الأمن العسكري يطلق تحقيقا لتحديد الثغرات الأمنية - الخاطفون انقسموا إلى جماعتين لتنفيذ العملية الأمن يشتبه في سيارة تعقبت أثر موكب الوالي قبل اختطافه أفادت مصادر مقربة من وزارة الداخلية أن السلطات الليبية تمكنت، أمس، في التراب الليبي، من تحرير والي ولاية إليزي، السيد محمد العيد خلفي، الذي سيتم تسليمه ''عاجلا'' للسلطات الجزائرية. وأكد نفس المصدر أنه تم توقيف المختطفين على بعد 150 كلم من الحدود الجزائرية داخل التراب الليبي، مضيفا أنه سيتم تسليم الوالي ورئيس تشريفاته إلى السلطات الجزائرية عند المركز الحدودي بالدبداب (جنوب شرق الجزائر). تم إطلاق سراح والي إليزي، محمد العيد خلفي، حسب بيان نشرته وكالة الأنباء الجزائرية، بعد تحريره من قبل قوات يرجح أنها تابعة لمجلس ثوار الزنتان وترابط في موقع قرب غدامس الليبية، غير بعيد عن الحدود الجزائرية. وكان إبراهيم غومة، أحد أعيان المنطقة، قد صرح ل''الخبر'' أنه تم الإفراج فعلا عن الوالي، دون أن يقدم أي تفاصيل أخرى بشأن المفاوضات مع الخاطفين. وقبل ذلك، أصدرت وزارة الداخلية بيانا، في الساعات الأول من نهار أمس، أكدت فيه خطف والي ولاية إليزي من قبل ثلاثة مسلحين، قرب الحدود الليبية، قالت إنهم ''معروفون''، دون أن تكشف عن هويتهم أو إن كانوا تابعين لأمير كتيبة طارق بن زياد، غدير محمد المكنى ''عبد الحميد أبو زيد''، النشطة تحت راية الفرع الصحراوي ل''القاعدة''، وهو ما يطرح علامة استفهام حول الجهة الواقفة وراء عملية الاختطاف، بالنظر إلى السرعة التي تمت بها عملية الإفراج عن الوالي، حيث لم يدم اختطافه سوى يوم واحد. وأفيد أن الوالي محمد العيد خلفي تمكن من الاتصال بعائلته من منطقة ما لم يتم تحديدها. وحسب بيان وزارة الداخلية، فإن عملية الخطف جرت بمنطقة تيمروالين (على بعد 80 كلم من الدبداب)، ''في حدود الساعة الرابعة مساء، عند عودته من مهمة عمل وتفقد روتينية ببلدية الدبداب (إليزي). وبعد لقاء جرى بهذه المنطقة شارك فيه محمد العيد خلفي (والي إليزي) ورئيس المجلس الشعبي الولائي ورئيس دائرة عين أمناس وكذا رئيس المجلس البلدي للدبداب وممثلو المجتمع المدني، تم اعتراض سيارة الوالي بمنطقة تيمروالين من قبل ثلاثة شبان جزائريين مسلحين تم تحديد هويتهم''. وأضافت أن ''رئيس المجلس الشعبي الولائي والمكلف بالبروتوكول وسائق والي ولاية إليزي قد تم إطلاق سراحهم، بينما احتفظ الخاطفون بالوالي واقتادوه نحو الحدود الجزائرية الليبية''. وقد عثر على سيارته مهجورة غير بعيد من مكان الاختطاف. وقال النائب في البرلمان عن ولاية إليزي وأحد أعيان المنطقة، إبراهيم غومة، ل''الخبر''، عصر أمس، إن مقاتلين تابعين لقوات الزنتان التي ترابط قرب غدامس الليبية، حررت الوالي، على أن ''يصل الحدود الجزائرية في ساعة متأخرة من الليل''. واستغرب مراقبون كيف تمكن الخاطفون من مهاجمة موكب الوالي، الذي عادة ما ترافق تنقلاته حماية أمنية مشددة ومرافقة دائمة من الحرس الخاص وقوات الدرك والشرطة. وفتحت جهات أمنية تحقيقات في ظروف الحماية التي أحاطت بالوالي أثناء رحلة عودته. وقالت ل''الخبر'' إن محيطه تحجج