نفت الجزائر أنباء مصدرها المعارضة الليبية المسلحة، دخول معمر القذافي إلى الجزائر هاربا بعد سقوط طرابلس في أيدي المسلحين. ونفت في وقت سابق أخبارا من نفس المصدر حول دخول عائشة القذافي، وواجهت حملة دبلوماسية كبيرة فيما سمي بإيفاد مرتزقة لدعم الزعيم الليبي، مما يؤشر على أن علاقات الجزائر مع حكام ليبيا الجدد سيميزها التوتر، على الأقل في بدايتها. ذكر مسؤول الإعلام بالمجلس الوطني الانتقالي، محمود شمام، دقائق بعد دخول عناصر المعارضة المسلحة إلى طرابلس الليلة الماضية، أن معمر القذافي ''موجود حاليا على الحدود الجزائرية''. وقال بأنه ''يحذَر الجزائر من استقباله على أراضيها''. ونقلت مصادر إعلامية تعمل لحساب المعارضة، أن المجلس تأكد بفضل استخباراته من وجود القذافي على الحدود الجزائرية. وتم التعرف على ذلك، حسبه، من خلال كلمة صوتية ألقاها القذافي سمحت بتحديد مكان وجوده. وراجت أخبار مناقضة لرواية المجلس الانتقالي حول مصير القذافي، إذ ذكر واحد من المتحدثين باسم المعارضة المسلحة أنه لا يزال في طرابلس. ونفت وزارة الخارجية الجزائرية في اتصالات هاتفية جرت مع صحافيين جزائريين الليلة ما قبل الماضية، وجود القذافي على الأراضي الجزائرية. لكن لم يرد موقف رسمي حول هذا الأمر، وهو في حد ذاته موقف دافع عنه وزير الخارجية مراد مدلسي في وقت سابق، مفاده أن الجزائر لن ترد بصفة آلية على كل إشاعة يروجها المجلس الوطني الانتقالي. ويندرج خبر هروب القذافي إلى الجزائر، غير المؤكد، في إطار حرب إعلامية ودبلوماسية حادة بين المعارضة المسلحة في ليبيا والجزائر، سببها في نظر مراقبين محايدين موقف جزائري غير حازم وغير واضح إزاء الوضع في ليبيا. وترك تعاطي الجزائر مع الملف الليبي المتفجر، الانطباع بأنها تدعم نظام العقيد. وقد سببت تهمة دعم القذافي بالمرتزقة والسلاح، صداعا للجزائر التي اختارت منذ البداية الانخراط في خارطة طريق أعدها الاتحاد الإفريقي، سعت إلى وقف إطلاق النار وترتيب مفاوضات بين الطرفين المتحاربين. وعلى عكس موقف الجزائر، كانت غالبية دول العالم، والعرب في مقدمتهم، متفقون على تنحي القذافي. وتحدث الوزير مدلسي في تلك الأثناء، عن ''مناورات مشبوهة تدخل في إطار أجندة يجري تنفيذها منذ زمن، لا علاقة لها بالوضع الليبي''. ولم يوضح مدلسي ما يقصد بالتحديد، لكنه ألمح إلى طرف أو أطراف من الخارج، تستهدف الجزائر من خلال قضية المرتزقة. وفهم من هذه التصريحات أن الجزائر مستاءة من الرعاية اللوجستية والدبلوماسية التي توفرها فرنسا للمعارضة. ولا يفهم منذ اندلاع الأحداث في ليبيا، سبب رفض السلطات الجزائرية أن يكون لها موقفها الخاص من الأزمة، وفضلت الاحتماء بمظلة الاتحاد الإفريقي. ولا سبب التخلي عن اتحاد المغرب العربي كإطار لحل الأزمات داخله دوله ولصد التدخل الأجنبي في شؤون أعضائه الداخلية. ومن الواضح أن العلاقة بين الجزائر وحكام ليبيا الجدد سيطبعها التوتر على الأقل في بدايتها، بسبب مخلفات التراشق بين الطرفين في قضية المرتزقة. ولكن هذه القضية لن تكون العنصر الوحيد الذي يسمم العلاقات في المستقبل. فالربط الذي أحدثته الجزائر بين تداول السلاح واستغلاله من طرف تنظيم القاعدة، يحمل اتهاما ضمنيا للمعارضة بالاستعانة بالإرهابيين في حربهم ضد القذافي وفي مسعى أخذ السلطة.