تدخل المفاوضات الخاصة بمراجعة القانون الأساسي للتربية، ابتداء من اليوم، منعرجا حاسما، تمتحن فيه النقابات، مدى ''جدية'' الوصاية في تطبيق مقترحاتها المتعلقة أساسا بالإدماج والتصنيف والترقية، ويعتمد الشركاء على ''قوة'' الوزارة في إقناع مصالح الحكومة بتبني هذه المقترحات، لتجنيب القطاع شللا كليا بعد العطلة. يلتقي رؤساء نقابات التربية، اليوم، بمسؤولي كل من وزارة التربية والمالية في حضور مصالح الوظيفة العمومية، لوضع آخر اللمسات على مسودة مراجعة القانون الأساسي، تحسبا لإيداعها على مستوى الحكومة، واشترطت الوصاية على شركائها الاجتماعيين حضور رؤساء النقابات بالنظر إلى أهمية الاجتماع، باعتباره الأخير قبل الخروج بوثيقة موحدة وشاملة لجميع المقترحات. وقال رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية، الصادق دزيري، في هذا الإطار، بأن ممثلي المالية والوظيفة العمومية، سيقدمون اليوم إجابات على مختلف انشغالات النقابات، المتضمنة في اقتراحاتها، وسيتم تبرير كل رد، يضيف محدثنا، لإقناع ممثلي مستخدمي القطاع من مختلف الأسلاك بموقف هاتين المصلحتين ومدى تجاوبهما مع المطالب المطروحة، خاصة ما تعلق بالترقية والتصنيف والإدماج. وبناء على ذلك، تتفق النقابات على أنه لا مجال أبدا للتراجع عن هذه المطالب، حسب ما جاء على لسان الصادق دزيري. وإن كان محدثنا، قد أكد بأن الوصاية أبدت استعدادا كبيرا لرفع الإجحاف المتضمن في القانون، إلا أنه شدد بالمقابل، على أن ''اينباف'' ستعمل ما في وسعها لتوحيد مضمون الوثيقة، لتكون في مستوى تطلعات الأسرة التربوية. وتتخوف النقابة من مصير المسودة، بعد وصولها إلى مصالح الحكومة. وتساءل محدثنا ''هل ستتبنى اللجنة الحكومية المختصة كل ما في الوثيقة..؟''. تساؤل سترد عليه وزارة التربية خلال لقاءات ستجمعها مع شركائها عقب إيداع المسودة الخامسة، لإطلاعهم على تفاصيل مفاوضاتها مع أطراف هذه اللجنة. وهو نفس الموقف الذي تتبناه الاتحادية الوطنية لعمال التربية لنقابة ''السناباب''، التي شددت على لسان رئيسها لغليظ لعموري، بأنه لن يقبل أي ''تهاون'' من قبل الوصاية في تمرير مقترحات ممثلي مستخدمي القطاع، وقال بالمقابل إن نقابته تصر على فتح ملف الأسلاك المشتركة، على غرار ما هو حاصل مع القانون الأساسي. وحسب محدثنا، فإن الأعوان المنتمين إلى القطاع، يقومون بنفس المهام لكنهم يعانون إجحافا كبيرا فيما يخص الأجور وكذا نظام المنح والتعويضات، على غرار أعوان المخابر الذين تعرضوا ل''تلاعب'' من نوع خاص، بعد أن استجابت مصالح الوصاية لمطلب إدماجهم في القطاع، دون أن يستفيدوا من نفس نظام التعويضات المطبق على جميع مستخدمي التربية، ما اعتبره تراجعا كبيرا لالتزامات الوصاية. من جهته، قال فرحات شابخ، عضو الاتحادية الوطنية لعمال التربية، إن الوزارة تسعى لربح الوقت والتماطل في ملف القانون الخاص، مشيرا إلى أنها في كل أسبوع تؤكد أنه الأخير لرفع الاقتراحات لمصالح رئاسة الحكومة. وأضاف أن القانون 90/49 أحسن بكثير من القانون 315/08 كون القانون الأول كان يضمن للموظف الترقية، أما القانون الحالي فقد أوصد أبوابه أمام ترقية الموظف وأصبح الاهتمام بالشهادة، لكن الشهادة برأي فرحات شابخ لا تعني الكفاءة. وأكد ممثل الاتحادية أن نقابته اقترحت إعادة الاعتبار لسلك المديرين والمفتشين وإدماج معلمي الابتدائي كأساتذة التعليم الابتدائي في الصنف 11، مع إدماج معلمي المدرسة الأساسية كأساتذة التعليم المتوسط في الصنف 12، بالإضافة إلى فتح المجال للمساعدين التربويين للترقية كمستشاري التربية، وتصنيف مفتشي الابتدائي في الصنف ,16 مع إدماج الأسلاك المشتركة في القانون الخاص. وقال فرحات شابخ إنه إذا فشل اجتماع اليوم، سيتحدد موقف الاتحادية الوطنية عقب الانتهاء من الاستحقاقات الانتخابية القادمة كموقف يهدف إلى عدم الزج بالمدرسة في حالة اللااستقرار. ومن المنتظر أن يتناول اجتماع اليوم عملية دفع المخلفات المالية الناتجة عن الزيادات الأخيرة في الأجور، واقترح ممثل الاتحادية فرحات شابخ أن تدفع بداية شهر أفريل في شطر أول يمثل 27 شهرا والشطر الثاني يدفع في شهر جويلية ويمثل 20 شهرا. أما نقابة ''السناباست''، فاعتبرت اشتراط الوصاية حضور رؤساء النقابات الجلسة النهائية، دليلا على أهمية اللقاء الذي سيخرج بمسودة نهائية موحدة، تحسبا لإيداعها على مستوى مصالح الحكومة، حيث سيخصص للسماع لردود وتوضيحات ممثلي الوظيفة العمومية والمالية حول مختلف المقترحات، تحسبا لإعداد حوصلة لمشروع نهائي. غير أن ذات التنظيم حذّر وزارة التربية من غضب القاعدة، ومن أي محاولة لربح الوقت على حساب ملف مصيري ينتظره آلاف العمال، مشددا على عدم استعداده للتنازل عن أي من مقترحاته الخاصة بالترقية والإدماج وإعادة التصنيف. من جهته، قال المنسق الوطني لمجلس أساتذة التعليم الثانوي والتقني نوار العربي، بأن نقابته أعدت مقترحات معقولة وقانونية، مشيرا إلى أنه لمس، خلال آخر لقاء مع الوزارة، إرادة للنهوض بالمدرسة من قبل السلطات العليا، تكريسا لتعليمات رئيس الجمهورية التي ترجمها القانون التوجيهي للقطاع. ''الكناباست'' لديه قوة اقتراح، يقول نوار العربي، وتجربة سابقة مع مفاوضات النظام التعويضي، حيث إن الحكومة تبنت مقترحات هذه النقابة، يضيف، لأنها كانت خالية من أي استفزاز أو شعبوية، ما جعل نوار العربي يؤكد بأن التنظيم الذي يمثله، يرفض هذه الجولات المتكررة لمناقشة مقترحات النقابات، مشددا على أن اجتماع اليوم سيكون الفاصل ''لأننا منحنا للحكومة كل ما يلزم وما عليها إلا البتّ في الملف بشكل قانوني دون مزايدة أو شعبوية''.