ترتبط مهنة رجل الحماية المقربة بودي غارد بتأمين حياة الوزراء، والولاة، ووكلاء الجمهورية، والشخصيات السياسية والوطنية. والخطأ في هذه المهمة الحساسة غير مسموح به، وقد يضطر هؤلاء الحراس الشخصيين إلى التضحية بأنفسهم من أجل منع وصول الضرر للشخصيات التي تشملها الحماية. وفي هذا السياق تشير سجلات مصلحة الأمن والحماية المقربة إلى تعرض 28 منهم للاغتيال أثناء تأدية مهامهم خلال الفترة الممتدة ما بين 2007/1993 في هجمات إرهابية استهدفت شخصيات سياسية ووطنية، وكذا مقرات حكومية. آخرهم كان بين ضحايا التفجير الإرهابي الذي استهدف قصر الحكومة اغتيال 28 حارسا شخصيا أثناء تأدية المهام منذ 1993 كشف رئيس مصلحة الأمن والحماية المقربة التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، عميد شرطة مهيدي مهدي، في حديثه ل''الخبر''، عن اغتيال 28 شخصا أثناء أداء وظيفتهم، آخرهم حكيم كحول، الحارس الشخصي للوزير السابق للداخلية والجماعات المحلية نور الدين يزيد زرهوني، الذي اغتيل في التفجير الإرهابي الذي استهدف مبنى قصر الحكومة في أفريل .2007 وهو نفس المصير الذي لقيه، في بداية سنوات الإرهاب، زميله جمال ريغي عندما ضحى بحياته لحماية وزير العمل والضمان الاجتماعي آنذاك الطاهر حمدي، بعد تعرض موكبه في 1993 إلى اعتداء إرهابي، وقد لفظ أنفاسه الأخيرة بمستشفى عين النعجة العسكري. ورغم أن هذه المهنة مفتوحة على كل المخاطر، فإن رجل الأمن والحماية المقربة لا يتقاضى منحة الخطر، فالراتب الشهري يتراوح ما بين 35 ألف و60 ألف دينار، ويتحدد وفق الرتب في سلك الشرطة، والأقدمية في جهاز الأمن. ويرى البعض بأن المقابل المالي زهيد بالنظر إلى التضحيات التي يتطلبها هذا النوع من المهمات الخاصة، التي يترتب عنها، إلى جانب المتاعب الجسدية والذهنية، متاعب صحية، حيث أن معظم رجال الحماية المقربة يعانون من ''عرق نسا'' الناجم عن وضعية الوقوف المطول في المؤتمرات والملتقيات، فضلا على إصابة الكثير منهم بالأرق، بالنظر إلى الإجهاد في العمل، وما يصاحبه من قلق يظل يلازمهم طوال فترة مرافقتهم للوزراء والمسؤولين، وهم على يقين بأنهم دروع بشرية تضمن سلامة المسؤول حتى يعود إلى بيته. ويأمل ''رجال السماعات'' أن ينصفهم القانون الأساسي للشرطة في ضمان راتب شهري ومعاش محترم، عند تقاعدهم من مهنة يحمون بها الآخرين، ولا يجدون فيها حماية لأنفسهم وذويهم. ولفت حراس شخصيون للوزراء بأنه بفضل تجند رجال مصلحة الأمن والحماية المقربة لم يتعذر على أي عضو من أعضاء الحكومة التنقل عبر كامل ولايات الوطن، رغم الظروف الأمنية التي كانت تعرفها بعض الولايات في وقت سابق، وخصوصا بومرداس وتيزي وزو في الوقت الحالي.