بأوامر الوالي نفسه بألا يحاط تنقله بحماية مفرطة لعدم تأجيج مشاعر الغضب أكثر مما هي عليه، وكان محمد العيد خليفي قصد بلدية الدبداب لمحاولة تهدئة احتجاجات تستمر منذ أسابيع من قبل أفراد عائلة (غدير)، وسبق وهدد أقارب ''أبو زيد'' بمواجهات عنيفة ضد السلطات المحلية وقدموا مهلة زمنية لأجل الإفراج عن معتقليهم. وكانت محكمة الجنايات بمجلس قضاء الجزائر قد أصدرت، مطلع الشهر، حكما غيابيا بالسجن المؤبد، في حق غدير محمد، المدعو ''عبد الحميد أبو زيد''، في القضية التي أثارت غضب العائلة في ''الدبداب''، كما حكمت بأحكام متفاوتة في حق عشرة آخرين. ولم يصدر أي تعليق عن الفرع الصحراوي ل''القاعدة''، ويقود ''أبو زيد'' إحدى الكتائب الأربع المشكلة للفرع الصحراوي، واشتهرت كتيبته ''طارق بن زياد'' بتنفيذ عمليات خطف ضد الغربيين. جنرال من أركان الجيش أشرف على تنسيق أعمال البحث سيارات دفع رباعي نقلت خاطفي الوالي إلى عمق الأراضي الليبية أجرى مسؤولون عسكريون من الجيش ومصالح الأمن المتخصصة في مكافحة الإرهاب، أول اتصال مباشر مع قادة من قوات الثوار التابعين للحكومة الليبية، في مكان قرب برج مسعود، على الحدود الجزائرية الليبية المشتركة، لتنسيق عملية البحث عن خاطفي والي إليزي. وفي ذات الوقت، تنقل ضباط من مصالح الأمن إلى الدبداب للقاء أعيان من قبيلة ''الغديرات'' لبحث إمكانية الإفراج عن الوالي. وطلبت الجزائر من قادة الحكومة الليبية تسهيلات عسكرية لمطاردة خاطفي والي إليزي، ومنها السماح لطائرات استطلاع جزائرية بالتحليق فوق الأراضي الليبية. وأجرى ضباط عسكريون جزائريون اجتماعات تنسيق أمنية مع قادة من ثوار ليبيا، في منطقة برج مسعود، على الحدود الجزائرية الليبية، لتنسيق عمليات البحث العسكرية التي يشارك فيها المئات من الجنود الجزائريين، المعززين بطائرات قتال ومروحيات عسكرية. وتشير معلومات وفرتها مصادر محلية ل''الخبر''، إلى أن الاتصال تم بعد وساطة واتصالات على أعلى مستوى. وتم خلال اللقاء بحث معلومات حول مسار سيارة دفع رباعي يعتقد بأنها نقلت الخاطفين إلى داخل الأراضي الليبية. وكشف مصدر عليم بأن الجانب الجزائري طلب معلومات دقيقة من طرف قادة ثوار ليبيا، حول تحركات بعض المهربين المطلوبين من طرف القضاء والذين يعتقد بأنهم موجودون في ليبيا. وأفادت مصادر ''الخبر'' أن الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش، شكل، صباح أمس، قيادة عمليات قتالية يقودها جنرال من أركان الجيش، تتولى تنسيق عمليات البحث برا وجوا عن آثار مختطفي الوالي. وذكرت المصادر بأن أركان الجيش ومديرية الاستعلامات والأمن شكلتا لجنة تحقيق عالية المستوى للتحقيق في الثغرات الأمنية التي أدت إلى وقوع عملية الاختطاف وإفلات الخاطفين من موقع لا يبعد عن بلدية الدبداب سوى ب45 كلم. وأوفدت وزارة الداخلية والجماعات المحلية محققين للوقوف على الثغرة الأمنية التي سمحت باختطاف الوالي. وشرع مختصون من مديرية الاستعلامات العسكرية في التحقيق وجمع الأدلة حول عملية الاختطاف. وشرعت قوات متخصصة في مكافحة الإرهاب، مساء الإثنين، في عملية تمشيط مناطق واسعة من هضبة