بعض الذين خدموا السلطات الفاسدة لسنوات طويلة، وأكلوا من خير فسادها، وصرفوا على ملذاتهم ومشاريع أبنائهم المليارات المسحوبة من دماء الشعوب وأقواتها.. هؤلاء يا سبحان الله لديهم إحساس عجيب، وحدس مدهش، فهم مثل فئران السفينة، يستشعرون خطر الغرق قبل حدوثه بفترة، مما يتيح لهم القفز من السفينة، ومن ثم التحول إلى المعارضة. هكذا.. بقدرة قادر، تصحو ضمائرهم فجأة بعد أن انغمسوا سنوات في تكريس الفساد والقمع والإقصاء، ثم يعلنون توبتهم عن السلطة، أو يعتزلون الحياة السياسية، محتفظين ب''فتات'' المليارات التي حصلوا عليها خلال تواجدهم في السلطة. وكي لا نشكك في النوايا، لنفترض أن الحس الوطني في هؤلاء استيقظ، وصحت ضمائرهم، فإن الفرصة أمامهم لإثبات حسن النية، فليعيدوا إلى الشعب الأموال التي نهبوها، وبعدها سنصدقهم، ونقتنع بأنهم لم ينشقوا عن النظام لأنه في ورطة أو شارف على الغرق، وبأنهم لم يخرجوا فعلا مسرعين من باب ''طوارئ'' السلطة الآيلة للسقوط ليعودوا من نافذة المعارضة.