شاهد من أهلها رئيس مصلحة الأمن والحماية المقربة ل''الخبر'' ''حسن التصرف في الوقت المناسب شرط أساسي لحماية الشخصيات'' عدّد رئيس مصلحة الحماية والأمن العميد، مهيدي مهدي، في تصريح ل''الخبر''، الشروط والمواصفات الواجب توفرها في رجال الأمن المكلفين بمهمة حماية الشخصيات، والمقدر عددهم ب600 عنصر حماية، من ذلك اللياقة البدنية، حب الوظيفة، والاستعداد لتقديم تضحيات في سبيل هذه المهنة، والقدرة على تحمل كل الصعاب التي تعترض حياة الشخصية المشمولة بالحماية. كيف تعرّفون مهنة الحماية المقربة؟ هي عبارة عن تشكيل أمني يتكون من 03 إلى 05 أفراد مؤهلين لحماية شخصية وطنية أو عضو في الحكومة، ويخضع هؤلاء الحراس لتربص عقب انتقائهم من مدارس الشرطة التي تخرجوا منها، ويستعين هؤلاء في مهامهم بأدوات تقنية وأخرى لوجستية. ما هي الشروط الواجب توفرها لممارسة مهمة حماية الشخصيات الوطنية والأجنبية؟ من بين الشروط الواجب توفرها لممارسة هذه المهنة اللياقة البدنية، حيث لا تقل قامة رجل الأمن عن 75,1 مترا، ولديه الإرادة وشخصيته تميل للوظيفة، والاستعداد لكل التضحيات، وتقديم تنازلات تكون على حساب حياته الشخصية والأسرية، ويكون على أتم الاستعداد للعمل في كل الأوقات، إضافة إلى الهيئة والقوام والتحلي بالسلوك الراقي. ما هي التعليمات المقدمة ليكون رجل الأمن في حالة استنفار؟ التصرف بسرعة في حال تعرض الشخصية التي يحميها للخطر، دون الاتصال بالمصلحة للحصول على التعليمات، بل يتصرف كما تدرب، سواء باستخدام اللياقة البدنية أو الحقيبة الواقية من الرصاصة، بينما يلجأ إلى السلاح في حالات نادرة. قتل في الاعتداء الإرهابي على قصر الحكومة الوزير يزيد زرهوني يذرف الدموع على حارسه حكيم كحول خلفت الاعتداءات الإرهابية التي كانت تستهدف رجال الحماية المقربة، منذ بداية التسعينات، 28 قتيلا، لقوا حتفهم أثناء أداء وظيفتهم. وأول الضحايا هم عكاشة محمد، لواني محمد سمير، وميهوبي محمد، والذين كانوا على متن سيارة الفرقة الخاصة التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني التي تم استهدافها في كمين إرهابي بحي بوزرينة في القصبة سنة .1993 وسجل مكتب التنقلات الرسمية، عقب ذلك، أي في الفترة التي سبقت تحولها إلى مصلحة، اغتيال جمال ريغي الحارس الشخصي لوزير العمل والضمان الاجتماعي الطاهر حمدي في سنة 1993، عندما اعترضت موكب الوزير جماعة إرهابية عقب خروجه من مكتبه بساحة أول ماي بالعاصمة، حيث تم مهاجمة الموكب الوزاري بضواحي شارع غرمول بطلقات رشاش حيث أصيب جمال ريغي بأربع رصاصات استقرت واحدة منها في القلب ليفارق الحياة قبل وصوله إلى مستشفى عين النعجة، بينما أصيب الوزير بجروح في أصابعه حسب رواية ''ح. مصطفى''، وهو حارس شخصي كان يعمل مع الفقيد جمال ريغي، وقال بأن الضحية ظل يقاوم إلى آخر لحظة، حيث كان يرد على طلقات الإرهابيين بمسدسه لضمان سلامة الوزير، لكن الإصابة كانت أكبر من أن يتحملها جسده، فمات وهو يوصى بأمه خيرا. ويروي ''ش. م'' حارس شخصي لعدد من الوزراء تفاصيل مقتل زميليه في الفوج، هوام ناصر وبجاوي عبد الحميد، ضمن الفوج الذي كان يتولى آنذاك حراسة وزير الشؤون الدينية والأوقاف عبد الحفيظ أمقران، حيث تعرضا في طريق عودتهما إلى البيت بضواحي الحراش، في جانفي 1994، لهجوم إرهابيين أطلقوا النار عليهما، فقتل هوام ناصر على الفور، بينما توفي زميله عبد الحميد قبل وصوله إلى مستشفى بلفور بالحراش. وبمقتل حكيم