرضية بالتمام لوجود معطى يعتقدون بأنه الجواب الفصيح للتصعيد الأمني اللافت خاصة في تيزي وزو وبومرداس والبويرة، ويتعلق الأمر بمحاولة الجماعات المسلحة الانتقام من العملية التي قام بها أفراد من الجيش الشعبي الوطني، بصد هجوم انتحاري كان ثلاثة انتحاريين ينوون القيام به في العاصمة يوم 25 جويلية المنصرم، وفجروا أنفسهم لما تم إيقافهم من قبل أفراد الجيش، ويفسر تزامن الأعمال الإرهابية مع جدال الإصلاحات، رغبة القاعدة في حجز حضور سياسي دائم، موازاة مع سعيها للقيام بعمليات نوعية تضمن لها دعاية ناجحة. ويعتبر العديد من الأحزاب السياسية أن متغير الوضع الأمني يلعب دورا هاما في مدى بلوغ الإصلاحات منتهاها، بينما ألحت تشكيلات سياسية على وجوب استكمال الإصلاحات، بدءا بالإفراج عن التقرير المتعلق بالمشاورات السياسية، ثم الانطلاق فيها مباشرة، من أجل تنقية الأجواء السياسية وإحداث ما تسميه رئيسة حزب العمال لويزة حنون بالفرز السياسي''. وبالنسبة لتشكيلات حزبية، بات الوضع الأمني ملفا ''هامشيا'' قياسا بالملف الذي اصطحبته رياح الغحتجاجات التي بدأت شهر جانفي الماضي، ويتعلق الأمر بملف الإصلاحات لكنه يعد واحدا من الملفات التي يجب أن تقفل من أجل مرحلة سياسية جديدة. وعبر أبو جرة سلطاني، رئيس حركة مجتمع السلم، في ندوة صحفية الأسبوع الماضي عن عدم معارضته ترشح منتمين سابقين لجبهة الإنقاذ المحلة، ودعا الإدارة إلى الانسحاب من دراسة ملفات الترشح وإسنادها للقضاء المخول بصلاحية منحهم ترخيص الترشح أو منعهم من ذلك. ويعد شهر رمضان متغيرا ثالثا في تزامن التصعيد الأمني مع الإصلاحات السياسية، والمطالبة بالشروع فيها، إذ عادة ما تسود مخاوف من تصعيد في الأعمال الإرهابية خلال هذا الشهر، وإن كان الموسوم الرمضاني الفارط لم يشهد أعمالا إرهابية لافتة كثيرا، وهناك من يعزل تماما التصعيد الأمن الأخير عن الجانب السياسي المرتبط بالإصلاحات، على خلفية أن الجماعات الإرهابية كانت تحضر تلقائيا لهجمات إرهابية وصل بها الوقت إلى استعمالها خلال هذه الفترة، بعد هدوء ميز الأشهر والأسابيع الماضية إلا ما تعلق بضربات متفرقة.