تينهيرت المجاورة للحدود الليبية، بحثا عن الخاطفين والرهينة. ويعتقد المحققون أن الخاطفين سلكوا أحد مسارين، إما عبر هضبة فدونو باتجاه الحدود النيجرية أو عبر منطقة تان أملال للوصول إلى ليبيا. ويحتاج الخاطفون، إذا أرادوا الوصول إلى شمال مالي أو النيجر، إلى ثلاثة أيام على الأقل يضطرون خلالها للسير ليلا. والي إليزي أرفع مسؤول جزائري تختطفه جماعة إرهابية ويعمل مختصون من وزارتي الداخلية والدفاع، بالتنسيق مع أجهزة الأمن الأخرى، على تقييم الضرر الذي أحدثه وقوع مسؤول رفيع بحجم وال، على الأمن الوطني. وقدرت المصادر بأن الاختطاف بالغ الأثر بحكم موقع الوالي الذي يكون مطلعا على الكثير من خفايا وملفات الأمن، وإجراءات السلامة في الحدود الشرقية وفي الجنوب، وهو بالتالي كنز معلومات قد يستغلها عبد الحميد أبو زيد، وستضطر أجهزة الأمن والجيش لتغيير الكثير من الأوضاع والإجراءات لمنع استغلال المعلومات التي بحوزة الوالي من قبل الإرهابيين. تحقيق واتصالات مع أقارب أبو زيد وكان مسؤولون وإطارات من أجهزة الأمن قد باشروا الاتصال بأعيان من قبيلة غديرات، للتوصل إلى الإفراج عن الوالي المختطف. وكشف مصدر عليم بأن المحققين يميلون إلى وجود صلة قوية بين احتجاج أقارب عبد الحميد أبو زيد بعد إدانة عدد منهم بدعم الزعيم الإرهابي (حكم على 10 منهم بالسجن يوم 2 جانفي الجاري). كما يميل المحققون إلى أن بعض المقربين من أبو زيد شاركوا في تنفيذ العملية. وكانت مصالح الأمن قد أكدت وقوع اتصالات بين الإرهابي أبو زيد ومهربين مطلوبين للعدالة، من منطقة الدبداب وحذرت من استغلال أبو زيد للمهربين. من جهة أخرى، استرجعت وحدات متخصصة في مكافحة الإرهاب، في ساعة مبكرة من صباح أمس، سيارة والي إليزي المختطف في المكان المسمى ''بونين''، وقد بدت عليها آثار تعرضها للتخريب. ويتابع ألفا جندي من الوحدات الخاصة ضمن كتيبتي صاعقة وقوات من الدرك، البحث عن آثار الخاطفين الذين يعتقد أنهم كانوا ضمن مجموعتين قامتا، على الساعة الرابعة من مساء الإثنين، بخطف الوالي الذي كان على الطريق الوطني رقم 3 الرابط بين بلدية الدبداب ووسط ولاية إليزي. وكشف مصدر على صلة بالتحقيق الأمني الذي باشرته مصالح الأمن بعد عملية الخطف، بأن المسؤولين في وزارة الداخلية والجيش ومصالح الأمن، تأكدوا، على الساعة السادسة من يوم الاختطاف، بأن الوالي تعرض لعملية خطف. كان ذلك بعد أن عاد رئيس المجلس الشعبي الولائي ومرافقو الوالي الذين أطلق سراحهم. وتشير مصادرنا إلى أن مصالح الأمن تبحث في كل مكان عن سيارة صغيرة من صنع آسيوي، استغلت في مراقبة سيارة الوالي منذ أن غادرت مقر الضيافة في بلدية الدبداب، إلى أن وقعت عملية الاختطاف. وقام ركاب السيارة المشبوهة بمراقبة سيارة الوالي، وإرشاد مجموعة الاختطاف الرئيسية التي كانت على متن سيارة ''تويوتا ستايشن'' في منطقة تبعد عن الدبداب بنحو 45 كلم. وذكر المصدر الأمني بأن التحقيق توصل إلى أن السيارة التي كان يستقلها ثلاثة شبان راقبت موكب الوالي في الدبداب، ثم تتبعته على مسافة تبعد ب3 كلم، إلى أن حاصرت سيارتان سيارة الوالي وأجبرتاها على التوقف.