كحول، الحارس الشخصي لوزير الداخلية السابق نور الدين يزيد زرهوني، في التفجيرات التي استهدفت قصر الحكومة في أفريل 2007، تكون مصلحة الأمن والحماية المقربة قد فقدت رجلا فريدا في عمله وسلوكه وإخلاصه لمهنته، ما جعل نور الدين يزيد زرهوني، والمدير العام السابق للأمن الوطني علي تونسي، يذرفان الدموع أثناء تشييع جنازته. ويذكر توفيق، أحد زملاء حكيم في الفوج، بأن الراحل كان مثالا للإخلاص والتفاني في العمل. ويروى ل''الخبر'' اللحظات الأخيرة قبل اغتياله، حيث قال ''وصل إلى قصر الحكومة مرافقا لوزير الداخلية، وبقي في مكتب ديوان الوزير. لحظات بعد ذلك تلقى مكالمة هاتفية من قاعة الاستقبال تخبره بوجود شخص يطلبه بغرض مساعدته على إعداد بعض الوثائق بالوزارة، وفور نزوله إلى المكتب نسف الانفجار مدخل قصر الحكومة. لينزل خبر مقتل كحول، مناصر المولودية العاصمية وابن بلدية الأبيار، كالصاعقة على زملائه وزوجته وأمه. ورغم مرور أربع سنوات على اغتياله لا يزال ظله لا يفارق كل من عرفوه. ئ؟ بورتري مجيد بوقرة عمل مع 5 وزراء طيلة 18 سنة ''أنقذتُ مسؤولا ساميا من كمين إرهابي'' اسمه مجيد بوفرة، لكنه ليس لاعب كرة قدم محترف في الفريق الوطني، بل ''بودي غارد'' محترف، وهو عميد الحراس الشخصيين، عمل مع أزيد من خمسة وزراء.. خبرته فاقت ال18 سنة في حماية المسؤولين في الدولة، منذ بداية التسعينيات، فرغم أن سنه يتجاوز 50 عاما لكن ممارسته للرياضة تظهره في كامل لياقته البدنية، وهو يؤمّن حياة أحد أهم وزراء حكومة أحمد أويحيى. اعترف مجيد بوفرة، الحارس الشخصي لوزير المالية كريم جودي، في حديث خص به ''الخبر''، بصعوبة مهمة ''رجال السماعات'' في الفترة ما بين 1994 و1999، حيث كانت الظروف الأمنية التي عاشتها الجزائر آنذاك تتطلب اليقظة، حيث كان مجيد بوفرة يتولى في تلك الفترة حراسة وزير المجاهدين، الذي كان كثير التنقل بين مختلف ولايات الوطن في إطار شرح قانون الرحمة وتدابير المصالحة بعد ذلك. وأشار إلى أن طبيعة العمل تفرض أحيانا على الحارس الشخصي تمضية 24 ساعة مع وزير، وبعيدا عن عائلته الصغيرة التي يزورها فقط لتغيير بدلته، ويعود للعمل، فضلا على الأرق والتعب الذي يظل يلازمه، بسبب البرنامج المكثف للشخصية التي يتولى حمايتها. ويروي مجيد بوفرة، وهو عميد حراس الوزراء، كما يلقبه زملاؤه في المصلحة، تفاصيل إنقاذ شخصية بارزة كان يتولى حمايتها من موت محقق، بعدما كانت في فترة التسعينيات مستهدفة، حيث كان المسؤول متوجها إلى ولاية البويرة في زيارة عمل وتفقد، وحسب المعلومات التي وصلته فإن الإرهابيين نصبوا له كمينا عند مدخل الولاية في حدود الساعة ال 10 صباحا، مما دفعني، يقول مجيد بوفرة، إلى تعمد الوصول إلى بيت تلك الشخصية متأخرا حتى يصل إلى ولاية البويرة في حدود 11 صباحا، أي بعد الوقت المحدد للزيارة، وهو ما تم فعلا، ونفذت الجماعة الإرهابية هجومها في الموعد المحدد مسبقا، 10 صباحا، ما تسبب في قتل وجرح عدة مواطنين. ورفض مجيد الخوض في كثير من تفاصيل مهنته، كونها تدخل في خانة أسرار المهنة، وتتطلب منه واجب التحفظ.